الرئيسية / الآراء والمقالات / الدكتور سالم سرية يكتب : الصهيونية والنازية

الدكتور سالم سرية يكتب : الصهيونية والنازية

151632953_5330524196988375_7382758064906992291_n

الصهيونية والنازية-الجزء الاول.
التعاون الاقتصادي
د. سالم سريه: اكاديمي وكاتب (فلسطين)
ويبقى تناول موضوع اليهود في المانيا في عهد هتلر (1933-1942) شائكا ومعقدا واشبه باللغز الرياضي الذي يحتاج الى عقل مركب لتفكيكه .ذلك لان الحقائق التي ترسخت في العقل العربي والغربي حول اضطهادهم (وابادتهم ) هي من صياغة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية لانه كما يقال :التاريخ يكتبه المنتصرون .لذا مثلت هذه الحقائق وجها واحدا منها (الوجه المرئي من القمر كما يقال )علما ان للحقائق وجه آخر مدفونه في بطون المخازن السرية للوثائق في امريكا والدول الغربية (والكيان الصهيوني طبعا ).ومع مرور الايام بدأت تتكشف بعض هذه الوثائق .واعتمادا عليها نشر الباحث الموسوعي عبد الرحمن المسيري موسوعة (اليهود واليهودية الصهيونية)في عدة مجلدات بعد ان افنى هذا المفكر الجليل والراحل زمنا طويلا من عمره في بحث وتحليل الظاهرة الصهيونية بمنطق علمي وتحليلي صارم وعميق .وفي عام 1984 صدر كتاب (الوجه الآخر- العلاقة السريةبين النازية والصهيونية)للباحث الدكتور محمود عباس (ابو مازن ) رئيس السلطة الفلسطينية حاليا .وهذا الكتاب عبارة عن اطروحة الدكتوراه التي تقدم بها الى جامعة (باتريس لوممبا في موسكو عام1982 ).
ورغم وجود عشرات الكتب ورسائل الماجستير التي تناولت هذا الموضوع عرضا وتحليلا وجدت من المناسب ان القي الضؤ على حلقة هامة تبين طبيعة العلاقة بين النازية والصهيونية في هذه الصفحات القلائل .
اتفاقية هاعفراه -بالعبرية- (ومعناها بالعربية اتفاقية النقل ) (1,2,3,4,5):
ان الاهمية التاريخية لهذه الاتفاقية تعود للاسباب التالية :
1- وفرت للكيان الصهيوني عددا كبيرا من المهاجرين اليهود كما ونوعا الى فلسطين.
2- ساهمت في تأسيس القاعدة الصناعية والتكنولوجية التحتية لإقتصاده.
3-تشكل هذه الإتفاقية بشكل عملي دليلا ملموسا لا يقبل النفي او الدحض من قبل الكيان الصهيوني.
وربما يتساءل القاريء العادي:هل يعقل ان يكون هناك ود وتعاون بين الجلاد (النازي) والضحية (اليهود)؟؟؟
اقول هذا جانب من الحقيقة التي يتم التستر عليها باشكالها الاقتصادية والثقافية والتنظيمية .
ا التعاون الاقتصادي:
بدأ التعاون الاقتصادي بين الوكالة اليهودية في فلسطين والحكومة
النازية، في وقت مبكر حيث جرت المفاتحات الصهيونية الأولى مع النازيين لتصدير الحمضيات من تل أبيب،ولما كانت الحكومة الألمانية قد فرضت ضريبة على رأس المال الذي يترك البلاد، ولتجنيب المهاجرين الصهاينة هذه الضريبة اقترح(سام كوهين) مدير عام شركة الاستيطان الصهيونية (هانوتيا)، أن يسمح لهم بشراء سلع ألمانية، يمكن تحويلها مرة أخرى إلى نقد بعد بيعها في فلسطين.
عقدت هذه الإتفاقية في نيسان عام 1933 م، واستمرت حتى عام 1939 م، وشارك في استثماراتها عدد كبير ممن تقلدوا بعد ذلك رئاسة الوزارة في إسرائيل، منهم (بن جوريون، موشي شاريت، جولدا مائير، ليفي أشكول ) ، وكانت بدايتها بفكرة من سام كوهين مدير شركة هانوتياالاستيطانية، وكان مؤداها أن تستورد شركته من ألمانيا التجهيزات الزراعية، و مواد البناء التي اعتادت أن تستوردها من تشيكوسلوفاكيا، واقترح أن يدفع ثمن هذه التجهيزات من أموال اليهود الألمان الراغبين في الهجرة إلى فلسطين، والمحظور عليهم تحويلها إلى الخارج، وبهذه التسوية لا تخسر ألمانيا عملة صعبة، كما لا يخسر المهاجرون اليهود منها إلى فلسطين أموالهم، وقد بعث القنصل الألماني في فلسطين إلى وزارة الخارجية يزين لها المكاسب التي تجنيها ألمانيا في حالة إبرام اتفاق من هذا القبيل.وتولت شركة هانوتيا في أيار عام 1933 م التفاوض مباشرة مع وزارة الاقتصاد الألمانية لإبرام الاتفاقية، وقد جرى الاتفاق فيها على شراء منتجات ألمانية من أموال اليهود الألمان الراغبين في الهجرة إلى فلسطين، حيث توضع الأموال في حساب خاص للشركة، يخصص لتأمين معيشة هؤلاء المهاجرين في فلسطين، وتعهدت الشركة أن توفر لكل مهاجر بيتاً وعملاً شريطة أن يوقع معها عقداً بهذا الغرض، كما قامت الشركة بإبرام اتفاق آخر مع وزارة الاقتصاد الألمانية في الثامن عشر من تموز عام 1933 م لشراء منتجات ألمانية بثلاثة ملايين مارك من الأموال التي سوف تتجمع في حسابها، وقام جورج لانداور عضو اللجنة التنفيذية لاتحادالصهاينة الألمان، بالتفاوض مع المسؤولين في وزارة الاقتصاد الألمانية، بحضور سام كوهين وممثل عن بنك الرايخ وممثل عن وزارة الخارجية الألمانية، على إمكانية تحويل قيمة ألف جنيه استرليني من أموال كل راغب في الهجرة من اليهود الألمان، وذلك لدفع رسم الهجرة الذي فرضته بريطانيا الدولة المنتدبة على فلسطين، أما ما يزيد على الألف جنيه فيشترى به بضائع ألمانية، واتفق في أثناء المفاوضات على إنشاء صندوق مركزي للمقاصة له فرعان، أحدهما في ألمانيا لاستلام الأموال اليهودية بالمارك الألماني من اليهود المهاجرين، والآخر في فلسطين لدفع ثمن البضائع المصدرة وقد أعلنت حكومة الرايخ عن الاتفاقية يوم الرابع والعشرين من تموز عام 1933 م برقم ،( 33/54) ، وهو اليوم الذي كان محدداً لمناقشة وضع يهود ألمانيا في المؤتمر الصهيوني الثامن في براغ . ولقد نصت هذه الاتفاقية على إنشاء شركة مالية خاصة في فلسطين تتولى تجارة البضائع الألمانية،. إضافة إلى هذا فقد ورد في الاتفاقية بند سري جداً توافق القيادات النازية بموجبه على تسليم الصهاينة سراً الأسلحة الفردية والقنابل والرشاشات وغيرها، وهو ما مكن المنظمات الصهيونية من التسلح وتشكيل نواة الجيش الإسرائيلي، وكان أهم بنود هذه الاتفاقية تنظيم هجرة اليهود الألمان إلى فلسطين وكان مقر الهافارا الذي تتبع له كل الشركات الصهيونية النازية الضامنة والداعية لهذه الاتفاقية في تل أبيب، وفي عام1935 م نما مشروع الهافارا بسرعة، ليصبح بيتاً كبيراً للأعمال المصرفية والتجارة، يعمل بمكتبه في القدس مئة وسبعة وثلاثون متخصصاً، وطبيعي أنها اتفاقية لا تحقق إلا المصلحة الصهيونية أولاً والنازية ثانياً، بينما كانت مجحفة بحق المهاجرين