الرئيسية / الآراء والمقالات / دكتور محمد صالح الشنطي يكتب : القراءات المضللة و الديمقراطية المزعومة …!

دكتور محمد صالح الشنطي يكتب : القراءات المضللة و الديمقراطية المزعومة …!

محمد صالح الشنطي

كتب دكتور محمد صالح الشنطي 

القراءات المضللة و الديمقراطية المزعومة …!

                     تجاهل للحقائق و تزييف للوعي وخلط للأوراق

                       

     دأب المحللون السياسيون على التركيز على الجانب الذي يخدم توجهّهم السياسي حين يتوفرون على قراءة واقع المرحلة مغفلين الجوانب الأخرى ؛ ويركزون في الغالب على بعدين أساسيين : الأول عدم تدخل الأجهزة الأمنية للتصدي للهجمات الإسرائيلية على المدن الفلسطينية التي تتواجد فيها الكتائب الفدائية المقاومة ، ثم ردود الفعل الشعبية و توجيهها للاحتجاج على هذا الموقف ، و من حيث المبدأ فإنهم يغفلون عدة أمور : 

أولها : أن هذه الأجهزة محدودة التسليح والذخائر و العدد في حين أن الحملات العسكرية الإسرائيلية تمتللك الدبابات والأسلحة الثقيلة بأنواعها و الدروع و الطائرات والعدّة و العتاد بما لا يمكن مقارنته بما لدى الأجهزة الأمنية ولو اشتبكوا معها فإن ذلك يعني الانتحار ؛ فالذخائر ستنفد و الظهر مكشوف و العدد محدود ومشلول لوجستياً بسبب الحواجز الإسرائيلية فلا يستطيع التنقل بين المدن و المواقع، ثانياً لهذه الأجهزة تجربة قاسية في الانتفاضة الثانية نتيجة اشتراكها في المقاومة ، فقد دمّرت مقرّاتها واستشهد العديد من أفرادها حتى السجون هدموها على رؤوس المساجين و لم يبق هناك مكان آمن ما دفع المحاكم إلى تعطيل عقوبة السجن،وخرّبت المنشآت الحكومية وكانت الخسائر فادحة ، ومع هذا فإن الأجهزة قد قدمت العديد من كوادرها في تصديّها للعدو في هذه الهجمة العدوانية كلما كانت تتاح لها فرصة الاشتباك .

      أما تحريض الشارع على السلطة بحجة أنها تعترض المقاتلين فقد سقطت تماما ، فلولاها تغاضت عن تسليحها لهم وربما تشارك في هذا التسليح كما أنها سمحت للجناح العسكري للحركة الرئيسة التي تنتمي إليها ممثلة في كتائب شهداء الأقصى لما تشكلت هذه الكتائب التي يزعمون أنها نشأت في ظل ضعف السلطة كذبا وزورا ، ذلك باطل الأباطيل فقد تغاضت عن تشكيلها وتسليحها و شاركت أجنجتها العسكرية بفعالية ؛ بل بالدور الرئيس فيها ، و الشاهد على ذلك أرقام الشهداء و الجرحى المنتمين لقواها الأمنية و أجنحتها العسكرية ومدّها بالعون وزيارات المسؤولين لها ومباركتهم لكفاحها وآخرهم الرئيس أبو مازن رغم ما تجشم من معاناة هو وأقطاب قيادته التي هي في موقع المتهم دائما ، وقد حول البعض و منهم من كان محسوبا على حركة فتح واختار أن يكون مع المناكفين وربما الجاحدين والخاذلين والمنتفعين مع جيش من الكتبة المأجورين الذين أسندوا لأنفسم مهمة الحادي لركب الغوغاء والمنافقين و المضللين متناسين أبسط البدهيات في العمل الوطني و الحركي ، بل و المضللين الذين تتهافت عليهم الفضائيات ذات الأجندات مثل الجزيرة و الغد و الكوفية و وكالات قدس و شهاب و منابر التدليس الإعلامي و غيرها ليمعنوا في تحريض الشارع و توجيهه بتحليلاتهم أحادية الرؤية وسخافاتهم أحيانا ؛ من مثل قولهم أن مرافقي الرئيس كانوا يتنافسون على الظهور بالقرب منه إبان زيارته لمخيم جنين ، وزعمههم أن هناك تنافسا حاد بين أعضاء القيادة على خلافة أبي مازن ؛ وكأننا في دولة ثريّة مستقرة وليس في بحر متلاطم من التحديات و مقاومة المحتل و أن القيادة في مثل هذا الوضع مغرم لا مغنم ، وكأن المسؤول عن تعيين الرئيس إسرائيل و أمريكا و ليس الشعب الفلسطيني الذي سيحتكم – في نهاية المطاف – إلى صنوق الاقتراع ، ومهما كانت الأسباب التي تؤدي إلى اختلاف في وجهات النظر فإن الجميع يدرك المأزق التاريخي الذي تمرّ به . 

 أمّا الحديث المتواصل من قبل بعض من ينتمون إلى أرستقراطية السياسة النهّازة للفرص ممن يتذرّعون دائما بسوء الأوضاع و تشرذم الحركة الوطنية على حد زعمهم فأود أن أشير إلى أن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات ، ففد رأوا بأم أعينهم ما جرّته علينا انتخابات عام 2006 من ويلات تقهقرت بالقضية عشرات السنين إلى الخلف ، وقسّمت الوطن و أشعلت حربا أهلية سقط جرّاءها ألوف الضحايا ، و أوقعتنا في شرك أربع حروب مدمّرة و فرّقت الصف الوطني أيدي سبأ و لا ينبغي أن تتكرر التجربة مهما كان الأمر فليتّهم المتهمون القيادة كما يشاؤون ، ولكن المشهد لا يشي بنتائج سليمة ، تداخلات إقليميّة وتشظّيات حركية، ودعايات مغرضة ، واستقطابات فصائلية غير وطنيّة ، وانقسام وطني وتحديات لا حصرلها دولية و داخلية و إسرائيلية ، ومناخات مسمومة ستفضي إلى الفوضى و الصراع ، فأي انتخابات هذه التي ستجرى في مثل هذه الأجواء و الوطن كانتونات، والاقتحامات لا تتوقف و الشعارات الرنانة الجوفاء تدوّي و الكتائب المسلحة المعلومة و المجهولة و الأموال السوداء تتدفق من كل حدب و صوب ، ويأتيك من يقول الانتخابات هي الحل ، وتأتيك أصوات نشاز من خارج الوطن تنبّش في الدفاتر القديمة لتحطّم الرموز و تعبث بالمثل و القيم ، غمامات سوداء يسوقها أرباب مراكز البحوث الممولة من صناديق سوداء من أجل افتعال الفتن و تشويه النضال واغتيال العقول و الرجال .

بقلم د. محمد صالح الشنطي 

20/7/2023 م

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس 
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

د عبد الرحيم جاموس يكتب : لاتبيعُوهُ مواقفَ من بعيد ..!

لاتبيعُوهُ مواقفَ من بعيد ..! نص بقلم د. عبدالرحيم جاموس  لا تبيعوهُ مواقفَ من بِعيد …