الرئيسية / الآراء والمقالات / سليم النجار يكتب : حماس في فلسطين-غزّة عنوانًا

سليم النجار يكتب : حماس في فلسطين-غزّة عنوانًا

سليم النجار

حماس في فلسطين-غزّة عنوانًا

من فكر التخوين إلى الهرطقة 

سليم النجار 

في كلامنا عن إسلام حماس السياسي، في غزة أنموذجًا، لا نريد أن نهيّئ لللقارئ أن الإسلام السياسي كلٌّ متجانس، فهناك حركات إسلامية كثيرة تحوّلت إلى أحزاب أو شبه أحزاب، كحركة الإخوان المسلمين، وحركة النهضة التي أسّسها راشد الغنوشي في تونس، والجماعة الإسلامية في باكستان، وجماعة التوحيد في مصر، والحركة الإسلامية في الأردن، والخمينية في إيران، وغيرها من تفريخاتهم في أوروبا وأمريكا، لكن هذه الحركات تتفق على أطروحات محددة، وهي: 

أولًا: النقل ذو أسبقية على العقل. 

ثانيًا: الإسلام دين الدولة.

ثالثًا: لا يمكن للإنسان أن يتدبر أمره دون توجيه إلهي، شريطة أن يكون هذا التوجيه من خلال أفكارهم.

رابعًا: لا اجتهاد في مورد النص، إلّا من خلال مشايخهم.

خامسًا: لا تعارض بين الإسلام والديمقراطية، والتي تُفصَل حسب رؤاهم ومصالحهم. 

وإذا ما رأينا كيف تم تطبيق هذه الأطروحات في غزة، نكتشف أنّ هذه الأفكار ما هي إلّا لغو وثرثرة، وخلط عجيب في المفاهيم، فمصطلح الديمقراطية على سبيل المثال، يتحوّل بسرعة البرق إلى مفهوم الشورى المعادل للديمقراطية، وهذا أمر طبيعي لكل من يتابع نشاطهم السياسي، فحقيقة الشورى عندهم، عبارة عن تحالف أباطرة المال وأصحاب العقول المؤجّرة لثقافة القبور، والتي تتبوّأ المناصب الرئيسية في قيادة حركتهم، أمّا بخصوص أطروحتهم النقل ذو أسبقية على العقل، فالنقل عند حماس عبارة عن تعامل مع النص بعقلية الصياد الذي يبحث عن فريسته لاصطيادها وإشباع غريزته، فالعقل في هذا السياق مُكرَه صحيًّا وأخلاقيًّا، لأنه يمنعهم عن سد حاجاتهم، ويدعوهم لعدم قراءة النصوص قراءة حرفية.

شكّلت هذه المفاهيم عثرة أمام دعوتهم، الأمر الذي دفعهم لنحت مفهوم مرتبك، وهو “الإسلام دين الدولة”، وكان لسان حالهم يقول ما قبل دولتهم العتيدة، أنّ الناس كفرة ولا بد من معالجتهم وقتلهم معنويًا وأخلاقيًّا، فمن رِدّتِهم حتى عودتهم للإسلام كدولة، يعيِّشون مواطنيهم تحت سقف فتاويهم، فالمرأة في هذه الدولة المزعومة تصبح وعاء لشهواتهم، واستخدام العقل جريمة لا تُغتفر، ويجب محاسبة كل من تجرّأ على الفعلة النكراء، وللتأكيد على هرطقتهم، يخرج علينا بين الفينة والأخرى أحد مجانينهم ويدّعي أنّ أهل غزة كان إسلامهم سكّر خفيف، وعندما جاءت حماس، أعادت الإسلام لصورته الحقيقية، والبعض منهم يذهب إلى أبعد من ذلك ويقول أنّ حركة حماس ذُكِرت في القرآن الكريم، وأنّها المخلِّصة لأهل فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل ينتطح عباقرة منهم ويعلنون عن قيام شركة مساهمة، ويطالبون أهلنا في غزة بشراء أسهم فيها من أجل أن يكون لهم نصيب عند تحرير يافا وحيفا والناصرة وعكا، ولكن إذا ما تجرّأ أحد من الغزيّين وسأل: ماذا نفعل بأهلنا القابعين في المدن المحرّرة على الطريقة الحمساوية؟ فبالطبع سيكون مصير السائل زجّه في غياهيب سجونهم، وذلك بعد تكفيره لأن السؤال حرام، حرام، وحرام..

وهناك أفكار عبقرية جاءوا بها على أسفارهم بأن الإنسان مسيّر وليس مخيّر، وبأنّه عبدٌ للمفاهيم، وأنّهم الناطقين الرسميين والشرعيين باسم الإله، إذن، هم أبناء الله على الارض، وإذا حاول مخبول أن يقارن بين شعب الله المختار وبينهم، على اعتبار أنهم صفوة الصفوة على الأرض، ماذا سيكون مصيره؟، ستجد الإجابة عند أي غزيّ عاش في “نعيمهم” وذاق حرارة الإيمان الحمساوي من جوع وبطالة وأمراض متفشيّة، وهذا النعيم الحمساوي الطاغي في غزة، لا يستطيع أحد نكرانه، فهو ظاهر للقاصي والداني، وكل من يحاول التغاضي عن الخيرات التي تنشرها حماس، سيكون مصيره الموت، أو في أحسن الأحوال قنص ركبتيه حتّى لا يستطيع السير أو الوقوف على قدميه ليمارس الزندقة والعياذ بالله، ولكن للموضوعية والأمانة التاريخية، فقد قدّم فقهائهم حل سحري، كسحر المقلوبة بالدجاج، لأن اللحمة في غزة محرّمة، باعتبار أنّها فعل من أفعال الشيطان، والحل بكل بساطة، “لا اجتهاد في مورد النص”، والويل لكل من حاول أن يدّعي أنّه لا يفهم معنى ذلك، فالكلام واضح وضوح الشمس، والنص المقصود هو نصهم الخاص بهم، فلا يحق لأحد الاجتهاد، إلّا خاصّتهم، من الذين فُتِح عليهم بنعمة الدولار والشيكل ووو.. 

ومن أهم الفضائل التي كرّستها حماس في غزة، أنّ استخدام العقل كُفر، أصلًا لا داعي للتفكير، ما دام أهل الحل والربط يمارسون التفكير.. 

ومن جانبي حاولت ممارسة الزندقة التي جاءت على شكل سؤال: ماذا سيكتب التاريخ عن هذه الحقبة الزمنية؟

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس 
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

د عبد الرحيم جاموس يكتب : لاتبيعُوهُ مواقفَ من بعيد ..!

لاتبيعُوهُ مواقفَ من بعيد ..! نص بقلم د. عبدالرحيم جاموس  لا تبيعوهُ مواقفَ من بِعيد …