الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : كوشنير يدعو للتهجير القسري

عمر حلمي الغول يكتب : كوشنير يدعو للتهجير القسري

عمر حلمي الغول

نبض الحياة

كوشنير يدعو للتهجير القسري

عمر حلمي الغول

لا قيمة للإنسان في نظر الرأسماليين وعملائهم ووكلاء شركاتهم من الكمبرادور، وارفع واعلى قيمة لديهم الربح والنهب والسطو واللصوصية والقرصنة على عرق شعوبهم وشعوب العالم الأخرى، وبالتالي لا قيمة لحضارة وثقافة وتاريخ وهويات الشعوب، وإذا تعارضت مصالحهم مع شعوبهم او الشعوب الأخرى، فانهم لا يتورعون عن ارتكاب أبشع الجرائم لتأمين مصالحهم، وزيادة ارباحهم، وحتى الصراع والتناحر يتم فيما بين رموز واباطرة رأس المال المالي والصناعي الاقتصادي والتكنولوجي السيبراني، وما الحروب العالمية الأولى والثانية وغيرها من الحروب الإقليمية والبينية بين الدول الا نتاج الصراع على تقاسم النفوذ في العالم، ولا شيء غير ذلك.

وما جرى ويجري في فلسطين تاريخيا أَصل له، وأوجده، وزرعه الغرب الرأسمالي الاستعماري، والهدف نهب ثروات العرب جميعا، وتعطيل دورة نهوضهم وتطورهم، وحل المسألة اليهودية للتخلص منها. لأنها كانت بمثابة كابوس في دول أوروبا الامبريالية، ولتحويلهم لأداة لتحقيق مصالحهم الاستراتيجية في الوطن العربي وعلى المستوى العالمي في الصراع مع المنافسين من الأقطاب الدولية. ولهذا حالوا حتى الان رغم مرور 76 سنة على وجود النكبة الفلسطينية دون منح الشعب العربي الفلسطيني بعض حقوقه الوطنية على ترابه الوطني في إقامة دولته. رغم صدور أكثر من ألف قرار اممي، بما في ذلك قرار التقسيم 181 نوفمبر 1947، الذي قامت على اساسه إسرائيل. لان وجود الدولة الفلسطينية يتعارض مع مصالحهم، وحتى مع مصالح بعض حلفائهم من الدول الشقيقة، الذين ساهموا بتعميق النكبة منذ العام 1948، وقبلها في ثورة ال1936/ 1939. مع ان القيادات الفلسطينية المتعاقبة سعت لمد الجسور مع واشنطن والعواصم الأوروبية المختلفة، بيد ان المصالح الاستراتيجية تتجاوز كثيرا حقوق واهداف الشعب الفلسطيني الصغير والمنكوب.

ما اردت ايراده أعلاه، له صلة بعودة اليهودي الصهيوني جارد كوشنير، صهر ومستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الى المشهد السياسي مع قرينه في ذات الإدارة بومبيو، مستشار الامن القومي السابق بعدما بات صاحب الشعر الأصفر الاوفر حظا في ان يكون مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة. وبالتالي لم تكن عودته محض الصدفة، والاهم والأخطر ما دعا اليه مستشار الرئيس السابق في محاضرة في جامعة هارفارد يوم الجمعة 8 مارس الحالي، حيث طالب نتنياهو ومجلس حربه الى ” تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى صحراء النقب او مصر”، لأكثر من سبب أولا لان “الواجهة البحرية في قطاع غزة ربما تكون “قيمة غالية”، وهو يتحدث عن البعد السياحي الاستثماري هنا؛ ثانيا يقول “إذا فكرت حتى في البناء، فإن غزة لم تكن في الواقع سابقة تاريخية (في الهدم والتطهير العرقي) لقد كانت نتيجة للحرب.” وهو يقصد ان تهجير وسحق الناس وابادتهم، ليست الأولى في التاريخ، وانما هناك سوابق كثيرة في العالم، ونسي او تجاهل، ان يعيد للذاكرة، ان اميركا نفسها أقيمت على أنقاض إبادة 105 مليون هندي أميركي من أصحاب الأرض الأصليين، وبالتالي اين المشكلة؟ لأنها في معادلة الربح والخسارة لا تساوي شيئا في بالنسبة للاستعمار المتوحش الغربي؛ ثالثا ما لم يقله كوشنير أيضا، مواصلة تنفيذ صفقة القرن، التي بدأها ترامب، والد إيفانكا زوجة كوشنير في نهاية 2017، وتصفية القضية الفلسطينية؛ رابعا أيضا لم يشر الا للواجهة البحرية، وتجاهل عن سابق تصميم وإصرار ذكر نهب النفط والغاز الفلسطيني.

وكما يعلم الجميع، كان كوشنير مستشار الرئيس السابق لملف الشرق الأوسط، وهو أحد عرابي عملية التطبيع الإسرائيلية العربية مع غرينبلات وديفيد فريدمان، وهو صاحب شركة، وشريك مع عدد من أصحاب رؤوس المال في إسرائيل وبلدان الخليج العربي، وله مصالح، فضلا عن مصلحته كيهودي صهيوني الملتزم ببرنامج عتاة اليمين الصهيوني النازي، وبالتالي تهجير الفلسطينيين الى النقب او مصر لا يمثل له ولحساباته الاجرامية أي اعتبار، هي جريمة بسيطة. ولكن لماذا للنقب؟ وهذه المرة الثانية التي يذكر فيها النقب الفلسطيني، ويفترض ان يعلم صهر ترامب، انه لو دعا نتنياهو السماح بعودة الفلسطينيين من النقب لديارهم في النقب، كان الامر مفهوما ومقبولا، وبشكل دائم. ولكن عندما يتحدث عن تهجير أبناء قطاع غزة الى النقب ولمدة محدودة، فهو يهدف الى ترحيلهم الى أوروبا او استراليا او دول اميركا الجنوبية عبر مطار رامون المعد لهذه الغاية، الامر الذي يفرض على الكل الفلسطيني رفض مبدأ التهجير القسري او الطوعي، لان ذلك خطر يهدد مستقبل القضية والوطن والشعب والاهداف والتاريخ والهوية الوطنية.

بجملة محددة، لم تكن عودة كوشنير للمشهد بالصدفة، وانما تلازمت مع فوز ترامب على جميع منافسيه من الحزب الجمهوري، وهو ما يفتح الباب واسعا امام عودته لكرسي الحكم في واشنطن في مطلع العام 2025، وإن عاد فعلى الولايات المتحدة الأميركية السلام، وإن لم يعد أيضا على الإدارة الفيدرالية برمتها السلام. لأنه سيفكك الولايات المتحدة 100 ولاية وليس 50 ولاية، ولن يكون خطره على الشعب العربي الفلسطيني والشعوب العربية فقط.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

د عبد الرحيم جاموس يكتب : ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر

ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر… احتجاجات الطلاب : من جامعة كولمبيا في أمريكا إلى طلاب …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *