الرئيسية / الآراء والمقالات / علي ابوحبله يكتب : حرب تغيير الإدراك والسلوك لترسيخ مكانة إسرائيل في المنطقة

علي ابوحبله يكتب : حرب تغيير الإدراك والسلوك لترسيخ مكانة إسرائيل في المنطقة

رئيس تحرير افاق الفلسطينيه
رئيس تحرير افاق الفلسطينيه

حرب تغيير الإدراك والسلوك لترسيخ مكانة إسرائيل في المنطقة

المحامي علي ابوحبله 

لا بد من التصدي للحرب النفسية التي تقودها وسائل الإعلام الإسرائيلي ضد المواطن الفلسطيني وتستهدف ثباته وصموده على أرضه والتشكيك في روايته وتاريخه وتراثه ، وتستهدف العقل العربي لتغيير الإدراك والسلوك لجهة قبول إسرائيل كفرض أمر واقع والقبول بأن تكون جزء لا يتجزأ من المنظومة العربية والإقليمية ضمن ما بات يعرف الشرق الأوسط الجديد .

حرب تغيير الإدراك والسلوك تستهدف العقل العربي والإنسان العربي لضرورة التعامل مع إسرائيل بدلا من عدائها ، وهذا ما دأبت عليه الجهات المتخصصة بالحرب النفسية بشن حملتها بعد التطبيع مع النظام العربي وهناك حرب نفسيه من نوع آخر تستهدف المكون الفلسطيني في ظل تصاعد التصدي للممارسات العدوانية ضد الشعب الفلسطيني تحت مسمى حملة كاسح الأمواج والبيت والحديقة التي استهدفت مخيم جنين وكل تلك الاستهداف وعمليات الاجتياح والقمع تهدف إلى شق وحدة الصف الفلسطيني وتحطيم معنوياته وقدراته ضمن مسعى ما تهدف لتحقيقه ترسيخ الاحتلال وفرض شروطها على الشعب الفلسطيني بالمقاس الإسرائيلي 

اجتياح المدن والبلدات الفلسطينية هدفها ترسيخ مخطط اللامركزية لتمرير سياسة تقسيم الضفة الغربية إلى كنتونات وهذه جميعها تتطلب صحوة وطنيه وحس وطني ضمن معادلات واستراتجيه فلسطينيه وطنيه بعيده عن أصحاب الأجندات والمصالح الانيه والخاصة وضرورة الوعي الفلسطيني لمجابهة تلك المخططات التي يخطط لتمريرها اليمين الفاشي في حكومة نتني اهو المتطرفة والتي تنكر على الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير وتتنكر لكافة الاتفاقات المعقودة مع قيادة منظمة التحرير وترفض اقامة دول فلسطينيه مستقلة بحدود الرابع من حزيران 67 وبدلا من ذلك تمرر مخططها الاستيطاني والتهويد الذي يمهد لسياسة الضم  

الفلسطينيون في ظل الهجمة العدوانية لقوات الاحتلال ومستوطنيه واستباحة الدم الفلسطيني باتوا أمام حرب نفسيه مشرعة الأبواب تستهدف الفلسطيني وإضعاف مقاومته ومحاصرته اقتصاديا في ظل الفشل والمديونية التي تعاني منه السلطة الفلسطينية واستغلال ذلك كوسيلة ضغط ضمن سياسة مقايضة ” الأمن مقابل الاقتصاد ” والإثقال على كاهل المواطن الفلسطيني بزيادة العبء عليه واستهداف ثباته وصموده ، وكل ذلك نتيجة السياسات الاسرائيليه لإضعاف مقومات الصمود الفلسطيني وصولا لتحقيق هزيمته نفسيا ليستسلم أمام فرض سياسة الأمر الواقع وهنا لا بد من شن هجمة معاكسه ومهاجمة تفكير إسرائيل بالأسلوب والوسائل نفسها من خلال إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وتدعيم قواعده وأساساته ليقوى على الثبات والصمود وإفشال كل مخططات الاحتلال وفي مقدمتها حربه النفسية 

و هنا لا بد من توضيح معنى الحرب النفسية بالأساس وتاريخها وأنواعها وأهدافها . 

إنّ الحرب النفسية هي “حرب العصر”، حيث أنها حرب تغيير السلوكيات والقناعات وميدانها الشعوب والأفراد مدنيين كانوا أم عسكريين، وهي من أخطر الأسلحة لأنها تقوم على إضعاف معنويات الخصم وتحطيم إرادته وهنا مكمن قوتها، إضافة لذلك فقد أصبح من الصعب على الدول -حتى العظمى منها- تحمل تكاليف الحرب العسكرية المباشرة التي تستنزف طاقاتها المالية والاقتصادية بشكل هائل، خاصة مع ترّدي الوضع المالي والاقتصادي لأكبر الدول في العالم، إضافة إلى رفض معظم شعوب تلك الدول بالزج بأبنائها في أتون الحروب المشتعلة، فلذلك اختارت تلك الدول أن تهزم أعدائها وتحكم سيطرتها عليهم من خلال ممارسة الحرب النفسية، فأنشئوا في سبيل ذلك مكاتب تكون تابعة لأجهزة الاستخبارات عادةً، شغلها الشاغل التخطيط ووضع الاستراتيجيات لهذا النوع من الحروب، وهمّها نشر الشائعات وزرع الفتن، والترصد والتضليل ضد أعدائها لحماية أمنها القومي على المدى البعيد كهدف رئيسي قبل كل شيء.

