الرئيسية / الآراء والمقالات / بكر أبوبكر يكتب : ما هكذا يا أبومرزوق؟

بكر أبوبكر يكتب : ما هكذا يا أبومرزوق؟

بكر أبوبكر

بكر أبوبكر يكتب : ما هكذا يا أبومرزوق؟

بكر أبوبكر

رغم المذابح التي لاتتوقف من قبل مجرم الحرب “نتنياهو” وحكومته الساديّة والفاشية فإن بعض القيادات من حركة “حماس” تغرّد خارج سرب مآلات الأحداث، وبعيدًا عن الإحساس بحقيقة النكبة والكارثة العظمى التي وقعت على رأس أهل فلسطين، وخاصة للفلسطينيين في قطاع غزة حيث يتقلبون بين نيران القصف الهمجي والقتل والمرض والجوع، مقابل النفخ الدعائي من فضائيات تهييجية بعينها في العمل العسكري بغزة، وكأن “العدوان” هو حرب بين جيشين عظيمين متساويين، وليس بين جيش فاشي، وشعب متجذر لم يرى العالم له مثيل وتركع عند قدميه أمم العالم.

رغم حجم المأساة والكارثة التي حلت على رأس الشعب الفلسطيني والتي بان حجمها مع تقاطر وفود الدول الاستعمارية خاصة أمريكا، وبريطانيا، وألمانيا لدعم الكيان بكل ثقلها بالعتاد والرجال، وبالمال بما هو أكثر من أموال قارون، فإن قيادة الحدث الفلسطيني لم تفكر ولو للحظة أن تُحسن خطابها وتتفكر وتعيد الحسابات؟! فالحاصل والقادم أكبر بكثير مما هو متوقع أومخطط له.

رغم حجم المأساة والكارثة التي وقعت على رأس الفلسطينيين والتي كانت تستدعي على الأقل منذ 17/10/2023 (مجزرة المستشفى المعمداني) التوقف والمراجعة وتغيير المسار، والنظر في حقيقة التحالفات. أو على الأقل بعد خطاب حسن نصر الله الذي سحب يديه والمحور من منع الدخول البري للقطاع -كما توقع العالم- موضحًا عدم علمه وعدم علم إيران بالطوفان، وموجهًا رسالة واضحة أن الانتصار تحقق باليوم الأول ونقطة. ومشيرًا ان الحرب تُكسب بالنقاط وليس بالضربة القاضية أي برسالة واضحة ل”حماس” أن أعيدوا حساباتكم! إلا أن ذلك التوضيح ومجال الحكمة النصراوية ذهب هباءً.

نقول أنه وبعد 140 يومًا من العدوان مازالت بعض قيادات “حماس” تغرّد ضمن الرؤية المرتبطة بالاكتفاء بالذات وبالزهو الآني (أول يوم) وبمحورها صاحب مقولة “وحدة الساحات” الذي لم يفعل شيئًا لفلسطين سوى الصرخات الرنانة والخطابات الطنانة، على عكس المتوقع أوالمأمول في حرب هدفها كما قالت قيادات من “حماس” تحرير فلسطين، وتغرد بما هو خارج سرب الإحساس أو الإحاطة بحجم الابتعاد عن التحليل العقلاني وإعادة النظر! فالقائم أو الواقع الجديد الذي أحدثه العدوان معاكس تمامًا لما كان متوقعًا من محدودية رد فعل كما أشار العديد من المحللين (وكما أشارت وثيقة صحيفة لوفيغارو في ديسمبر 2023 من غضب السنوار لخذلان إيران له، حيث كان المتفق عليه غير ما حصل).

والى ذلك ما زالت بعض قيادات “حماس” بعيدة عن التفكر العقلاني بمآلات الاحداث، وضرورة مراجعة الذات ونقدها والتفكر وطنيًا في خطة الخروج، ومازالت بعيدة عن الإحساس والإحاطة بحجم الألم الفظيع للفلسطينيين المنهكين في قطاع غزة! وفي الضفة.

تفاجأنا فيما سبق بتصريحات القيادي موسى أبومرزوق العجيبة (أكتوبر 2023م) عن أن الأنفاق صُنعت لحماية “حماس” فقط وأن للفلسطينيين في غزة لهم وكالة “الأنروا”!؟ ساحبًا يديه من واجبه الأول والأسمى باعتبار فصيله يدير القطاع بالأمر الواقع المتمثل بحماية الشعب الفلسطيني أوتهيئته لأي عدوان وتنبيهه للتحوط والاستعداد وكيفية المواجهة المدنية!؟

وكأن الشعب آخر همّه، فالفصيل أولًا وليذهب الجميع فداء له! وكما قال أحد قيادات “حماس” بالسلطة سابقًا أن: أموال حماس لحماس، دون الشعب الذي تحكمه!

لنتفاجأ لاحقًا (ديسمبر 2023م) بمن يشدّ على نفسه كثيرًا ويطلع علينا من إسطنبول وليس من قطاع غزة أو منطقة نفوذه في شمال القطاع! مهدّدًا ومتوعدًا وكأنه يملك بين أصبعيه مصير العالم، حيث صرخ القيادي في “حماس” فتحي حماد بالاتهامات المتكررة والمعيبة من سنوات التي يتميز بها هو وثلة من “حماس” موزعًا تهم الخيانة لغيره من الفلسطينيين!؟ بلا رادع من دين أو وطنية، وفي تغييب عن الواقع الحزين والمؤلم داعيًا الفلسطينيين تحت الاحتلال لإقامة الخلافة الإسلامية!

من المعلوم أن معظم قيادات حركة “حماس” قد انتقلت الى خارج القطاع لأسباب مبهمة حتى الآن منذ شهر 7 العام 2022 (أي قبل عام بالتمام والكمال من طوفان الأقصى؟!) وخالفت أبسط قواعد الالتحام بالجماهير والتعلم منها وخدمتها، باعتبار “حماس” ممثل المقاومة “الحصرية الشكل والأسلوب، وقائدتها” كما يتم الترويج لها خاصة من مساندي “الاخوان المسلمين” من دول وجماعات، وفضائيات تخصصت بالتهييج والتجييش والتحشيد.

لو أن الفهم لمعنى الكفاح او المقاومة أو الثورة اقتصر على فعل البندقية فقط، لكُسر القلم والريشة والمعول واختنقت الكلمة والصورة واليد المرفوعة تحية لفلسطين ودعمًا لنضالاتها، ولو كانت البندقية بغير رسالة واضحة لما حققت الثورة والمقاومة الفلسطينية عديد الإنجازات التي جعلت الشعب الفلسطيني ساطعًا كالنجم، وعَصيًا على الكسر، وبالتالي حققت الاعتراف العالمي به وبالكيانية والوطنية الفلسطينية الجامعة التي تقف اليوم عقبة كأداء أمام من ينظر للشعب الفلسطيني بصفته “المجهول”، أو غير الموجود، أو يعمد بقوة لتجاهل روايته وأنىّ له أن ينجح أبدًا.

بين الرؤية القيادية المحدودة أو المستقبلية الغائبة، أو خطأ بالحسابات، أوعدم فهم المتغيرات، والارتكان لمحور ليس همّه الا حماية ذاته ومصالحه بالهيمنة الاقليمية عبر حوائط صدّ أبرزها الحائط الفلسطيني الذي يستشهد بالآلاف ويموت الأحياء منه يوميًا ألف موته بحثًا عن الماء أوالخبز أوالدواء أو الملجأ الآمن.

وبين تصريحات منفلتة من عقالها تنقلت بين الزهو والعليائية والاستهتار بآلام الشعب الفلسطيني، أو اتهام الآخرين وتعهيرهم نصل اليوم الى محطة لم يعد يجدي فيها التنظير، مقابل ضرورة وأولوية انقاذ شعبنا الفلسطيني من مرحلة الدمار الشامل الذي أعاد غزة الى العصر الحجري، وطحن الشعب بالضفة والقطاع تمهيدًا لتهجيره أو شطبه من مربع البشر.

بين انعدام الرؤية والخطابات أو التغريدات يصرح موسى أبومرزوق بخطابه في قناة الغد 22/2/2024 معلنًا موافقته المتواضعة على إدارة قطاع غزة من قبل حكومة كفاءات، ومؤكدًا على وثيقة “حماس”عام 2017 التي أعلنت قبول ما يقبل به الشعب الفلسطيني أي الدولة الفلسطينية على حدود 1967؟! لتتبخر مطالب حرب التحرير الكامل؟! أو كما قال محمد الضيف مخاطبًا حماس والفصائل وكل الامة في خطاب اليوم الأول “ابدئوا بالزحف الآن نحو فلسطين، ولا تجعلوا حدوداً ولا أنظمة ولا قيودا تحرمكم شرف الجهاد والمشاركة في تحرير المسجد الأقصى”.

