الرئيسية / الآراء والمقالات / عائد زقوت يكتب : الخطاب النَّصري في ميزان الشرق الأطلسي

عائد زقوت يكتب : الخطاب النَّصري في ميزان الشرق الأطلسي

عائد زقوت

الخطاب النَّصري في ميزان الشرق الأطلسي

عائد زقوت

لا يخفى على أحدٍ الجهود التي تبذلها أميركا للحفاظ على مصالحها في الشرق الأوسط، والعمل على تحصينه ليصبح شرقًا أطلسيًا بامتياز دونما مشاركة من أحد في إطار محاولاتها للبقاء على عرش العالم في ظلّ الحرب الأوكرانية التي خلطت كثيرًا من الأوراق في الساحة المتوسطيّة.

في ضوء التداعيات السياسيّة للتحركات الأميركية في المنطقة جاء خطاب النَّصري في ذكرى ما يُسمى بالقادة الشهداء وعلى غير العادة فقد امتازت لغة الخطاب بالتوتر والعصبية والصراخ أحيانًا بما لا ينسجم مع لغة العقل والحكمة والتكليف الإلهي له بالدفاع عن لبنان حسب ما يدّعي، حيث توجّه نصرالله خلال كلمته للأميركيين بالقول” إذا دفعتم لبنان إلى الفوضى فعليكم أن تنتظروا الفوضى في كل المنطقة وفي مقدّمتها ربيبتكم إسرائيل “.

الاستفاقة النّصرية لتهديد أميركا بضرب إسرائيل ونشر الفوضى في كل المنطقة ويقصد هنا الدول العربية جاءت في إطار استراتيجية الوعي الإيراني بعدم القدرة على محاربة أميركا أو إسرائيل مباشرة وأكد هذا النهج القول الشهير لقاسم سليماني ” مجنون من يقاتل أميركا ” لذا أطلقت ايران أيدي أذرعها في المنطقة للقيام بمهمة هدم الكيانية العربية ووحدتها.

المتغيرات المتلاحقة في إطار إعادة التموضع وترتيب الأوراق في المتوسط أطفى المسألة اللبنانية على السطح من جديد، خاصةً في ظلّ الفراغ الرئاسي والانهيار الاقتصادي، على إثر ذلك تداعى اللاعبون الأساسيون في الساحة اللبنانية للانعقاد حيث احتضنت فرنسا لقاء مسؤولي أجهزة المخابرات في كل من أميركا وبريطانيا والسعودية وقطر لمناقشة الوضع في لبنان وعلى رأسها انتخاب وبالأحرى تعيين رئيس جديد للجمهورية اللبنانية.

موقف المملكة السعودية واضح وصريح من لبنان فهي لا يمكنها القبول برئيس موالٍ لحزب الله وايران كما ميشال عون في إشارة إلى تمسكها باستعادة لبنان إلى الأمة العربية، الموقف السعودي ارتبط بالتغيير الطارئ في موازين القوى في الشرق الأوسط، والنظرة السعودية الجديدة للعلاقات مع أميركا، وارتبط أيضًا بدخول روسيا والصين على خط الشرق الساخن ومحاولة إيجاد موطئًا لهما فيه. هذه الاعتبارات دفعت الولايات المتحدة للكشف عن حسابات حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة حيث أفادت تلك الحسابات عن تصرف حاكم المصرف بأكثر من خمسة مليار دولار لصالح حزب الله وإيران من أصل اثني عشر مليار إجمالي الاحتياط النقدي للبنان، ممّا أوجب على أميركا إرسال فريق تحقيق فرنسي وآخر أممي للكشف عن الملابسات المصرفية للبنك المركزي وحاكمه.

التوجه الأميركي والأوروبي لمحاسبة وتجريم رياض سلامة الحليف الخفي لحزب الله وإيران جاء في سياق كشف المستور والمسكوت عنه أميركيًا استرضاءً للمملكة السعودية.

اتّسعت عملية الكشف عن المستور إلى باقي الدول التي تسيطر إيران على القرار فيها والتي تعاني من تردّي الأوضاع المالية فيها، حيث كشفت المعلومات الاستخباراتية الغربية والأميركية عن تزوير إيران للعملات الوطنية في كلٍ من لبنان وسوريا واليمن والعراق لسحب الدولار منها لمصلحة إيران ومواجهة لعبة الدولار الأميركية على حساب تلك الدول التي أضحت على شفا الانهيار الاقتصادي الكبير .

اللعبة الإيرانية الأميركية الغربية باتت مكشوفة وواضحة، فأميركا والدول الغربية تعرف وتَطّلع على كل الممارسات الإيرانية، والسكوت عنها يُلبّي مصلحة الطرفين الاستراتيجيّة في المنطقة بإضعاف الدول العربية وتفكيكها وإشعال الصّراعات الداخلية فيها.

لذا جاء التهديد النّصري لضرب إسرائيل جدّيًا إذا ما استمرّت هذه الضغوطات على إيران لكونها تساهم مساهمة كبيرة في انكشاف النظام الايراني.

آن الأوان عربيًا شعوبًا وحكومات لإعادة النظر في الخطاب النَّصري الإيرانوي لكي لا نكون ضحية أنفسنا وما اختمر في عقولنا من سمومٍ فكريّة غيّبت الأوطان كهويّة سياسيّة، فالتجربة الواقعية والتاريخية تقول بوضوح أنّ القوة الإيرانية تستهدف فقط الدول العربيّة وشعوبها، ولا ينال أميركا وإسرائيل سوى العبارات الرنانة.

 

 

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

د عبد الرحيم جاموس يكتب : ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر

ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر… احتجاجات الطلاب : من جامعة كولمبيا في أمريكا إلى طلاب …