نجحت تلك الدول في أغلب الأحيان في تحقيق أهدافها بدون النزول إلى الأرض أو تعريض جنودها للخطر، ولكن في بعض الأوقات الأخرى تكون الحرب النفسية مقدمة للحرب العسكرية مثلما وقع في العراق مثلا، فيتم إطلاق الترسانة الإعلامية، والعمل في الخفاء، لتعبيد الطريق للقوات المهاجمة بعد ذلك..

 الحرب النفسية هي حرب معنوية بالأساس اختلف المتخصصون في مبناها اللغوي فمنهم من يطلق عليها حرب العصابات والحرب الباردة أو حرب الأفكار والحرب الدعائية، ولكنهم جميعا اتفقوا على معناها، بأنها شكل من أشكال الصراع الذي يهدف للتأثير على الخصم وإضعاف معنوياته وتوجيه فكره وعقيدته وآرائه وإحلال أفكار أخرى مكانها تكون في خدمة الطرف الذي يشن الحرب النفسية، إذا فهي حرب لا يمكن مواجهتها الند للند لأنّها تدور في الظلام وخلف الستار وتتغلغل بدون لفت الأنظار أو إحداث أي ضجيج.

” من أغرب ما حدث في تاريخ الحرب النفسية ما قام به ملك الصين القديمة المدعو جوجيان الذي كان يضع في الصف الأول عددا من جنوده الأوفياء ويأمرهم بقطع رقابهم بأيديهم، الأمر الذي يسبب صدمة لدى جنود عدوه “

وقد تعددت التعريفات للحرب النفسية وتنوعت، حيث يُعتبر الكولونيل بلاو أول من وضع أسس الحرب النفسية وذلك عام 1935، إذ كان يشغل منصب رئيس المعمل النفسي في وزارة الدفاع، بينما كان أول ظهور لهذا المصطلح بشكل رسمي على يد الأمريكي لينبارجر سنة 1954 حيث يقول إنها الاستخدام المنظم للدعاية والتدابير الإعلامية المقاربة بهدف التأثير في آراء وعواطف فئات الأجانب في البلدان المعادية من أجل تحقيق أهداف السياسة القومية أو الأهداف العسكرية، بينما تعرّفها وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون بأنها استخدام مخطط من جانب دولة أو مجموعة من الدول للدعاية وغيرها من الإجراءات الإعلامية التي تستهدف جماعات معادية أو محايدة أو صديقة بغية التأثير على آرائها واتجاهاتها وسلوكها بطريقة تساعد الدول المستخدمة لهذا المخطط على تحقيق سياساتها وأهدافها ومصالحها، ويمكن القول كتعريف إجرائي بأنها حملة شاملة تُستعمل فيها كل الأدوات المستطاع وكل الأجهزة للتأثير في عقول جماعة محددة بهدف تهديم قناعات معينة وإحلال أخرى في مكانها تتماشى مع مصالح الطرف الذي يشن الحملة.

يظهر لنا جليا خطورة الشائعات والحرب النفسية ومدى قدرتها على اختراق الصفوف ومحاولات إضعاف المعنويات وبث القلاقل والفتن داخل المجتمع ، إن الحرب النفسية التي يتعرض لها الفلسطينيون والعرب يرصد لها ميزانيات بالملايين فما نحن فاعلون لمواجهة هذه الحرب التي تتصاعد وطيرتها مترافقة مع سياسة ممارسة العدوان والتغول في استباحة الدم الفلسطيني 

الحرب النفسية تجند لها حكومة الاحتلال كافة المنابر والسبل الاعلاميه وتزداد وطيرتها في محاوله لبث الإحباط واليأس ضمن مخطط فرض الاستسلام وبث الياسى في النفوس لإضعاف مقاومة الشعب الفلسطيني والتسليم بأمر الاحتلال ومخططات التهويد للقدس والضفة الغربية  

  وهنا لا بد من التسلح بالإيمان والعقيدة لمواجهة الحملات النفسية وعدم الاستسلام للشائعات وحملات التضليل وتعرية مواقف المتخاذلين وعدم التسليم لنهجهم ومخططهم ورفض تغيير السلوكيات والإدراك تجاه من يحتل الأرض والقدس وفلسطين ويصر على معاداة من يخالفهم مشروعهم القائم على التوسع والهيمنة وإخضاع المواطن الفلسطيني والعربي لمشيئة وإرادة إسرائيل ، ان الشائعات يمكن أن تدوم لعشرات ومئات السنين.. ما لم تتم محاربتها ووأدها في مهدها لإفشال الحرب النفسية وما تخبئه اسرائيل من مخططات خلف تلك الحرب القذره

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

د عبد الرحيم جاموس يكتب : ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر

ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر… احتجاجات الطلاب : من جامعة كولمبيا في أمريكا إلى طلاب …