الرئيسية / الآراء والمقالات / احمد المالكي يكتب : زيارات المسؤولين الامريكيين إلى الصين ..وماذا بعد ؟

احمد المالكي يكتب : زيارات المسؤولين الامريكيين إلى الصين ..وماذا بعد ؟

كاتب متخصص بالعلاقات الدولية
كاتب متخصص بالعلاقات الدولية

زيارات المسؤولين الامريكيين إلى الصين ..وماذا بعد ؟

بقلم :أحمد المالكي 

كاتب متخصص في الشؤون الامريكية والعلاقات الدولية والقضايا السياسية 

رغم الخلافات المستعرة بين الولايات المتحدة والصين تحاول واشنطن تخفيف التوتر مع الصين في إطار مسعى امريكي في عدم اشتعال الصراع مع الصين ويتحول الامر الى صراع يؤثر على اقتصاد العالم والصين تدرك ما تحاول الولايات المتحدة عمله وتدرك خطورة ان يتحول التنافس بينهما الى صراع لكن تظل التجارة والعلاقات الدبلوماسية والعسكرية في إطار غير واضح مع قيام الولايات المتحدة بفرض رسوم وعقوبات على الصين وتظل مسألة تايوان خط احمر لان الصين ترفض التدخل الامريكي ودعم واشنطن لتايوان والزيارات الاستفزازية من وجهة نظر صينية لمسؤولين امريكيين إلى تايوان وزيارات مسؤولين من تايوان إلى الولايات المتحدة وتعتبر الصين الامر تدخلا في شؤون الصين التي تعتبر تايوان جزء لا يتجزأ من الصين وتتعامل الولايات المتحدة على هذا المبدأ بسياسة الصين الواحدة لكنها تقدم صفقات سلاح بمليارات الدولارات إلى تايوان وهذا ما يجعل الصين تدافع عن محاولات تايوان الحصول على استقلالها وتهدد بانها لن تقف صامتة امام الدعم الامريكي لتايوان .

الولايات المتحدة والصين في مرحلة معقدة للغاية ورغم ذلك تقوم الولايات المتحدة بإرسال مسؤولين امريكيين إلى بكين للتهدئة وتجنب الحسابات الخاطئة وهذا ما اعلنه وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن خلال زيارته للصين في شهر يونيو الماضي وهي الزيارة الاولى لوزير خارجية امريكي منذ اكثر من خمس سنوات واستمرت الزيارة يومين والتقى خلالها الرئيس الصيني شي جينبينغ وهذه الزيارة لم تحرز تقدما بحسب بايدن الذي اعلن ان بلينكن ابدى عملا جيدا وان العلاقات بين الولايات المتحدة والصين على الطريق الصحيح لكن الزيارة لم تحرز تقدما وتحاول الصين الحفاظ على استقرار العلاقات مع الولايات المتحدة وترى إن العلاقة بينهما بحاجة إلى ان تقوم على الاحترام المتبادل والصدق ورغم ان زيارة بلينكن كانت قد تأجلت من شهر فبراير إلى يونيو بسبب اختراق المنطاد الصيني الولايات المتحدة وقامت الولايات المتحدة باستهداف المنطاد بصاروخ واسقطته لانها تعتقد ان المنطاد يقوم بمهام تجسس داخل الولايات المتحدة وهذا التصرف اغضب الصين واعتبرته إهانة ورغم لقاء جمع وزير الدفاع الامريكي ونظيره الصيني في كمبوديا اواخر العام الماضي في شهر نوفمبر ٢٠٢٢ في كمبوديا الا إن وزير الدفاع الصيني رفض مقابلة اوستن في يونيو الماضي واعلن لويد اوستن وزير الدفاع الامريكي اسفه عن رفض نظيره الصيني مقابلته في سنغافورة وهي بمثابة إهانة صينية لوزير الدفاع الامريكي .

العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ليست في افضل حالاتها وتقوم وزيرة التجارة الامريكية جينا ريموندو بزيارة إلى الصين وصلت الاحد وتستمر الى الاربعاء من اجل مناقشات بناءة حول قضايا تتعلق بالعلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتحديات التي تواجهها الشركات الامريكية ومجالات التعاون في المستقبل وهذه الزيارة هي هامة للبلدين لكن الصين لاتريد مجرد زيارات وتصريحات وتريد ان ترى افعال امريكية تخدم العلاقات بين الولايات المتحدة والصين مع تشدد امريكي حول صناعة الرقائق الإلكترونية الصينية ومحاولات عرقلة امريكية للصين في هذه الصناعة الهامة التي تقوم عليها صناعات كبرى تسهم في خدمة البشرية وترى الصين ان الولايات المتحدة تبحث عن مصالحها التجارية متجاهلة الصين التنين القادم الذي يغزو العالم ووصل إلى الشرق الاوسط في تهديد واضح للولايات المتحدة ومصالحها في الشرق الاوسط والعالم وتعمل الصين مع دول مختلفة في العديد من مشروعاتها التنموية في إطار شراكة صينية مع دول شرق اوسطية وافريقية وانهاء الهيمنة الامريكية وسطوة الدولار وهذا يقلق الولايات المتحدة مع قيام دول البريكس في التوسع وضم دول جديدة إلى عضويته والحديث عن ضرورة عملة موحدة تقضي على الدولار وتفرض عالم جديد ينهي سطوة الولايات المتحدة والغرب ويضع اسس جديدة لاقتصاد عالمي جديد .

