الرئيسية / الآراء والمقالات / نادرة هاشم حامدة تكتب : من عجائب أسرار آية !!

نادرة هاشم حامدة تكتب : من عجائب أسرار آية !!

نادرة هاشم حامدة

*من عجائب أسرار آية*!!

يقول الله تعالى في صدر سورة الكهف :

*”الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ”

بقلم  : أ. نادرة هاشم حامدة إنها آية تستحق منا كل الإمعان والتدبر، في إتجاه أفقي، و آخر عميق، لنكشف ما تحمله ألفاظ هذه الآية من وحدة المضمون المعنوي في القرآن العظيم، في أدق التفاصيل، وما تحمله هذه الآية من عظيم الإشارات لِمَعَانٍ متينة، توجب لنا حقوقا، و تُظْهِرُ لها، علينا استحقاقات، قد نكون فرطنا بها، فيستشعر المتبصر في الآية عتابا موجعا في طيات المعاني، وهو يتأمل من نوافذ معانيها، حال هذه الأمة، كل هذه المعاني وأكثر؟ ستحملها لكم مكنونات هذه الآية ” *الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب “* حيث يبدأ المولى عز وجل بحمد ذاته العلية، كما حمدها سبحانه وتعالى، في افتتاحية أربع سور أخرى في القرآن الكريم ، هي (أم الكتاب ، آلأنعام، سبأ، فاطر) بالإضافة إلى مواضع عشرة أخرى في سائر كتابه العزيز، ولكني سأُعْنَى بالحمد في افتتاحيات السور فقط. في البداية، هناك سؤالا وجيها لابد من طرحه بين يدي الموضوع، لماذا يحمد المولى عز وجل ذاته العلية سبحانه؟ فإنما الحمد، هو فعل منوط بنا نحن العباد إتجاه ربنا سبحانه وتعالى، نعبده به ونتقرب إليه فيه، في كل وقت، وفي كل حال!، فما المراد من وراء حمد الله ذاته الإلهية؟ يقول في ذلك العلامة ابن عثيمين رحمه الله : إن في حمد الله ذاته العلية سبحانه وتعالى، منفعة عظيمة لنا، إذ يعلمنا بها كيف يكون حمده والثناء عليه؟، وقال آخرون كلاما آخرا له اعتبار وجيه، مفاده أن الله سبحانه وتعالى قد علم منا تقصيرنا في حمده، على الوجه الذي يليق بعظيم نِعَمِه علينا، فحمد ذاته العلية بما يليق بجلاله، وعظيم سلطانه،وعموم نعمائه، فدل بهذا على أنه محمود منذ الأزل، سواء حمده العباد أم لم يحمدوه، وأنه سبحانه وتعالى غني عن حمدهم إن لم يحمدوه، كما أن في حمده لذاته بَيَانٌ لاستحقاق واختصاص الحمد له، دون غيره، كما أن لفظ الحمد لا يُسْتَخدم إلا في حق الله عز وجل. وما زلنا في أسباب حمد الله ذاته العلية، فهناك سبب آخر وجيه لأن يحمد الله ذاته سبحانه وتعالى، وهو عظمة النعمة التي يتأتي بصددها هذا الحمد، فمثلا لو عَايَنَّا النعم التي اقترنت بحمد الله لذاته في افتتاحيات السور الأربعة باستثناء سورة الكهف، نجد أن هذه النعم كلها في دلائل الربوبية، ففي سورة الفاتحة ” *الحمد لله رب العالمين* وفي سورة آلأنعام، ” *الحمد لله الذي خلق السموات والارض*، وفي سورة سبأ *”الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الارض”* وفي سورة فاطر *”الحمد لله فاطر السموات والأرض”*، بينما ينفرد حمد الله لذاته في سورة الكهف بصدد نعمة أخرى مختلفة تماما، إنها نعمة الدستور والشرعية، إنها نعمة (القرآن الكريم )، يقول الله تعالى : *”الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب*” فالله يحمد ذاته العلية على إنزال القرآن على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والمتمعن جيدا في الآية، يلاحظ أنه قد تقدم فيها المنزل عليه، على المنزول، فتقدم (محمد) صلى الله عليه وسلم، على (القرآن الكريم)، في إشارة واضحة إلى إختصاص شرف هذا الكتاب المنزل بالنبي الأمي الخاتم وأمته، هذا الكتاب الذي اجتمعت له أسباب الشرف كلها، شرف الكلام، فهو كلام الله رب العالمين، وشرف اللسان العربي المبين، وشرف الحفظ في اللوح المحفوظ، وشرف السفارة، إذ حمله إلى الأرض أمين الوحي جبريل، وشرف المنزول عليه، إذ نزل على محمد أشرف الخلق أجمعين، وشرف الزمان إذ نزل في ليلة هي خير من ألف شهر من الشهور ، فَحَريٌ بأمة نزل عليها مثل هذا الكتاب أن تحوز كل شرف تليد، وأن تكون في الناس كما أراد لها ربها، خير أمة أخرجت للناس من رب العالمين، نعم، لقد حُزْنا في الماضي هذا الشرف التليد، حين كان فينا القرآن هو المنهج والمرجع والدستور، حين كانت أفعالنا على الأرض ترجمة لآيات القرآن العظيم، حين اتبعنا منه أسباب التمكين لهذا الدين، فلما ابتعدنا عنه، وارتضينا فينا حكما لغيره، وقع فينا ما خَشّاه علينا الرسول الكريم، في أن تتداعى علينا الأمم، وها قد تداعت علينا الأمم يا رسول الله، كما تتداعى الأكلة على قصعتها، رغم كثرتنا، ولكنه صدق فينا وصفك، فنحن تماما الآن غثاء كغثاء السيل، قد قُذِفَ فينا الوهن، فكرهنا الموت وأحببنا الحياة، وانْتُزِعَت مهابتنا من قلوب أعدائنا، بما تركنا من تعاليم قرآننا، الذي حمد الله نفسه بإنزاله علينا، فبطرنا هذه النعمة، ولم نرع لها حقها، ولا مستحقها، فأصابنا ما أصابنا، فعذرا إليك ربنا، عذرا إليك، ما لنا سواك، فَتُبْ علينا، وأَقْبَلْنَا، وَرُدَّنَا إليك ردا جميلا، لِيَعُزَّ بنا من جَدِيدٍ دِينُك الذي هو ديننا

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : لا ادلة على أكاذيب إسرائيل

نبض الحياة لا ادلة على أكاذيب إسرائيل عمر حلمي الغول دولة إسرائيل اللقيطة قامت على …