الرئيسية / الآراء والمقالات / د. نادرة هاشم حامدة تكتب : حكاية صمود شعب

د. نادرة هاشم حامدة تكتب : حكاية صمود شعب

كاتبة واعلامية / فلسطين
كاتبة واعلامية / فلسطين

حكاية صمود شعب

 د. نادرة هاشم حامدة

إن سألوك يوما : كيف لغزة، المدينة الصغيرة المحاصرة منذ سنين ولا تزال، والتي شن الاحتلال عليها خلاله أربعة حروب، كيف لها أن تتحمل هذه الحرب المصعورة الآن، طيلة ثمانية أشهر متتالية، وقد تزيد، وهي صامدة، ترفض الاستسلام والتسليم، رغم أن اجتمع عليها قوى الباطل اللعين .

كيف استطاعت غزة، في ظل هذه الظروف أن تتخطى الخوف والتشريد؟ و تتجاوز الأسر والتقتيل؟ وتتعايش مع الخراب والتدمير؟ و تقهر الفقر والتجويع؟ وتهزم النزوح والتهجير؟ و تمزق فيه كل تخطيط؟ وتصمد في وجه الطغيان كل هذا الصمود؟؟ وأطنان من المتفجرات تمطرها، ليل نهار، قد تصل في حجمها تلك التي استخدموها في الحروب العالمية، وقد تفوق .

إن سألوك عن السر في هذا الصمود، أخبرهم أنت : عن العقيدة الثابتة فينا، كما الجبال في الرسوخ، وكما صلابة الصخور، فلا يفت في عضدنا بإذن الله قوى الطغيان، وإن تكالبت علينا الجموع .

أخبرهم، عن مدد الله عز وجل فينا، عن آيات القرآن تسلينا، عن أحاديث نبينا صلى الله عليه، عن هذا الزمان تواسينا، عن قوله صلى الله عليه وسلم عنا : ” لا يضرهم من خذلهم” كيف تضمد جراح الأخوة العربية والإسلامية فينا، وتبث آمال النصر المبين .

أخبرهم أن في غزة قلوبا مطمئنة مؤمنة بوعد ربها، “نصر من الله وفتح قريب”، وإن مستها الضراء، تجدها في قلب الموت، ولهيب المتفجرات محتسبة، تلملم أشلاء ذويها مسترجعة، تبحث عن من تبقى منهم تحت الأنقاض محوقلة، يقينها أن وعد الله آت، لا يتزعزع، ولا يلين.

إن سألوك عن أهل غزة فقل : وكأن آيات القرآن تنزلت فيهم، تتفسر عليهم، تحاكيهم، تقول لهم : “ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات “، فها هم يبتلون بالخوف والجوع والفقر والتقتيل والقحط، وهم صابرون صامدون .

فقد آمنوا بأن الأعمار محتومة آجالها عند خالقها، فإذا جاء الاجل، لا يرده نزوح ولا هروب، ولا يمنعه من الوصول شمال ولا جنوب. فثبتوا بصمود.

فإن سألوك : كيف لا تغادروا الأرض، و شباك الموت قد نصبت لكم، تجندلكم في كل طريق؛ و تغلق عليكم سبل العيش، فلا مأوى، ولا ماء ؛ ولا طعام؛ ولا دواء؛ ولا كهرباء؛ ولا وقود، إنهم يدفعونكم قسرا نحو الرحيل؟ فكيف لا ترحلون؟ 

قل لهم بشموخ : إذا كانت تفاحة نيوتن سقطت على الأرض، فأوجدت للجاذبية قانون، فكيف بسقوط مئات الألوف منا على أرضنا، أرض فلسطين، أفلا يحدث هذا فينا للجاذبية الفلسطينية قانون؟؟ إنه قانون التشبث بهذه الأرض، *”فوق ثرى فلسطين نعيش، وعليها نموت”* قانون حفرت حروفه بدماء الشهداء من أجل فلسطين.

ومع كل هذا الصبر على اللأواء نقول : سنظل صامدين مهما يكون، ويكفينا بشريات ربنا لنا في كتابه العزيز : “عليهم صلوات من ربهم ورحمة، وأؤلئك هم المهتدون” ما أجملها من بشريات تعلونا، فنزداد بها ثباتا ويقين، ثم بانشراح صدر يملأ الآفاق نقول : حسبنا قول ربنا عنا : “وأؤلئك هم المهتدون ”

6 مايو 2024*

 

 

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم وتحذيرات من كارثة إنسانية

إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم وتحذيرات من كارثة إنسانية بقلم  :  سري  القدوة الاثنين …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *