الرئيسية / الآراء والمقالات / نادرة هاشم حامدة تكتب : *عَلَى شَرَفِكُمْ احْتِفَالُ السَّمَاءِ

نادرة هاشم حامدة تكتب : *عَلَى شَرَفِكُمْ احْتِفَالُ السَّمَاءِ

نادرة هاشم حامدة

عَلَى شَرَفِكُمْ احْتِفَالُ السَّمَاءِ

بقلم :  نادرة هاشم حامدة

 

وصلتني قبل شهر بطاقة دعوة، لشخص واحد، لحضور احتفال في فندق فاخر، كان كل ما في الحفل راقيا رائعا، يَنِمُّ عن استعدادات وترتيبات جيدة، بداية من لجنة الاستقبال، بِزيِّها الموحد الأنيق، وابتسامتها الجميلة، مرورا بالورود الطبيعية والأزاهير التي تملأ المكان، والمفارش المنمقة التي تغطي الطاولات، يعلوها مباخر ذهبية ينبعث منها رائحة بخور زكية، تبعث في النفس الهدوء والانتعاش، ولوحات فنية ربيعية ذات بساتين غناء، و ينابيع ماء، كطلاء للجدران، فتشعر و كأنك في محمية طبيعية وليس في قاعة احتفال، والأضواء البيضاء تعلو المسرح، تكتب عبارات الترحاب، ناهيك عن جودة الخدمة والضيافة من مشروبات ومأكولات، ثم ما زاد هذه الأجواء روعة، الإعلان عن أنه سيتم السحب على جوائز قيمة، ورحلات عمرة في نهاية الاحتفال، بعدها لم نحتمل الانتظار، وأصبح الجميع تحدوه الآمال في أن يكون هو صاحب الرقم الذي سيقع عليه السحب والاختيار ، وعند السحب، كادت تتوقف الأنفاس، وساد الصمت المكان، إلى أن نادوا على أصحاب الحظ، فكان إذا خرج أحدهم، سجد ودموعه تنساب، ولسان حاله يقول : أنا الذي دعاني من دونكم إلى بيته، الرحمن، غادرنا الاحتفال، والكل يتمنى لو أن حفلا آخرا كهذا، نُدْعَى إليه، لعلنا نحظى برحلة عمرة إلى بيت الله الحرام، فنتجرد من الذنوب والآثام، ونرجع صفحة بيضاء. فإذا بهاتف داخلي يقول : إنك مَدْعُوٌ إلى احتفال أروع بكثير من هذا الاحتفال، احتفال لا توصفه الأوصاف، يقدم جوائز لا يمكن أن يقدمها اي احتفال إنه:*الاحتفال السماوي الرمضاني في كل عام* )، حيث الدعوة فيه عامة، لكل من صام رمضان بإيمان واحتساب، والدعوة مرسلة إليك من حبيبك المصطفى المختار، قد حَسَّنَها الْعَلَّامَة الألباني رحمه الله، وذلك مما أخرجه المحدثون الترمذي، وابن ماجة، والنسائي رحمهم الله، من رواية الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال : *” إذا كان أول ليلة من رمضان، صفدت الشياطين، ومردة الجن، وَغُلِّقَتْ أبواب النار، فلم يُفْتَحُ منها باب، وَفُتِحَتْْ أبواب الجنة فلم يُغْلَقَ منها باب، وينادي مناد : يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة”*

فالاحتفال عادة هو عبارة عن : ( *اجتماع لمظاهر، ومراسيم معينة، غير معتادة من قبل، في مكان ما، ومن أجل تكريم شيء ما*) وهذا هو الحادث الآن في السماء، وأنت أيها الصائم بحقه، هو المحتفى به، والذي لأجله يُقَامُ كل عام الاحتفال، تأمل بطاقة الدعوة جيدا، فإنه مكتوب فيها زمان الاحتفال والمكان، وفيها مدته، وأيضا الترتيبات، كما فيها ما تريده، إنها الجوائز العظام، وهي ليست ضربة حظ، بل إنه يُحَصِّلُهَا كل من اجتهد وفاز، دعنا نفصل لمن لم ينتبه للبيانات، فالحفل يبدأ منذ الليلة الأولى من شهر الصيام، إنه في الملأ الأعلى في السماء، مُقَامٌ طيلة ليالي رمضان، والقائم عليه لِجَانٌ من ملائكة الرحمن، وأول ترتيبات هذا الاحتفال، أنها تُسَلْسَلُ الشياطين، ومردة الجان، فقد أراد ربك أن لا يحول شيء، بينك وبين اغتنام الرحمات، فهيا أقبل، واعلم طيلة شهر رمضان، أن أي معصية هي من عند نفسك، فلا تُلْصِقُهَا بالشيطان.

دَعْنَا نُكْمِلُ مراسيم الاحتفال، فلقد أغلقت أبواب جهنم جميعها، فلا يفتح منها باب، حتى لا يعكر أي شيء صفو الاحتفال ، فإنه فقط للرحمات، وقد فتحت على مصاريعها أبواب الجنان الثمان، بين مِصْرَاعَيِّ كل باب مسيرة مائة عام، يا الله، أي أحتفال هذا الاحتفال، وقد تزينت للصائمين الجنان، فإنها لهم تشتاق، هل تعرف ماذا يُخَبَأُُ لك خلف هذه الأبواب؟ إنه النعيم والنعماء، إنه السحر والجمال، إنه ما يخطف لحسنه الأبصار، وتطيش منه الألباب، وريح المسك والعنبر ، يملأ جنبات الجنان، فما أروعه من احتفال، وهل يشبه هذا الزمان زمان؟، هل تتخيله، لماذا لا تعيش تلك الأجواء، فوالله إنه يقين، كما أنك تقرأ كلماتي الآن .

ثم اسمع الصوت الذي يملأ السماء، إنه ينادي عليك، لِتَحِلَّ عليك الرحمات، يقول : *”يا باغي الخير أقبل”* أقبل على هذا النعيم الذي أعده الله لك، أقبل عليه بالصالحات. ثم. ينادي على صاحب الشر، أن كف شرك وأذاك، وأقبل على ربك بالتوبة، لعلك تحظى بالعفو والغفران .

ثم إليكم فقرة الجوائز والمكافآت، من رب كريم متعال، إنها في كل ليلة من ليالي رمضان، والجائزة هي العتق من النار، هذه الجائزة التي نرجوها، لنفوز فوزا عظيما، ثم نختم بالجنة كل النهايات، فيا لسعده الذي اسمه سيكون ضمن قائمة العتقاء، وينادي عليه في ليلة من ليالي رمضان، ثم نعوذ بالله أن يكون منا أو بيننا شقيا أو محروما، قد وصلته هذه الدعوة، وعن هذا الاحتفال الرباني قد غاب*

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس 
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

د عبد الرحيم جاموس يكتب : لاتبيعُوهُ مواقفَ من بعيد ..!

لاتبيعُوهُ مواقفَ من بعيد ..! نص بقلم د. عبدالرحيم جاموس  لا تبيعوهُ مواقفَ من بِعيد …