تنتظر الولايات المتحدة ان تحقق زيارة وزيرة التجارة الامريكية تقدما ملحوظا وحل كافة المسائل الخلافية بين البلدين لكن هناك ملفات سوف تظل اكثر سخونة في العلاقات بين البلدين ومنها التهديد الامريكي للصين في بحر الصين الجنوبي والتحالف الامريكي مع دول اليابان والفلبين وكوريا الجنوبية وقامت الولايات المتحدة مؤخرا منذ ساعات بإجراء مناورات بحرية مشتركة مع اليابان والفلبين واستراليا في بحر الصين الجنوبي في إطار مسعى اليابان لمواجهة التهديد الصيني في بحر الصين الجنوبي وتعزيز التعاون منطقة المحيطين الهادئ والهندي .

زيارة وزيرة التجارة الامريكية إلى الصين ربما تفتح كافة الملفات الخاصة بالتجارة والشائكة بين البلدين والحفاظ على تنافس بعيدا عن صراع اقتصادي يكون له تأثير سيئ على اقتصاديات الدول هو هدف امريكي صيني لكن أليات التفاهم وكيفية الحفاظ على علاقة تنافسية في إطار الاحترام والصدق والحوار والاستقرار بحاجة إلى تنازل كلا الطرفين عن الكثير والانفتاح بينهما وحل كافة الخلافات التجارية لكن تظل صناعة الرقائق الإلكترونية واشباه الموصلات بحاجة إلى ان تتفهم الولايات المتحدة الرغبة الصينية بالتوسع في هذه الصناعة وان لا تقف الولايات المتحدة عقبة امام هذه الرغبة الصينية .

العلاقة بين الولايات المتحدة والصين بحاجة إلى لقاء بين الرئيسين بايدن وشي والاتفاق على علاقة تقوم على عدم التصادم بين اكبر دولتين في العالم ولابد ان يكون اللقاء نواة لوضع علاقة قائمة تقوم على التواصل المباشر والحوار والتعاون والتنسيق المشترك في كافة الملفات سواء التجارية او العسكرية والابتعاد عن القضايا الشائكة التي يمكن ان تجعل العلاقات في حالة جمود وقد تصبح حربا باردة ولذلك الولايات المتحدة لديها تخوفا من التحركات الصينية والتي تراها استفزازية لتايوان وتقوم الصين باستخدام قوتها العسكرية في تجاوز خط الوسط مع تايوان مما قد يجعل الامر يتطور إلى اشتباكات تؤثر على الاستقرار في منطقة بحر الصين الجنوبي وايضا العلاقة بين الصين وروسيا والدعم الصيني لروسيا في الحرب الاوكرانية يجعل الولايات المتحدة لديها تحفظات على العلاقة مع الصين لكن تظل الصين تلعب دور الوسيط او الطرف الذي يوصل رسائل امريكية إلى كوريا الشمالية بشأن برنامجها النووي ويمكن ان تكون العلاقة بين الولايات المتحدة والصين مهمة جدا في الملف الكوري الشمالي .

الولايات المتحدة والصين الصراع بينهما ليس في صالح العالم الذي ينتظر تفاهم امريكي صيني يجهض فرضية تنافس غير واضح المعالم يجعل الاقتصاد العالمي يعاني بشكل اكبر مما مضى والحل ان يكون التنافس بعيدا عن الصراع وان يكون هذا التنافس في صالح دول فقيرة تبحث عن تنمية حقيقية تخرجها من براثن الفقر والديون التي وقعت في فخها بسبب توحش الاقتصاد الراسمالي وهيمنة الدولار على العالم .

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس 
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

د عبد الرحيم جاموس يكتب : لاتبيعُوهُ مواقفَ من بعيد ..!

لاتبيعُوهُ مواقفَ من بعيد ..! نص بقلم د. عبدالرحيم جاموس  لا تبيعوهُ مواقفَ من بِعيد …