الرئيسية / الفلسطينيون في المهجر / سليم النجار يكتب : السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت

سليم النجار يكتب : السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت

المراة الفلسطينية

سليم النجار يكتب : السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت

 

” خذ الثورة ، نم معها ، لا تؤجل ، لم يعد من العمر متسع وسنجد كاذب يُرّوج لها ” ٠
انا واثق سنجد دَجالين يُروجون وما أكثرهم !
قال في سرّه : من بحر الفحاحيل تأتي الكوارث ، إنه ليس ولدي ، ولم يأتي من صلبي ، ولا يتسب إلى دمي ، إنه ابن البحر ، ربما ابن الفضحية فاطعمته أمه للموج ٠٠

نفض عن نفسه غبار حكايا قرون عديدة من الاحتلال العثماني الملئ بالظلم والتجهيل والتخلف ؛ فتح نوافذ علب السردين ٠٠ مجازًا شبابيك شقق حارة سوق الصباح ٠٠٠ ونصّب نفسه ناطقًا بإسم اهالي الحارة ؛ الذين كانوا منشغلون بقصة الأم التي ذهبت تخطب لبنتها من شاب كان على علاقة غرامية معها ٠٠٠ كم كانت المفاجأة لوالدة العريس المنتظر اذا وفق الله السعي ، حضرت لخطبة ابنها ٠٠٠ كانت القصة شبه سرّية وغير مسموح لها للتداول ؛ بين اهالي حارة سوق الصباح ، ومادامت احداثها سرّية سيبدو كل شيء طبيعياً ٠٠ وبقي السؤال الخالد من افشى الحكاية ؟
اخذتنا الحكاية ؛ حكايتي ؛ إلى الحقيقي ، وفتحت ابواب النوافذ على مسارب الموت ٠٠
اجتمع الشباب في باحة الحارة ٠٠ انه اول يوم عيد ؛ وهذا طقس من طقوس الحارة ، استعداداً للذهاب لسينما الأحمدي ، وبعد اكتمال العدد ، لم تغب صورة زهير اللبناني ابن جنوبه ، قائد جموع الشباب ٠٠ صوت مناغاته قلوبنا ٠٠ عن بالي ، صوت الفرعون وقلبه يشبه حمامة بيضاء ٠٠
دخلنا الباحة الواسعة للسينما ، ثم عرجنا مباشرة إلى الباب الرئيس ، إلا صوت الفرعون سبق خطاه إلى ااباب الضخم ٠٠ إلى أين يا شباب ؟!
إلتزمنا لتعليمات الفرعون ٠٠ وعُدنا إلى المقاعد المخصصة للرجال ٠٠ ” غصب عنّا ” لحضور الفيلم ، وحاولنا بشكل ديمقراطي نسيان المرأة التي رفعت شالها الذهبي عن يشي بحمرة ترتعش على بياض ، وهبطت كأوزة برية على المقاعد المخصصة للنساء ٠٠
انتهينا من حضور الفيلم ، ونزلنا مسرعين الى مطعم ” ومبي ” تحت مبني السينما ، لم نعتد مشاهدة إمرأة تعمل في مطعم ؛ هذا التطور الذي حصل عبر ” ومبي ” انتشر في انحاء الكويت ، كإشارة دخولنا عصر جديد ٠٠ والأخطر من ذلك مشاهدة إمرأة ترتدي بنطال ” كابوي ” كان اسمه في عصرنا ، اما في عصرنا الحالي اسمه الحركي ” جنيز ” ، بدت المرأة الفلبينية كأنها ظلالاً من الصمت ٠٠ والجمود على وجهها والخوف والرعب على الصياد الذي خرَّ ساجدا ، واحسن انه لن يقوم إلا وهو يحمل رأسه بين يديه ، غير أن سؤال الفلبينية التي احس بقربها من رائحة عطورها وكلامها الذي سال من جسدها كالماء البارد ساعده على التماسك، وانطلق لسانه المعقود بالقول : سندوشة ” همبرغر ” وقبله يشتعل بزيت الزيتون يُضئ رغباته ٠٠
احضر النادل علب البيبسي ، ولم يجد مدخلا للمشاركة بثقل دمه ، فقد احس ان الجو مكهرب ، فاكتفى بالقول ، اوامر ثانية يا شباب ؛ ولم يكن ينتظر إجابة لينتقل إلى الطاولة مجاورة ، إلا نظراته ظلت تنصب على وجوهنا وتصمت عن سؤال ٠
توقف زهير أمام خبر بثه التلفزيون على الزاوية المقابلة :
مشهد يتكرر حتى غدا عاديا، الدم نفسه والصرخة ذاتها والجلاد هو هو والضحايا هم ٠٠ هم ٠٠
حدث هذا بعد ليلة زخ فيها الفرح علينا مثل المطر من كل جنب وطرف ؛ وبعد ليلتين ٠٠ دخل الموت على الحارة ٠٠ وبدون استئذان من احد ٠٠ وشاع الخبر كالبرق ٠٠ زهير توفى ٠٠ هب آهالي الحارة على قدم وساق ٠٠ وانهمرت الأسئلة من كل حدب وصوب ٠٠ كيف مات ؟ ولماذا مات ؟ مازال في مقتبل العمر ! اسئلة تلوكها وجع الحادث ٠٠ خيم الحزن على حارة سوق الصباح ٠٠
هوانم الحارة قررّنَ وبشكل فجائي وغير ديمقراطي ٠٠ الإضراب عن تجهيز طبخة المقلوبة المرفقة بالدجاجة اليتيمة ، انه يوم الجمعة ؛ ولا يكتمل قداسة يوم جمعة إلا بحضور طبخة المقلوبة ، وهذا طقس آخر من طقوس الحارة ، واتجهنا إلى أم زهبر للمشاركة والمواساة ٠٠ الرجال امتثلوا صاغرين لأوامر الهوانم لا مقلوبة اليوم ٠٠
وبدأت الأستعدادت للتحضير للجنازة ٠٠ والذهاب إلى مقبرة الفحاحيل ٠٠ لدفن زهير ٠٠ الذي كان بستعد بعد ثلاثة اشهر تقديم امتحانات الثانوية العامة ٠٠٠
على مقربة من الارض المنبسطة وقلاع الشوك التي اختفت ” الآن ” لمجرد ان شاهدتنا نحمل التابوت على اكتافنا ، اخذنا طريقنا صاعدين آلى التلة ٠٠ التي تحتضن القبور ٠٠ والبحر ٠٠ مقابل وجوهنا ٠٠ وشواهد القبور كأنها كهوف عادت إلى سكونها منذ زمن بعيد ، وجدنا الحفار ينتظرنا على احر من الجمر ؛ يفترش الأرض تحت السماء المقبرة ٠٠ منذرة بمطر الرطوبة ٠٠ الغزيرة ٠٠ انه شهر ايلول ٠٠ اليوم بالنسبة للحفار عيد ، الميت معه زقة كبيرة وهذا يعني بعلم دفن الأموات الأجر سيكون مرتفع ٠٠
انزلنا زهير إلى الحفرة ٠٠ واستكملنا باقي عادات وتقاليد الدفن ٠٠ اصريت الكتابة على شاهده شباب حارة سوق الصباح لا يستقرون في ارض ، وموتهم منفى ٠٠٠

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

محمد عياش

الدكتور محمد عياش والتضامن مع قطاع غزة

دعا الدكتور محمد عياش في رومانيا اكبر تجمع لابناء الجالية الفلسطينية وعلى شرف الاحبة ابناء …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *