الرئيسية / الآراء والمقالات / نادرة هاشم حامدة تكتب : انتبه !!! إنه الميثاق

نادرة هاشم حامدة تكتب : انتبه !!! إنه الميثاق

كاتبة واعلامية / فلسطين
كاتبة واعلامية / فلسطين

انتبه !!! إنه الميثاق

 فلنؤكد العهد مع الله، في ذكرى الميثاق، وَلِنُرِيَ الله منا فيه عزما، يرضيه عنا، فيباهي بنا ملائكته، ويغفر لنا

بقلم : أ. نادرة هاشم حامدة

إنها العشر من ذي الحجة، أفضل أيام العام في أجر العمل، فهل تعرف حقيقة عظمة هذه الأيام؟ وهل تعرف لماذا جعل الله مقصد البيت، والحج إليه في هذا التوقيت بالذات؟ وهل تعرف السر الكامن في أن يوم عرفة هو ركن الحج الأعظم، وليس الطواف بالكعبة؟، وهل تعرف لماذا سمي عرفة بهذا الاسم؟ ولماذا الوقوف بعرفة بالتحديد يوم التاسع من ذي الحجة، ومن فاته، قد فاته الحج؟ دعونا نجيب على هذه الأسئلة ضمنا، وتحليلا وربطا من خلال القرآن والسنة؟ يقول الله تعالى : ” *وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غافلين”* (الأعراف172)

 إنها آية عظيمة تلخص المطلب الأقدم، الذي يوجهه الله عز وجل إلى بني آدم، ليعرفهم به على ذاته العلية، من خلال ربوبيته سبحانه، وذلك من أجل إقامة الخلافة في الأرض، على أسس سليمة، وفق هذا الإقرار. . *المعنى الإجمالي للآية* : يقول الإمام الطبري رحمه الله : والقول في تأويل الآية : (واذكر يا محمد ربك إذ استخرج ولد آدم من أصلاب آبائهم، فقررهم بتوحيده، وأشهد بعضهم على بعض شهادتهم بذلك، وإقرارهم به) انتهى. لقد شهد بنو آدم لله عز وجل بالربوبية، وأقروها له سبحانه وتعالى، وتعتبر الشهادة على النفس أعلى درجات الشهادة، وهي أقوى الأدلة التي تدين صاحبها إذا خالفها. *معاني في عميق الآية* : إن المتدبر في الآية الكريمة، يدرك رغم كلماتها المعدودة، عميق معانيها، إذ تحمل في طياتها : القدرة والاقتدار، العهد و الميثاق، الشهادة والإقرار، التحذير والإمهال، سد الذرائع، والإحكام، كما تحمل أصل الحكاية منذ البداية إلى الاختتام              

 *لماذا كان الإقرار بالربوبية في الآية، وليس بالألوهية* ؟ : لأن الربوبية هي المتعلقة بأفعال الله عز وجل، التي يمكن أن يراها العبد أو يشعر بها ليقرها، فالرب هو المالك، الخالق، الرازق، المهين، المحيي، المميت، المسيطر، المدبر لشئون خلقه، فهذه الربوبية هي التي تَعَرَّفَ بها بنو آدم، على الله عز وجل، فأقروها له، بينما الألوهية متعلقة بأفعال العبد اتجاه ربه، نتيجة لإيمانه بالربوبية، فالألوهية تتأتى بعد الإيمان بالربوبية، فمتى ركزت الربوبية في النفس السوية، فإنها ستذعن للرب، وتخضع له بالطاعة، والعبادة، فلذلك كان السؤال من المولى عز وجل( ألست بربكم؟)، والجواب عليه من بني آدم كان ( بلى)، ومن المؤكد أن السؤال والجواب، قد توقف كل منهما على معرفة بني آدم للرب عز وجل، من خلال إيجادهم في في عالم الذر، وعليه كان جوابهم (بلى)، التي تفيد الاقرار المؤكد المطلق، ومن هنا كانت بداية معرفة بني آدم ربهم سبحانه وتعالى .                

                                      *عالم الذر والآية الكريمة* : يؤمن أهل السنة والجماعة بعالم الذر، وجمهور المفسرين على أن الأخذ في قوله تعالى” *وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ* “، هو إخراج جميع ذراري و نسمات بني آدم من ظهورهم، وهو ما يعرف (بعالم الذر )، وأنه في الآية على الحقيقة، وليس على المجاز. وإن السنة النبوية تؤكد هذا، من خلال تفسير مفصل للآية الكريمة، كما سيأتي لاحقا، كما أن هناك أحاديث صحيحة، ترتبط ارتباطا وثيقا، بمعنى عالم الذر حقيقة لا مجاز. *غيب ووحي* : إن الآية الكريمة إنما تتحدث عن غيب، لا يمكن لنا أن نعرف تفاصيله، إلا عن طريق الوحي، فقد قال ﷺ، فيما أخرجه الإمام أحمد، وصححه الألباني رحمهما الله :  

( *إنَّ اللهَ أخذَ الميثاقَ مِن ظهرِ آدمَ عليه السلام بِ ( نعمانَ ) يومَ عرفةَ، و أخرجَ من صُلبِه كلَّ ذريةٍ ذراها فنثرَهمْ بينَ يديهِ كالذَّرِّ، ثمَّ كلَّمَهُم قَبَلًا قال : أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلى*) 

 لقد فسرت السنة النبوية، الآية الكريمة مضيفة معلومات هامة للمعنى، هذه المعلومات هي العناصر التي بصددها هذا المقال.

 *شرح الحديث* : لقد أطلقت السنة على الأخذ في الآية الكريمة اسم ( الميثاق)، كما ذكرت مكان هذا الميثاق، أنه ب(نعمان)، وهو واد في مكة في جبل التنعيم، بين جبلي نعيم وناعم، وقيل أنه : واد وراء عرفة، يقال له نعمان الأراك، أو نعمان السحاب، كذلك ذكر الحديث زمن حدوث الميثاق، إنه (يوم عرفة)، يوم التاسع من ذي الحجة. *حضور الميثاق* : لقد حضرنا كلنا الميثاق، وشهدنا على ما فيه، وأقررناه، و(كلنا) تشمل جميع ذرية آدم، التي فوق الأرض، وتحت الأرض، والتي في الأصلاب، مسلمين كانوا، أو يهود، أو نصارى، أو على أي ملة أو دين، أوحتى ملحدين، فإنما الميثاق شهده جميع ذرية آدم، منذ آدم إلى أن يرث الله الارض ومن عليها.                    

  *تقرير المحضر* : سنجمع عناصر المحضر في تقرير، بناء على معلومات السنة النبوية في الحديث الشريف السابق الذي صححه العلامة الالباني رحمه الله.     

 *الموضوع* : الميثاق. 

*أطرافه* : الله عز و جل، وبنو آدم أجمعين. 

*غرض الميثاق* : الإقرار من بني آدم على ربوبية الله.

 *المكان* : نعمان، وهو محيط جبل عرفات، وهو المكان الذي عرف فيه بنو آدم ربهم، فيمي جبل عرفة .

  *الزمان* : التاسع من ذي الحجة، ( يوم عرفة ) . 

*طريقة الإقرار* : الخطاب بالسؤال وجاهة إلينا من الله ( كلمهم قبلا )               

  السؤال : ألست بربكم؟.

 *الجواب* : بلى.            

*النتيجة*: لقد تم إقرار بني آدم بربوبية الله، وشهدوا عليها.

*إضافات أخرى* : التحذير من الغفلة عن الميثاق، أوالتحجج بفعل الآباء، كما في نهاية الآية.

*أهمية هذا الميثاق* : يعتبر هذا الميثاق ركيزة الفطرة السليمة في نفوسنا، وفي قلوبنا، فهو الدمغة الربانية ،الجينية، الوراثية، التي فطر الله الناس عليها رحمة بهم، حيث قال تعالى : ” *فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها* ” الروم 30، فقد وُضِعَتُ الفطرة بهذا الميثاق. 

*ما انبثق عن الميثاق* : قال ﷺ : ” *كل مولود يولد على الفطرة – وفي رواية : على هذه الملة ، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه ، أو يمجسانه، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء* ” (متفق عليه)، فهذه هي الفطرة الدامغة التي انبثقت فينا عن الميثاق. *الميثاق والإلحاد*: لسان حال الكفرة والملحدين، يرفض التمشي مع الفطرة، ومع الركيزة التي جبلوا عليها، معاندين مكابرين، يتبعون الشيطان ، وقد وصف القرآن حالهم هذا، فقال : ” *وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا*” النمل 14، ولم يكن عندهم العزم الكافي، ليرعوا للميثاق حرمته، كما قال القرآن عنهم : ” *وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ۖ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ* ” الأعراف 102، حيث يقول الإمام البغوي رحمه الله في تفسير هذه الآية: (إنه العهد الذي عاهدهم الله يوم الميثاق، حين أخرجهم من صلب آدم، أي : ما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين ناقضين للعهد والميثاق).

 ولكن قد تظهر هذه الفطرة في هؤلاء الملحدين فجأة، حين يحاط بهم الموت في البر أو في البحر أو في الجو، فينكشف ما جُبِل فيهم عن الميثاق القديم، فتجدهم يصرخون في قلب الموت، يا رب، ياارب.                      

  *الميثاق وإبليس الرجيم* : منذ خُلِقَ آدم عليه السلام ، والبشرية تعيش في تحد كبير للغواية والإضلال، قد أعلنه ابليس الرجيم في السماء متحديا، فلقد أقسم الرجيم، بعزة الله ليغوينا أجمعين، بعد أن رفض السجود لأبينا آدم، معتبرا أفضليته عليه، وعصى بذلك ربه، وقد أخبر عن هذا القران بقوله : 

” *فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إلا عبادك منهم المخلصين* ” ص 82، وطلب من الله إمهاله لذلك، إلى يوم البعث، لتكون لديه فرصة أكبر لغوايتنا، فقال : ” *أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا* ” الإسراء 62، فأجابه الله لطلبه فقال له : ” *إنك من المنظرين* ” الحجر 27، فكانت رحمة الله بنا بهذا الميثاق، الذي كان بمثابة أرضية للحق، وحصانة ضد غواية الشيطان، يعمل كالبؤرة المغناطيسية التي تعيد الإنسان إلى الطريق الصحيح، ولو بالشعور والإحساس، ولقد بينت السنة النبوية دور الشياطين صراحة، في تغيير فطرة الميثاق القديم، فقد قال ﷺ : ” يقول الله تعالى : ( *إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين، فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم “من الحكمة*) أخرجه مسلم. *هل نحن نتذكر الميثاق في عالم الذر* : نحن لا نتذكر وجودنا في رحم أمهاتنا تسعة أشهر، ونحن في عالم الأجنة، وهذا لا ينفي أبدا حقيقة وجودنا في عالم الأجنة، وكذلك الأمر بالنسبة لوجودنا في عالم الذر، والميثاق الذي فيه، وهذا لحكمة من الله، ولكن من حكمة الله أن آثار.هذا الميثاق فينا، فقد دُمِغَ في جيناتنا الوراثية .

 *عالم الذر والميثاق* : الحديث السابق الذي صححه الألباني، يصف بني آدم بقوله ” *فنثرَهمْ بينَ يديهِ كالذّر*” والذر هو النمل الصغير، فإن ساورك العجب، من حالة إعقالك يومها، وحالة ردك، وإقرارك بربوبية الله، كيف أنك أدركت وأنت في عالم الذر؟، فنقول لك: لا تعجب، فإن نملة سليمان، التي ذكرها القرآن، هي من الذر، وقد سجل لها القرآن مقولة حكيمة تنصح بها النمل، إذ قالت : ” *يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ* ” النمل 18، فإن هذا مؤكد سيحيل العجب لديك إلى يقين، كما أن علم الذرة الحديث أثبت أن لكل ذرة ذاكرة وشعور وإحساس بما حولها، تتحرك في انتقال الكتروناتها، محدثة صوتا،وكانه تسبيح، وهذا ما سبقته إليهم الآيات، منذ اكثر من أربعة عشر قرنا، في قوله تعالى : ” *وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا* ” الإسراء 44                                         

