الرئيسية / الآراء والمقالات / هديل زقوت تكتب : حرب وسرد ” غزة “

هديل زقوت تكتب : حرب وسرد ” غزة “

هديل وائل زقوت

حرب وسرد ” غزة ”

بقلم الكاتبة / هديل وائل زقوت

لا عاقل يحب الحرب، لكنها تقع فتهدم البيوت، وتقتل الصغار قبل الكبار، وتستبقي أسوأ الذكريات في القلوب.

لذا أعرّج على الأوضاع المأساوية في غزة، من أطفال ماتت قبل أن يستخدموا أسماءهم، وعاش آخرون ل24 ساعة فحسب، وكفّنت جثثهم الطاهرة بورقة تاريخ الوفاة بعد يوم واحد في الحياة!”

عائلات بكاملها أبيدت، أجداد، آباء، شباب، أطفال، ورضّع، كلهم ماتوا دفعة واحدة، ولم ينجُ أحد ليروي فظاعة ما فُقد! قصف بيوت، مستشفيات وكنائس، قتل المدنيين، ومن نجا ليس بأوفر حظاً، لأنه مهدّد بالموت في كل الأحوال. سيموت من العطش ونقص الغذاء والدواء، اعتكاز الناس على ماء ملوثة للشرب كي يبقون على قيد الحياة، وخروجهم بعد منتصف الليل بقليل للذهاب إلى المخابز ومجمعات المأكل لقوت يومهم وتجميع بقايا طعام فاسد وسوء تغذية الذي أدى إلى انتشار وباء، مأواهم المخيمات التي لا تصلح للعيش في ظل فصل الشتاء وسوء الطقس، كل هذه الأهوال والمجازر موثّقة بالصوت والصورة على مرأى من العالم المتحضّر، من دون أن تهتزّ شعرة! والأنكى أن البعض يدعم الصهاينة لارتكاب المزيد من الإبادات بحق غزة. ماذا يمكن أن أقول؟! لن نسامح هذا العالم الوحشي.

مثال حي / ماتوا قبل العشاء

بكاء أم على أطفالها، لأنهم ماتوا جائعين، قبل أن يتناولوا طعام العشاء، وما قاله أب لطفله وهو يبكي عليه ويقول، إنه اشترى له ثلاث علب حليب. كل هذه الأوجاع الإنسانية تحتاج إلى كُتّاب بحجم غسان كنفاني كي يسجّلوها. فهناك إبادة ثقافية حيث مفهوم “الإبادة الجماعية”، التي جرّمته الأمم المتحدة، وهو لا يعني بالضرورة “التدمير الكامل”وبحسب تعريف القانوني البولندي رافائيل ليمكين، يدلّ المصطلح على “مخطط منسق من أفعال مختلفة، تستهدف تدمير قواعد الحياة الأساسية لمجموعة قومية، ومن ثم ينعكس المخطط على الأرض في صورة إجراءات عنفية وعقابية جماعية.

ومع فداحة الجرائم، ينشغل المحللون بالكلام عن موازين القوة وأنواع التسليح، ويتناسون الجانب الثقافي للإبادة، المتعلق بالهوية واللغة والمعنى والذاكرة والآثار والعمارة، أو على حدّ تعبير هاينرش هاينه: “عندما يحرقون الكتب سينتهي بهم المطاف بحرق البشر.

يظهر هذا كثيراً في تهميش السردية الفلسطينية والتعتيم عليها وتشويهها، كما حرصت الحركة الصهيونية على “امتلاك” التاريخ في فلسطين، بدءًا من تغيير أسماء المدن، والمبالغة في إظهار وجود متصل لها في المنطقة، كأن الاحتلال ليس للجغرافيا فقط، وإنما للتاريخ أيضاً.

وفي الصراع الحالي، لم يتردد الاحتلال في قصف المستشفى المعمداني الذي يعود عمره إلى مئة عام، وكذلك كنيسة الروم أقدم كنيسة في العالم.. فتدمير التراث والعمارة بمثابة محو لهوية المكان ولذاكرة سكانه، ضمن خطة مقصودة تقول للعالم: ليس ثمّة أثر يدل على أن شعباً آخر عاش هنا.!

الصراع معقد يشتبك فيه السياسة وقوّة المال والإعلام والثقافة وآلة الحرب الجهنمية، والتساؤل “هل يمكننا تخيّل مليونَي إنسان يعيشون في معتقل أمام أعين العالم كله، ومع ذلك يُضرَبون كل ليلة بالقنابل المحرّمة دولياً، وهل يمكننا تخيّل غياب وموت الضمير الإنساني.

انتهاء مقالي في استفهامي هنا : كل حرب تنتهي إلى تفاوض عاجلاً أم آجلًا، فهل ثمة إمكانية للسلام يوقف آلة الدمار المجنون؟

 

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس 
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

د عبد الرحيم جاموس يكتب : لاتبيعُوهُ مواقفَ من بعيد ..!

لاتبيعُوهُ مواقفَ من بعيد ..! نص بقلم د. عبدالرحيم جاموس  لا تبيعوهُ مواقفَ من بِعيد …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *