الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : الشعبية والدور المؤمل

عمر حلمي الغول يكتب : الشعبية والدور المؤمل

عمر حلمي الغول

الشعبية والدور المؤمل

عمر حلمي الغول

في ذكرى انطلاقتها الخامسة والخمسين، التي احيتها يوم الخميس الماضي في مدينة غزة، القى جميل مزهر، نائب الأمين العام للجبهة الشعبية كلمة شملت العديد من العناوين الوطنية، وخاصة لجهة التأكيد على أهمية إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتعزيز الشراكة السياسية، والدعوة لترجمة وتنفيذ اتفاقات المصالحة وآخرها اعلان الجزائر المتفق عليه في منتصف أكتوبر الماضي، والتمسك بالعملية الديمقراطية وخاصة الشق المتعلق باجراء الانتخابات على مختلف الصعد والمستويات بدءا من الجامعات والنقابات وصولا للانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، ومطالبته حركة حماس بالتخلي عن سياسة اغلاق الأبواب امام اجراء الانتخابات، والانخراط الجدي والعملي في العملية الديمقراطية، بعيدا عن الانتقائية، وازدواجية المعايير في هذا الحقل. فضلا عن التقدم بمبادرة وطنية لتجسير الهوة بين القوى الوطنية وحركة حماس الانقلابية.

والمتابع لما حملته كلمة الرفيق مزهر، فإنها في النطاق الوطني اتسمت باعلاء الصوت الوحدوي الإيجابي، وقفزت قيادة الشعبية عن مواقف التوتير والتصلب. رغم ما جاء في خطابه من إعادة نظر كاملة في خيار الحل السياسي، وهذا حق الجبهة المشروع، مع اني اعتقد، ان قيادة الشعبية تعجلت في هذا المنحى. لا سيما وانهم ومعهم الكل الفلسطيني لم تفاجئهم الاندفاعات الفاشية الجديدة في إسرائيل. اضف الى انهم يدركون تاريخيا، ان إسرائيل دولة بنيت وقامت على ركائز رواية كاذبة ومزورة للتاريخ والواقع، ولا تمت بصلة للديمقراطية، وعنوانها الأساس نفي وابادة أصحاب الأرض والتاريخ والرواية الاصلانية، الشعب العربي الفلسطيني، وانتهاج فلسفة التطهير العرقي، والفصل العنصري ضده، وهو احد اهم مرتكزات النازية. وبالتالي صعود الفاشية الجديدة ممثلة ببن غفير وسموتيرش الى منبر التشريع والسلطة التنفيذية في ظل تنامي الميول يمين اليمين الفاشي كان طبيعيا ومنسجما مع بناء واسس وقيم المجتمع الصهيوني اللقيط، مجتمع الدولة اللا شرعية، أداة الرأسمالية العالمية في الوطن العربي.

في مطلق الأحوال، هذا خيار قيادة الشعبية، والذي اعتقد، انه لا يؤثر على تمسكهم بالوحدة الوطنية، والشراكة السياسية على اسس برنامج الاجماع الوطني، وإقامة القيادة الوطنية الموحدة بهدف تصعيد المقاومة الشعبية والسياسية والديبلوماسية والثقافية التربوية والاقتصادية الاجتماعية. وهذا يملي على قيادة وكوادر وأعضاء الشعبية في كافة الساحات دعم وتعزيز الوحدة الوطنية، والابتعاد عن النزعات الانفصالية، او التساوق والتشارك مع بعض القوى المتربصة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وحماية البيت الوطني الفلسطيني الجامع، والضغط مع باقي قوى وفصائل المنظمة والقطاعات الاجتماعية والأكاديمية والنخب السياسية لترميم جسور الوحدة والمصالحة على أسس وركائز تم التوافق عليها في كافة اتفاقات المصالحة. ليس هذا فحسب، بل ضرورة تمسكها باستنهاض كامل للمشروع الوطني في كل الميادين والساحات، وخاصة في المغتربات واوساط الجاليات الفلسطينية، والعمل المشترك مع باقي القوى والفصائل والشخصيات النافذة لتوحيد كل الجاليات على أسس الشراكة الوطنية بعيدا عن التعصب والاجندات المغرضة والمتنافية مع مصالح وحقوق الشعب العليا.

المؤمل من الرفاق في الشعبية في ذكرى انطلاقتهم الخامسة والخمسين كبير، وكبير جدا، وعليهم اذا كانوا يتذكرون وصايا الشهداء ومنهم: المؤسس الحكيم جورج حبش والأمين العام الثاني أبو علي مصطفى ووديع حداد والمفكر والمبدع غسان كنفاني وغيرهم، بالاضافة لتعاليم احد رموز الحركة الاسيرة، الأمين العام المناضل الكبير احمد سعدات، الذين في كافة المحطات الهامة والمفصلية لم يكفوا عن التأكيد على عدم مغادرة مربع منظمة التحرير والوحدة الوطنية، والتكاتف والتساند في كافة ميادين النضال المشترك وصولا للاهداف الوطنية كاملة غير منقوصة.

ومجددا اود لفت انتباه اركان القيادة الشابة نسبيا، التي جاء بها المؤتمر الأخير، الى ضرورة الربط بين الخطاب والشعار السياسي والترجمة العملية الامينة له على الارض. ولا يكفي رفع وترديد الشعارات في المناسبات المختلفة، بل الانغماس الكامل في حقول العمل، وتمثل الدور المناط تاريخيا بالجبهة، واستعادة عافيتها، والخروج من تحت عباءة التيارات الدينية وخاصة جماعة الاخوان المسلمين، الذين لا يمكن ان يكونوا شركاء استراتيجيين، ومن وجهة نظري الخاصة ولا حتى حلفاء تكتيكيين، لانهم يقفون في المربع النقيض فكريا وسياسيا وكفاحيا، الا اذا توطنوا في البيت الفلسطيني. وبالتالي ضرورة الفرز بين الغث والسمين، وعدم الخلط بين الوحدة الوطنية والمناورات السياسية حماية لوحدة الشعب السياسية والاجتماعية والثقافية والوطنية الكفاحية، ووهذا يملي عليهم الابتعاد عن المفاهيم الخاطئة عن الائتلافات “الاستراتيجية”، حتى لا تبقى أسيرة المفاهيم القاصرة نظريا وسياسيا وكفاحيا.

امام القيادات الشابة الجديدة مشوار لا بأس به من النضال على مختلف الصعد والمستويات وصولا لما طمحت وحلمت به الشعبية منذ تأسيسها في الحادي عشر من كانون اول / ديسمبر 1967. ومبروووووووووووك كبيرة ذكرى الانطلاقة، وارجو لهم المزيد من التقدم والارتقاء بمكانتهم واستعادة دورهم كفصيل ثاني بالمعنى الحقيق داخل منظمة التحرير وفي النطاق الوطني العام.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

د عبد الرحيم جاموس يكتب : ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر

ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر… احتجاجات الطلاب : من جامعة كولمبيا في أمريكا إلى طلاب …