الرئيسية / الآراء والمقالات / د. مونتجمري حور يكتب : الحرب الروسية-الأوكرانية تثقل كاهل الدبلوماسية الإسرائيلية

د. مونتجمري حور يكتب : الحرب الروسية-الأوكرانية تثقل كاهل الدبلوماسية الإسرائيلية

مونتجمري حور

الحرب الروسية-الأوكرانية تثقل كاهل الدبلوماسية الإسرائيلية

كتب: د. مونتجمري حور 

استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا يزيد من تعقيدات مواقف دول العالم تجاه قوتين عظمتين، والجميع يجري تقديرات موقف متواصلة بهدف الحفاظ على مصالحه. يستكشف هذا المقال تداعيات الحرب على إسرائيل، ويلقي بالضوء على مخاوف إسرائيلية حقيقية جراء استمرار الحرب الروسية-الأوكرانية.

تسعى إسرائيل في كل الاتجاهات لبقائها على الحياد مما يدور ولكن تدريجياً تجد تل أبيب نفسها متورطة في الصراع الدائر سواء أحبت ذلك أم كرهته، وهذه نقطة التفتت إليها الحكومة الإسرائيلية وشرعت دبلوماسيتها منذ اللحظات الأولى كما لاحظنا على لعب دور وساطة بين الطرفين منعاً لتدهور الأمور للحفاظ على مصالحها العسكرية والاقتصادية مع جميع الأطراف، ولكن على ما يبدو ستجد إسرائيل نفسها مضطرة قريباً إلى الميل لطرف على حساب الآخر.

أبرز المخاوف الإسرائيلية

يعيش مئات آلاف اليهود الإسرائيليين في أوكرانيا وروسيا، وإسرائيل تجد نفسها مسؤولة مسئولية حقيقية عنهم، وقد بدأت بالفعل وزارة الخارجية الإسرائيلية في تل أبيب بالإضافة إلى الوكالة اليهودية بوضع خطط لإجلائهم واستقبالهم في إسرائيل. من ناحية أخرى، تأتي هذه الحرب في وقت تسعى فيه تل أبيب إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات التي من شأنها أن تعزز علاقاتها مع الصين، وتعي جيداً أن اتخاذها مواقفاً أكثر قوة من شانه أن يغضب الصين بالإضافة إلى روسيا وهذا شبح يطارد القادة الإسرائيليين. بالنسبة لعلاقات إسرائيل مع موسكو، تعتقد إسرائيل أن موسكو ترغب فعلياً في عودة كاملة للامتيازات التي تمنحها لتل أبيب مثل حرية الطلعات الجوية الإسرائيلية في الأجواء السورية، ووقوف روسيا في وجه أي اتفاق بشأن برنامج ايران النووي ومواصلتها التغاضي عن قمع إسرائيل للفلسطينيين، ولكن في المقابل تعتقد روسيا أن الوقت قد حان لأن تدفع تل أبيب نظير هذه الاستحقاقات بتبنيها موقفاً واضحاً وهذا يحرج تل أبيب. يضاف إلى ذلك الأسلحة الإسرائيلية التي تعتبر عاملاً آخراً مقلقاً في هذه الأزمة، حيث باتت موسكو تنظر بقلق شديد إلى صفقات السلاح التي تجريها إسرائيل مع أوكرانيا ودول مجاورة لها، الأمر الذي يفاقم من أزمة إسرائيل ويثقل كاهلها بإضافة ملف مهم على تل أبيب دراسته سريعاً والخروج بقرار يقضي إما بوقف هذه الصفقات أو استمرارها، وما يزيد الطين بلة بالنسبة لإسرائيل هو تقدم أوكرانيا بطلب رسمي للحكومة الإسرائيلية لتزويدها بنظام القبة الحديدية الدفاعي وقد رفضت إسرائيل ذلك ولكن هناك ضغوط أمريكية متواصلة تمارس على تل أبيب لتلبية الطلب الأوكراني، وهذا يعني وصول الأزمة الإسرائيلية إلى ذروتها.

