الرئيسية / متابعات اعلامية / العواقب والتداعيات الإستراتيجية لجوالات القتال في غزة

العواقب والتداعيات الإستراتيجية لجوالات القتال في غزة

قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مخيم شعفاط شمال القدس المحتلة (تصوير: أ ف ب)
قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مخيم شعفاط شمال القدس المحتلة (تصوير: أ ف ب)

العواقب والتداعيات الإستراتيجية لجوالات القتال في غزة

صحيفة يديعوت أحرنوت باللغة الإنجليزية.  

هالة ابو سليم

ترجمة: هالة أبو سليم /غزة.

لم تكن عملية “الدرع والسهم” سوى واحدة من سلسلة العمليات التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة منذ انسحابها في العام 2005 من قطاع غزة.

وقد وصف جيش الاحتلال الإسرائيلي اللجوء المتكرر إلى الوسائل العسكرية بأنه «جز العشب» – أي تهدف الهجمات الدورية إلى «تقليص» – وليس القضاء على – تهديد غزة.غير أنه خلال الفترة نفسها، أصبح من الواضح بصورة متزايدة أن أسلوب العمل هذا كان له عواقب استراتيجية غير مباشرة ومباشرة.

بشكل غير مباشر، لأن عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة محدودة – فهي تعتمد بحكم تعريفها على وسطاء للتفاوض على إنهاء القتال المستمر بين الطرفين.

ففي كل جولة قتاليه تشن فيها إسرائيل حملتها العسكرية على قطاع غزة تدرك ضمنيا انها تحتاج إلى وسيط دولي لإنهاء هذه الجولة.

ونتيجة لذلك، وافقت إسرائيل أكثر من مرة على اتفاق هدنة لم يلب جميع مطالبها لتجنب توتر العلاقات مع القاهرة والحفاظ على دورها كوسيط في صراع مستقبلي.

في الواقع، تعزز التوقعات العامة للجولات المستقبلية في غزة بشكل شبه تلقائي اعتماد إسرائيل على القاهرة وتعزز إحجامها عن إثارة عداء الحكومة هناك.

علاوة على ذلك، نظرًا لأنه لا توجد خدمة دبلوماسية، حسب الحاجة، فهذا لن يكون بدون ثمن ففي كل مرة يتصرف فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، على هذا النحو فإن اعتماد إسرائيل على القاهرة يزداد.

إن «الدين» الدبلوماسي الإسرائيلي على مصر(الكبير ) بات ملحوظا بشكل متزايد خلال الفترة الحالية ، في الآونة الأخيرة، بدأ المصريون في العمل على الفور بالضغط على إسرائيل لوقف هجومها حتى قبل تحقيق أهدافها العملياتية المفترضة.

هذا التدخل المصري يأتي لصالح مصر ، ترفع البعثات الدبلوماسية المتكررة التي تؤديها مصر نيابة عن إسرائيل نفوذها الإقليمي وكذلك مكانتها في أعين الدول الأوروبية والولايات المتحدة

لقد سئمت هذه الجهات الفاعلة من أي صراع عربي إسرائيلي لأنه قد يعرض للخطر علاقاتها مع الأنظمة العربية الصديقة، خاصة في حالة تسبب الإجراء الإسرائيلي في خسائر بين السكان المدنيين في غزة.

في حين أن تعزيز مكانة مصر الدولية قد يكون مفيدًا، إلا أنه قد يضر أيضًا بالمصالح الإسرائيلية لكن الجولات في غزة كان لها أيضًا عواقب استراتيجية مباشر.

الصورة الواضحة حاليا هو تراجع حيش الاحتلال الإسرائيلي عن قوة الردع التي كانت فالماضي 

كل مشاركة غير حاسمة في غزة أكدت من جديد أن إسرائيل تكره بشدة دفع التكلفة الباهظة لأرواح الجنود المتوقعة إذا شن جيش الدفاع الإسرائيلي عملية برية لمنع إطلاق الصواريخ في النهاية من الاستئناف مؤقتًا في الوقت نفسه، تظهر الجولات أن لجوء إسرائيل إلى القوة الجوية كبديل أثبت أنه غير كافٍ على الإطلاق.

لقد أثبت تحديد موقع ترسانات الصواريخ في غزة وتدميرها مشكلة لا يمكن التغلب عليها لإسرائيل حتى الآن على الرغم من أن منصات إطلاق الصواريخ الخاصة بهم لا تزال سالمة.

ونتيجة لذلك، أدى الموقف الرادع للجيش الإسرائيلي إلى تآكل تدريجي من ناحية وجعل الصواريخ السلاح المفضل الذي يمكن حتى لمنظمة ضعيفة أن ترهب به جزءا كبيرا من السكان الإسرائيليين من ناحية أخرى.

حتى الجمهور الإسرائيلي نفسه أصبح اليوم أقل ثقة من أي وقت مضى في قدرة الجيش الإسرائيلي على الدفاع .

في الواقع، من خلال اختيار «إدارة» التهديد الصاروخي في غزة – والذي يعني عمليًا اللجوء إلى ردود فعل محدودة على الهجمات من القطاع – سمحت إسرائيل للمقاتلين في غزة بمساحة للتنفس.