وليؤكد أبومرزوق أن “حماس لا تنظر للحكم كغاية في أي وقت”! ورغم إشارته التي حملت إحساسًا مختلفًا عما سبق وذكره أن الشعب الفلسطيني له وكالة غوث اللاجئين “الأنروا” والأنفاق لحماس فقط! قال أن” عين الحركة بالأساس على الشعب الفلسطيني لرفع البلاء عنه”، إلا أنه رغم ذلك يعود لاستعراض مفهوم الثورة والمقاومة مرتبطًا بفصيله، وفقط بالبندقية المتخلصة من الإحساس بالجماهير وعذاباته، وغير المسيّسة، ويقوم ب”تهديد” التحالف الغربي-الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، وكأنه يستدرج الجيش الصهيوني الفاشي لمعركته الفاصلة (بعد خراب البصرة)، بقوله “أن اجتياح رفح سيكون أكثر سوءا للإسرائيليين! وأن “إسرائيل” لن تحقق شيئا من أهدافها حال اجتياحها للمدينة، والمقاومة هناك أكثر جاهزية ولم تشارك في المعارك السابقة حتى الآن”!؟ في عملية غياب حقيقي عما يحصل من دمار فظيع للبشر والحجر والمكان برمته الذي تم محوه وتدميره، وفي مراهنته كما قال على “صمود أهل غزة والمقاومة والرأي العام”؟!

لم يعد يجدي التنظير بتاتًا، فالدمار المهول الذي مسح ملامح البلد وملامح أهلها فوق الأرض وتحتها، لا يمكّن أحدًا من “التهديد” أو ادعاء القوة الساحقة الماحقة، ولا يسمح له وفق أي علم أن يقارن بين قلّة مسلحة وشعب منكوب مقابل غزو غربي صليبي- صهيوني!

يقول الفيلسوف الصيني القديم (صن تزو) في كتابه الشهير فن الحرب الذي يدرّس حتى اليوم في كل الكليات العسكرية: “أن إحراز مئة انتصار في مئة معركة ليس هو الأفضل، بل إن إخضاع العدو بدون قتال هو أفضل ما يكون. أما في حال عدم إمكان الوصول الى تلك النتيجة وبالوسائل المتوافرة فعندها يتم اللجوء الى القوة المسلحة لتحقيق النصر، ولكن وفق الشروط الآتية: – إختصار فترة الحرب، – تخفيف الآلام والخسائر البشرية، – تكبيد العدو أقل خسائر ممكنة.

رغم المذابح التي لاتتوقف من قبل مجرم الحرب “نتنياهو” وحكومته السادية والفاشية ضد الشعب الفلسطيني البطل، الشعب الجبار الذي صنع الثورة وكل قياداتها الباقية أو الآفلة، فإن لابي مرزوق أو غيره أن يقول ما يشاء، ولكن ليس لأحد أن يحصر هو أو غيره نضال الشعب الفلسطيني الطويل والمستمر جولات تتلوها جولات بفصيله فقط، أو بأسلوب فصيله وخياراته الانفرادية.

لأي كان أن يقفز لاستنتاجات غير موثقة كما يشاء بمآلات الاوضاع في فلسطين وغزة، ولكن أن يتواضع كثيرًا أمام شهداء فلسطين في غزة ورفح، وكل مكان. وأمام دروس فلسطين وقضيتها الباقية بفصائل أو بدونها.

إن على القائد السياسي الخادم الاول لشعبه عندما يخطو أي خطوة أن يتمتع بدقة النظر في المتغيرات ورؤية المستقبل بما فيه مصلحة القضية وثبات الشعب، وبأن يحسب حساب القوى والمكاسب والمخاسر، والنتائج بحجم الإعداد والمتوقع. وليكن من تلمّسه لخلاصات شعوب الأرض بكفاحها متعدد الاشكال والأساليب عدّته الفكرية والثقافية والسياسية فيعلم متى يُقدِم ومتى يُحجِم أو يتوقف معيدًا النظر ليدير عجلة القيادة باتجاه آخر أو يتركها لغيره، وعليه أيضًا أن يعلم متى يصارع أو يتنازل لأخوته ويتواضع ويندرج في سياق الكلّ الوطني لأن النظرة الجماعية الشمولية أوسع وأهم وأعمق بكثير من النظرة الحزبية الضيقة مهما كان زهو البداية، ونداء اللحظة ينبيء بغير ذلك.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس 
عضو المجلس الوطني الفلسطيني

د عبد الرحيم جاموس يكتب : لاتبيعُوهُ مواقفَ من بعيد ..!

لاتبيعُوهُ مواقفَ من بعيد ..! نص بقلم د. عبدالرحيم جاموس  لا تبيعوهُ مواقفَ من بِعيد …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *