الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : ايزنكوت يعترف

عمر حلمي الغول يكتب : ايزنكوت يعترف

عمر حلمي الغول

نبض الحياة

ايزنكوت يعترف

عمر حلمي الغول

في زمن الحروب تتعالى الأصوات، وكل ينضح من وعائه بعيدا عن الواقع، ويملئ الضجيج المنابر الإعلامية لأطراف الصراع في استهداف واضح للتناغم مع المزاج العام السائد لمحاكاته بهدف استقطابه والاحتفاظ بدعمه ومساندته في ظل استمرار الحرب بغض النظر عن طبيعتها وتداعياتها، رغم ان الواقع بعيدا عن تلك التصريحات والشعارات الغوغائية والديماغوجية، وبالتالي ليس كل ما يقال حقيقي، لا بل لا يمت للحقيقة بصلة.

وهذا ما كشفته رسالة غادي ايزنكوت الى مجلس الحرب الإسرائيلي، الذي هو عضو فيه يوم الاثنين 19 فبراير الحالي، التي تتناقض مع جعجعات ومواقف نتنياهو وأركان حكومته النازية، ونشرتها القناة “12” الإسرائيلية، وتضمنت مكاشفة حادة وصريحة لتداعيات حرب الإبادة للشهر الخامس على التوالي، ومن أبرز نقاطها: أولا التحذير من إطالة أمد الحرب دون تحقيق أي من اهدافها، او وفقه “تحقيق إنجازات تكتيكية جزئية”؛ ثانيا عدم اتخاذ قرارات حاسمة وهامة خلال الشهور الثلاثة الأولى من الحرب؛ ثالثا هناك صعوبة في تحقيق اهداف الحرب؛ رابعا تعثر المخطط الاستراتيجي للحرب، وهو يهدد عمليا تحقيق أهدافها، وتهديد للوضع الاستراتيجي لدولة إسرائيل؛ خامسا لم يتحقق هدف تقليص قدرات حماس و”اذرع المقاومة” العسكرية الا بشكل جزئي؛ سادسا كما لم يتحقق هدف إعادة المحتجزين الإسرائيليين، وإعادة الأمن لسكان منطقة غلاف غزة الا بذات القدر الجزئي؛ سابعا لم يتحقق إزالة التهديد من غزة على إسرائيل مستقبليا بعد انهاء الحرب، ولم يتعزز الامن الشخصي والقدرة على الصمود للإسرائيليين؛ ثامنا ثمة قرارات يتعين على مجلس الحرب اتخاذها وتشمل الانتقال الكامل للمرحلة الثالثة من الحرب، وهي مرحلة المداهمات المركزة مع التموضع خلف شريط (حزام) خارج القطاع، وتنفيذ صفقة لتبادل الاسرى قبل حلول شهر رمضان المقبل؛ تاسعا العمل للحيلولة دون التصعيد في الضفة الغربية، وعودة السكان الى منازلهم في الشمال والجنوب، والدفع نحو إيجاد بديل مدني لحكم حماس في غزة؛ عاشرا وجه نقدا واضحا لرئيس الوزراء نتنياهو والمصطلح الذي صاغه ب”النصر الكامل” الغوغائي، ودعا لضرورة مناقشة هذا المفهوم بجدية وتوضيحه عمليا، بتعبير آخر، اسقاطه من الخطاب الإسرائيلي العنجهي والمتغطرس.

ما حملته رسالة عضو كابنيت الحرب المصغر الإسرائيلي تكشف عن إفلاس حرب الإبادة الجماعية، التي لم تحقق أي من أهدافها المعلنة سوى من مزيد من عمليات الإبادة الجماعية للمدنيين العزل وجلهم من الأطفال والنساء والشيوخ على مدار ال141 يوما حتى اليوم السبت 24 فبراير الحالي.

ويأتي اعتراف رئيس الأركان السابق للجيش الإسرائيلي صادما ومخيبا للآمال الإسرائيلية، وكاشفا عورات النظرية الأمنية الإسرائيلية، وافلاس الخطة الاستراتيجية للجيش الإسرائيلي الذي “لا يقهر” او “صاحب القوة الرابعة عالميا” حسب تصنيفات المراجع الإسرائيلية والغربية، ومن خلفه الإدارة الأميركية، التي تقود دفة حرب الإبادة الجماعية على الشعب العربي الفلسطيني، وأكدت الخشية من انفجار الوضع في الضفة الفلسطينية مما يعمق من ازمة الدولة الإسرائيلية، أكثر مما هي مأزومة وتتخبط في رمال محافظات الجنوب الفلسطينية.

ووفق رسالة عضو مجلس الحرب، فإن المخرج يتمثل بالذهاب للمرحلة الثالثة، والانسحاب من قطاع غزة والتمركز على الحدود الفاصلة بين إسرائيل وغزة، مع بقاء اليد الأمنية الطولى للجيش الإسرائيلي، مع إيجاد بديل مدني، دون ان يسمي او يحدد هذا البديل، وتنفيذ عمليات مركزة تستهدف اذرع المقاومة الفلسطينية في غزة.

بيد ان هذا الاعتراف بالهزيمة الاسرائيلية ضمنا، لا يعني ان فصائل المقاومة حققت النصر، ويخطئ من يعتقد ذلك. لان حجم الإبادة الجماعية التي حصدت أرواح 30 الف شهيد و70 الف جريح و10 الاف مفقود، وتدمير 260 الف وحدة سكنية وإخراج 31 مستشفى عن الخدمة وقرابة 60 مركز صحي، ومئات المدارس بين تدمير كامل وجزئي، ومئات المساجد والكنائس وتدمير البنى التحتية تدمير هائلا وغير مسبوق لا يشي كل ما تقدم بالنصر.

نعم حروب التحرر الوطني تتضمن سقوط المئات والاف من الضحايا، ولكن ليس بهذا الحجم المروع والخرافي وغير المسبوق. كما ان مطلق معركة تدشنها الحركة الوطنية الفلسطينية دون خطة واضحة، ودون حسابات الربح والخسارة، وبعيدا عن الاعداد والتحضير الجيد، وربطها بالهدف السياسي تصبح مغامرة غير محسوبة النتائج، وتكبد الشعب وحركته الوطنية خسائر مجانية وفادحة، ومن لم يسمع انين وصراخ الأطفال والنساء والشيوخ الذين ينهشهم الجوع والمرض والاوبئة ونقص الادوية والمستلزمات الطبية والنزوح الهائل للمواطنين من أماكن سكناهم، يكون اعمى وساذج، ومسكون بالخطاب والشعار الغوغائي النظري، والبعيد عن الواقع. وللحديث بقية.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

د عبد الرحيم جاموس يكتب : ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر

ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر… احتجاجات الطلاب : من جامعة كولمبيا في أمريكا إلى طلاب …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *