الرئيسية / الآراء والمقالات / د عبد الرحيم جاموس يكتب : البنية الفوقية ماهي إلا انعكاس للبنيةِ التحتية..!

د عبد الرحيم جاموس يكتب : البنية الفوقية ماهي إلا انعكاس للبنيةِ التحتية..!

عضو المجلس الوطني الفلسطيني  رئيس اللجنة الشعبية الفلسطينية في الرياض
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية الفلسطينية في الرياض

البنية الفوقية ماهي إلا انعكاس للبنيةِ التحتية..!

بقلم د. عبدالرحيم جاموس 

 ان قراءة الواقع المجتمعي من جوانبه المختلفة لأي مجتمع … تقتضي الإسترشاد بجملة من المبادئ والقواعد والمناهج العلمية ، حيث يرى العلمانيون…وخاصة منهم( الماركسيون) نسبة إلى كارل ماركس ( أن البنية الفوقية ماهي إلا انعكاس للبنية التحتية) ، ولذلك ولأجل تغيير البنية الفوقية او النخبة المتسيدة في المجتمع سواء سياسيا او او اقتصاديا او اجتماعيا او سلطويا ، لا بد من احداث التغيير في البنى التحتية لِتغيير بناها الفوقية ، فيرى الماركسيون ضرورة وحدة الطبقات المُستَغلة وخاصة طبقة العمال لأجل الإطاحة بالطبقة الرأسمالية المُستغِلة للطبقة العاملة ، وما يستتبعة من السيطرة على وسائل الإنتاج وإنها الإستغلال ، وفرض ديكتاتورية الطبقة العاملة وصولا الى مجتمع اللاطبقات وإنهاء الإستغلال فيه (حلم مثالي ثبت فشله) ، لكن بعد التجارب التطبيقية لهذة النظرية وما ادت اليه من عنف داخل تلك المجتمعات ، وخلق طبقة جديدة بيروقراطية مُستغِلة وذات امتيازات جديدة على حساب الطبقات الأخرى ..، جرى التحول لدى الماركسيين الى الفكر الإشتراكي الديمقراطي الحر ، لأجل ضبط عملية التغيير والوصول إلى السلطة على اسس ديمقراطية سلمية لتجنيب مجتمعاتها استخدام الوسائل العنفية في تحقيق التغيير و التطور والعدالة على قاعدة احترام مبادئ الحرية الفردية والجماعية داخل المجتمع الواحد ، والتخلي عن فلسفة دكتاتورية البروليتاريا.. وهذا ما أدى إلى ازدهار وانتشار الأحزاب الإشتراكية في أوروبا وغيرها من القارات على قاعدة احترام مبدأ الحرية والتنوع والتعددية ، و العمل على ضمان الإستقرار المجتمعي و قيادة عملية التغيير والتطور والنهوض على قاعدة الوحدة الوطنية والمجتمعية لبلدانها بوسائل سلمية ، بعيدا عن الفلسفات التسلطية السلطوية وفلسفات الإطاحة والإنقلابات العسكرية اواستخدام الوسائل العنفية لأجل الوصول إلى السلطة و تحقيق العدالة المجتمعية وتوفير شروط الحكم الرشيد وبالتالي إنجاز حلم الدولة الناجحة .

واذا ما عدنا لثقافتنا العربية والإسلامية نجد الكثير من المبادئ والقواعد والآيات الكريمة في القرآن الكريم والسنة النبوية التي أشارت وبوضوح لأسس عملية التغيير والتحول والنهوض والتقدم التي لابد من مراعاتها والأخذ بها او الإستهداء بها في قيادة عملية التحول والتغيير ، ومن اهم و أعلى هذة القواعد قاعدة الشورى ( وامرهم شورى بينهم )…(وشاورهم في الأمر ).. وقول الرسول الكريم ( انتم ابصر بشؤون دنياكم ) ، اي ضرورة الأخذ بمبدأ التشاور في كافة الأمور العامة التي تهم المجتمع والدولة ، لمن هم أهل للشورى في المجالات المختلفة اقتصادية اوسياسية اوعسكرية او امنية كل في اختصاصه ، بما يكفل تحقيق الغايات النبيلة للدولة والمجتمع ، بعيدا عن كل اشكال العنف و العسف والشطط في استخدام القوة أو السلطة .