لا عجب أن إيران سرعان ما دعمت حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني – المنظمات الرئيسية في غزة – بصواريخ أثقل وأطول مدى بشكل متزايد مثل الفجر 3 والفجر 5 بالإضافة إلى المعرفة والمعدات لإنتاج الصواريخ محليًا مثل عياش 250.

في المقابل، تمكن المقاتلين في غزة من التباهي بأنهم فرضوا «معادلة جديدة» على إسرائيل والمطالبة بـ «مجال موسع جديد للمصالح المشروعة» ليشمل لأول مرة القدس الشرقية والضفة الغربية.

والأسوأ من ذلك، أن الجولات المتكررة شجعت المقاتلين و أبناء المقاومة وإيران على فتح جبهة صاروخية جديدة من أين تستهدف المدن الإسرائيلية. مثل هذا التطور ليس مجرد إزعاج. إنه ذو أهمية استراتيجية لأنه يعزز ثقة طهران في قدرتها على تحويل موارد الجيش الإسرائيلي واهتمامه إلى جبهات أخرى إذا اندلع صراع مباشر مع إسرائيل. كلما زادت القدرة على الانحراف عن الجيش الإسرائيلي، زادت احتمالية حصول حساب إيران فيما يتعلق بخروج القنبلة على دفعة.

إلى جانب ذلك، ليس هناك شك في أن إيران هي المستفيد الرئيسي من اضطرار إسرائيل إلى إنفاق جزء من ميزانيتها الدفاعية والعسكرية بشكل متكرر على «جز العشب» بدلاً من الاستعدادات لشن هجوم استباقي على منشآتها النووية.

بشكل عام، يعد إجبار إسرائيل على الاستثمار في دعم الدفاعات وحماية سكانها هدفًا استراتيجيًا من الدرجة الأولى لطهران. كل شيكل يتم وضعه في الدفاع هو واحد أقل توافرًا لشراء وتطوير القدرات الهجومية لجيش الإحتلال الإسرائيلي. تفضل إيران أن تشتري إسرائيل بطاريات إضافية من القبة الحديدية بدلاً من الاستثمار في تصميم وشراء أسلحة جديدة يمكن أن توفر لجيش الاحتلال الإسرائيلي خيارًا موثوقًا به لمهاجمة منشآتها النووية

كما أن ضعف إسرائيل يؤكده قبولها لوقف إطلاق النار المتكرر. وهذه الترتيبات لا تضمن بقاء منظمات الفلسطينية في غزة فحسب، بل تؤكد ضمنا أن الطريقة الوحيدة التي يمكن بها لإسرائيل أن تستعيد الهدوء وتوقف إطلاق الصواريخ على مدنها هي من خلال تأمين تعاون حماس حركة الجهاد الإسلامي والموافقة على بعض شروطهما.

على سبيل المثال، كان أحد المطالب الرئيسية التي تم ذكرها أن حركة الجهاد الإسلامي من أجل الموافقة على وقف إطلاق النار في 13 مايو هو أن توقف إسرائيل قتلها المستهدف لقادتها. وبينما يفترض أن إسرائيل رفضت هذا المطلب، فقد وافقت عليه ضمنيًا بموجب سياسة «الهدوء مقابل الهدوء» التي قدمتها حكومة نتنياهو. وبالتالي، فإن أكثر الأدوات فعالية، إن لم تكن الأداة الوحيدة، كان على إسرائيل أن تردع المزيد من الهجمات الصاروخية.

الخلاصة :

تتمتع الحركة الآن بحرية إعادة تشكيل صفوفها مع العلم أن استعداداتها للجولة التالية يمكن أن يستمر دون عوائق طالما أنها تلتزم بصفقة وقف إطلاق النار.

بينما يروج جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد كل جولة لإنجازاته الاستخباراتية والعملياتية، ينظر أبناء المقاومة في غزة وحلفاؤهم إلى الاشتباكات على أنها شهادات متجددة على عجز إسرائيل عن إسكات نيرانها المستمرة.

قد تكون عمليات «جز العشب» التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة مثيرة للإعجاب من الناحية التكتيكية، بل قد تكون أحيانًا مذهلة. لكنها من الناحية الاستراتيجية تأتي بنتائج عكسية لأنها مسؤولة عن تفاقم التهديد الصاروخي لإسرائيل، وتشجيع تشكيل جبهات صاروخية جديدة، وضمان أن أي صراع مع إيران سيشرك جيش الاحتلال الإسرائيلي في حرب متعددة الجبهات.

الكاتب : أفيغدور هاسيلكورن- باحث و محٌلل إسرائيلى ،مختص بالقضايا الإستراتيجية .

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

20240420_143456

استهداف مخيم نور شمس يندرج ضمن مخطط التهجير ويتطلب تدخل دولي لحماية المخيمات

استهداف مخيم نور شمس يندرج ضمن مخطط التهجير ويتطلب تدخل دولي لحماية المخيمات    المحامي …