التواجد الروسي في سوريا لا يريح إسرائيل أصلاً

استمرار التنسيق الأمني مع القوات الروسية المتمركزة في سوريا أمر ذو أهمية كبيرة بالنسبة للإسرائيليين وفي الوقت نفسه لا يروق لإسرائيل قيام القوات الجوية الروسية مؤخراً بطلعات جوية مشتركة مع نظيرتها السورية الأمر الذي أعاق فعلياً الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق الأجواء السورية، كما يزعجها تسيير روسيا روسيا لدوريات مشتركة مع قوات النظام السوري في مرفأ اللاذقية بعد أيام من إعادته للخدمة إثر غارة إسرائيلية استهدفته، كما يزعجها نظام التشويش الإلكتروني الذي تتهم تل أبيب القوات الروسية بتنصيبه في قاعدة حميميم الجوية الروسية في اللاذقية، ناهيك عن الدور الروسي المهم في مفوضات فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني.

نظام التشويش المنصب في قاعدة حميميم 

باقتضاب شديد، اشتكى طيارون إسرائيليون مراراً أن نظام تشويش يؤثر فعلياً على الملاحة الجوية الإسرائيلية بتأثيره على نظام تحديد المواقع العالمي والمعروف اختصاراً ب نظام GPS ويوهمه أن الطائرة تتواجد في مكان آخر، ويتم هذا التشويش باستخدام برنامج Spoofing وترجمته الحرفية “المحتال”، وامتد الأمر ليؤثر على الرحلات الجوية المدنية فوق البحر الأبيض المتوسط، خاصة مطار بن غوريون، فقامت إسرائيل بإرسال رسالة رسمية الى موسكو لتبلغها بالمشكلة ولكن الأخيرة نفت المزاعم الإسرائيلية، وأصرت في المقابل على حاجتها لتشغيل عدة أنظمة هناك لأن هذا من شأنه أن يحمي قواتها المتمركزة في سوريا. عطفت الطواقم الإسرائيلية المتخصصة لتحييد هذا النظام ولكن دون جدوى حيث باءت جميع محاولاتها بالفشل. وفي الوقت ذاته، عملت إسرائيل على رصد المناطق التي تستخدم فيها مثل هذه الأنظمة وخلصت بأنها مناطق تحظى بنفوذ روسي كبير فيها. على أية حال، بعدها بفترة توقف الأمر من تلقاء نفسه دون معرفة الجانب الإسرائيلي للأسباب.

العقاب الروسي الذي تخشاه إسرائيل

تتبع روسيا حالياً سياسة حافة الهاوية مع إسرائيل وتفرض عليها خيارات صعبة بطريقة غير مباشرة، الأمر الذي يدفع الدبلوماسية الإسرائيلية لتكثيف اتصالاتها مع روسيا لضمان أن السياسة الروسية في الشرق الأوسط لم يطرأ عليها أي تغيير جراء تصاعد الأزمة مع أوكرانيا، فبعيداً عن التنسيق الإسرائيلي مع الروس بشأن الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق الأجواء السورية، باتت إسرائيل تخشى عقاباً روسياً بتزويد إيران بأسلحة متطورة جداً من شأنها أن تحدث خللاً في موازين القوى في المنطقة، وهذا ما لا تريده تل أبيب. رغم الموقف الإسرائيلي الأقرب للولايات المتحدة وأوكرانيا، تبذل الدبلوماسية الإسرائيلية قصارى جهدها لعدم الوصول إلى نقطة اللاعودة مع الجانب الروسي، فكيف ستتصرف؟

أقدمت إسرائيل على مغامرة محسوبة تمثلت في حشدها للدول التي تدين “الغزو الروسي” لأوكرانيا، وتلقت رسالة شكر وامتنان من الولايات المتحدة الأمريكية نظير هذه الجهود، ولا أعتقد أنها ستقدم على اتخاذ إجراءات أكثر قوة من ذلك، بل ولن تعير الرئيس الأوكراني آذاناً صاغية في مطالباته المتكررة لاتخاذ تل أبيب موقفاً أكثر قوة وعوضاً عن ذلك، يتوقع أن ترفع تل أبيب من سقف مساعداتها الإنسانية لأوكرانيا والمتمثلة في نشر مستشفيات ميدانية في وقت يتزامن مع تكثيف اتصالاتها مع موسكو والمبررات لذلك موجودة سلفاً وهي تتمثل في سعيها لإجلاء اليهود الإسرائيليين عبر بلاروسيا من خلال تشكيل ممر آمن لهم ليتم نقلهم واستقبالهم في إسرائيل.

montgomeryhowwar@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : لا ادلة على أكاذيب إسرائيل

نبض الحياة لا ادلة على أكاذيب إسرائيل عمر حلمي الغول دولة إسرائيل اللقيطة قامت على …