*عرفة والميثاق*: مما تقدم نجد أن الحياة الدنيا، تتعلق بهذا الميثاق، فطرة وفلاح ، او عناد وطلاح، وقد عرفنا الله سبحانه وتعالى فيه، لنوله حقه في العبادة، إلا أن الله عز وجل لا يحاسبنا على هذا الميثاق، من رحمته بنا، بل أرسل الرسل والنبيين، مبشرين ومنذرين، يذكروننا بالأمانة والعهد والميثاق الذي أخذناه على أنفسنا لله في عالم الذر، قال تعالى : ” *وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا”* الاسراء ١٥. *الله عز وجل وملائكته والميثاق* : عندما أخبر المولى عز وجل بأنه سيجعل في الارض خليفة، كان هذا الحوار بين الله وملائكته، قال تعالى: *وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً” ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ*” البقرة 30، فلقد قال الملائكة لله سبحانه وتعالى، وقد خافت يكون سبب هذا الخليفة، تقصير منها في عبادته، او تقديسه سبحانه، في إشارة منها، تفيد أنها أحق منه في هذه الخلافة، ذاكرة ما كان في الأرض قبل آدم، إذ سُفِكَتْ الدماء، وحل الفساد، فكان الجواب من المولى عز وجل لهم، ” *إني أعلم ما لا تعلمون* ” ففي علم الله عز وجل ، انه سيكون من بني آدم الانبياء والرسل، والصديقون، والشهداء.والهداة المهديون، وليس كما يصفون، فكان هذا الميثاق القديم، ليبرمج فينا الفطرة، التي نمضي بها على سراط مستقيم، وتعيدنا إذا ضللنا إلى الطريق القويم، وكان ذلك في يوم عرفة، على جبل عرفة، في التاسع من ذي الحجة، حيث يباهي الله سبحانه وتعالى ملائكته بنا، ليذكرهم ، انه قال لهم : ” إني أعلم ما لا تعلمون”، في كل ذكرى من ذلك الميثاق، وهم يرون بني آدم الذين حفظوا العهد والميثاق. * *الحج والميثاق*: قال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام : *وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ*”الحج ٢٧، فالملاحظ أن الآذان بالحج في الاية، إنما هو لكل الناس، وليس فقط للمسلمين، ليؤكد الله أن الحج إنما هو ذكرى الميثاق، ليأتيه كل الناس، يؤكدوه ويجددوه، ولكن أغلبهم لم يكن فيهم عزما، وكان أكثرهم فاسقين، تماما كما قال تعالى : ” *وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ۖ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ* ” الأعراف 102،”. *المسلمون والميثاق* : وكانت الخيرية في الأمة المحمدية، التي حفظت العهد والميثاق، والكتاب، وكانت فيها فريضة الحج إلى الله، كل عام لمن استطاع إليه سبيلا، يقصدونها ليجددوا العهد والميثاق مع الله، في نفس المكان والزمان، الذي كان فيه الميثاق القديم، والذي كان فيه شعائر الحج، حيث شعائر أمنا هاجر وابنها إسماعيل، الذي أمر الله خليله إبراهيم أن ينقلهما من فلسطين إلى مكة، حيث البيت الحرام ،وعرفة مكان الميثاق، لحكمة أرادها الله، هي التي نراها اليوم في ملايين الحجيج إلى حيث ميثاق الله، عند بيته. *مباهاة الله يوم عرفة* : يوم عرفة، يوم ذكرى الميثاق، حيث فيه تبيان لأثره في الحجيج ، وفي غير الحجيج، حيث الألسن تلهج بالتهليل والتسبيح والتحميد منذ بداية العشر، يعلنون أنهم مقرون بالربوبية والالوهية، وانهم على العهد والميثاق، حتى إذا كان يوم عرفة قوي العزم، وصامه غير الحجيج، لتكفر سنة سابقة وسنة آتية، من عظمة عرفة، ويكون الدعاء فيها، كما علمناﷺ حيث يقول ﷺ : ” *خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*” رواه الترمذي. *الله عز وجل يتفقد الحجيج في ذكرى الميثاق*: ففي ذكرى الميثاق من كل عام، وفي نهار عرفة، يوم التاسع من ذي الحجة، فإن الله ينزل الى السماء الدنيا، نزولا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، ليرى عباده الذين جاؤوه، من كل فج عميق، شعثا، غبرا، وحالهم وفاء العهد، والالتزام بالميثاق، يرجون رحمته، ويخافون عذابه، ليعتقهم من النار، فيباهي بهم ملائكته، فإنه يعلم ما لا يعلمون، وقد جاء في الحديث الصحيح ” *ما مِن يومٍ أكثر مِن أنْ يُعْتِقَ اللهُ فيه عبدًا مِن النارِ، مِن يومِ عرفة، وإنَّه ليدنو، ثم يُباهي بهم الملائكةَ*” رواه مسلم. إنه يوم عرفة، يوم الميثاق الفطري، الذي جعله الله فينا حرزا لمن شاء له بالهدى. كما أن في هذا اليوم يشعر ابليس الرجيم، بفشله الذي أقسم عليه بغوايتنا، لنكون معه في الجحيم، ولكن الله يغفر للحجيج؛ في صعيد عرفات وَيُشْهِدُ ملائكته على ذلك، فيدحر ابليس، حتى أنه يصغر ويغتاظ، فمَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ” *انتبهوا ….إنه يوم الميثاق*. فلنملأ الفضاء بالتكبير، والتهليل، والتحميد، ولنجدد العهد والميثاق مع الله، ولنؤكده له، كتب الله لنا ولكم أن نكون العام المقبل هناك في حضرة الميثاق، في الزمان والمكان في رحلة الحج السنة القادمة، وفي ذكرى الميثاق.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

د عبد الرحيم جاموس يكتب : ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر

ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر… احتجاجات الطلاب : من جامعة كولمبيا في أمريكا إلى طلاب …