هناك بديهية اساسية أخرى قد سبق اليها القرآن الكريم جميع علماء السياسة و الإجتماع و خاصة منهم الماركسيون ، الذين قالوا ان البنية الفوقية ماهي إلا انعكاس للبنية التحية ، في قوله تعالى ( كيف ما تكونوا يولى عليكم ) وهذة ترتبط ارتباطا جدليا بمسألة التطور والقيادة والتغيير في قوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) هذة القواعد القرآنية الربانية للتغيير.. ويضاف اليها القاعدة الأخرى المتمثلة في قوله تعالى (ولولا دفع الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض) فالتدافع ايضا هي فطرة كونية ربانية ، كما هي ايضا قاعدة الوحدة و التعدد والتنوع والتعارف في داخل المجتمع الواحد لقوله تعالى ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) .. جميعها قواعد وفطرة ربانية كونية ، اعتقد ان الأخذ بهذة القواعد والمبادئ السامية في سلوكنا الفردي والمجتمعي والسلطوي في المجتمعات العربية والإسلامية من قبل النخب و من قبل العامة ، حكاما ومحكومين ، هي واجبة لتحقيق التغيير المحمود و شقِ طريق التحول والنهوض والتقدم وتحقيق العدالة الفردية والمجتمعية في الدول العربية والإسلامية وصولا إلى تحقيق الحوكمة والحكم الرشيد وانجاز وبناء الدول الآمنة والمستقرة والمزدهرة والناجحة .

 لذا التغيير لا يأتي بكيل الاتهامات والتسفيه والتخوين والتفسيق والأتهامات جزافا بالتقصير من فريق لفريق و لبعضنا بعض …

بل إن الأمر يتجاوز مبدأ مجرد تسجيل المواقف من ماض او حاضر او مستقبل.. على طريقة (قول كلمتك ومر… ) دون إدراك لتفاصيل هذة الكلمة إلى اين ستصل او الى مايمكن ان تؤديه في احداث عملية التغيير سلبا كانت او إيجابا ، هذا ليس في اطار تبرير لِواقع مضى او لحاضر قائم او لمستقبل آتٍ… 

بل هذا ما يوجب ويفرض أن تسود لغة الحوار البناء بين النخب و بين مكونات المجتمع المختلفة ، للانتقال به من حال إلى حال أفضل اكثر امنا واستقرارا ورفاهية ، وصولا إلى تحقيق الغايات والأهداف الكلية المنشودة له ، على قاعدة الوحدة و التنوع والتعدد والتعارف… لقوله تعالى ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) ، مبدأ الإختلاف و التعارف الذي يعني ان يكون التعاون قائما حتى في حالات الإختلاف ، والتعارف الذي يعني ان تعطي افضل ماعندك للآخر …وتأخذ افضل ماعند الآخر ….!

 وليس على قاعدة الإنقلابات او حسم المواقف والرؤى وخاصة داخل المجتمع الواحد او بين المجتمعات المختلفة بالعنف والقوة ، والتي قد جربت ومورست في العديد من التجارب للدول والمجتمعات ، والتي كانت نتيجتها التراجع والهلاك وعدم الإستقرار ودمار الدول والمجتمعات وتخلفها ، والتغيير قد جاء فيها دائما إلى الأسوء مما كانت عليه …. وللحديث بقية .

د. عبدالرحيم جاموس 

25/8/2022م 

 Pcommety@hotmai.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الناصر شيخ العيد

عبدالناصر شيخ العيد يكتب : الفينو الأمريكى طعنه فى وجه الديمقراطية

الفينو الأمريكى طعنه فى وجه الديمقراطية بقلم عبدالناصر شيخ العيد لقد أصبح حق الفينو قمه …