اليهود، وازدادت سوءاً عليهم مع الوقت، فبحلول عام 1938 م كان المهاجر ذو الثروة المتوسطة يخسر على الأقل 30 % أو حتى 50%من نقوده، حيث كان الحد الأقصى المسموح بتحويله خلال هذا المشروع خمسين ألف مارك للمهاجر الواحد، ما جعل الاتفاقية غير جذابة لليهود الأغنياء، كذلك فالاتفاقية تتيح وقوع معظم أملاك اليهود في يد حكومة الرايخ، مع ذلك فإن مبلغ 40.419.000 دولار أمريكي ذهب إلى فلسطين عبر تلك الاتفاقية، ولهذا كانت الاتفاقية حيوية للصهيونية، فنحو 60 % من كل رأس المال المستثمر في فلسطين بين عامي 1933 م و 1939 م كان يمر في قنوات عبر الاتفاقية ولم يستمر العمل بالاتفاقية على وتيرة واحدة، فقد بدأ الخلاف بين المنظمة الصهيونية وحكومة الرايخ بشأن هذه الاتفاقية في أوائل عام 1937 م، وكان سبب الخلاف بروز العامل العربي في منطقة الشرق الأوسط إبان الثورة الفلسطينية أعوام 1936 – 1939 وتلخص الخلاف في انقسام الرأي في الأوساط النازية بشأن الفائدة من الاستمرار في تنفيذ الاتفاقية،ومع بداية عام 1938 م بدأت أجهزة الحزب النازي تطالب بتعديل الاتفاقية مع الصهاينة، ثم أخذت الأجهزة تطالب بإلغائها، إلا أن الاتفاقية لم يجرِ إلغاؤها بسبب قرار هتلر بضرورة الاستمرار في تنفيذها، وبقيت سارية المفعول حتى عام 1939 م، وعند نشوب الحرب العالمية الثانية كان يتبع الهافارا اثنا عشر ألف حساب مصرفي، وكانت قد تعاملت مع مئة وستين بنكاً، وقامت بنصف مليون عملية مصرفية، وبلغ مجموع ما حولته نحو مئة وأربعين مليون مارك ، لقد كانت الاتفاقية كسراً للحصار الاقتصادي الذي كان مفروضاً على ألمانيا النازية، وبذلك استطاعت الحركة الصهيونية تسييس هذه الاتفاقية التجارية، والأكثر من ذلك أنها لم تنجح فقط في صهينة الاتفاقية، بل عززت صهيونية حكومةالرايخ النازية.وبتطور طبيعي للتعاون المالي التجاري بين الصهيونية والنازية كانت مفاوضات زيجمونت موزيس عام 1936 م التي نتج منها بنك الوكالة الدولية للتجارة والاستثمار (إنتريا) الذي افتتحته في لندن لتنظيم بيع المنتجات الألمانية مباشرة إلى بريطانيا، وكانت البضائع تشترى في ألمانيا بالماركات، وتحول قيمتها إلى اليهود المحتاجين إلى مبلغ ألف جنية استرليني، وهو رسم الدخول للمهاجرين إلى فلسطين الزائدين على المقدار الذي قررته بريطانيا، واستمرت العلاقات التجارية الصهيونية النازية في تطور في مجالات أخرى، ففي عام 1937 م شحن من فلسطين 200.000 قفص من البرتقال الذهبي إلى ألمانيا، ومليون ونصف قفص آخر إلى البلاد تحت علم الرايخ وقد عمل ليفي أشكول رئيس وزراء إسرائيل بعد ذلك ثلاث سنوات في برلين في القسم الزراعي، يساعد حكومة الرايخ لتشكيل مكتب فلسطين ضمن الدائرة التي يرأسها إيخمان.
انه ليس من قبيل الصدفة اًن تكون معظم المشاريع المهمة في (إسرائيل) اليوم قد تأسس اًو ادير من قبل مهاجرين قدموا من ألمانيا. فقد تأسس أكبر مصنع لسبك المعادن وكذلك تأسست صناعة الإسمنت على يد المدير السابق لشركة كهرباءومياه برلين الدكتوركال لنداو. كما اًسس مصرف ليئومي مجموعة من الشخصيات الألمانية وعلى رأسهم الدكتورارنولد بارت من برلين والدكتورسيجفريد ساهلهاين من هامبورغ وهربرت فورد من برسلاو. بالإضافة إلى جملة مشاريع اقتصادية ضخمة أسسها وأدارها المهجرون من ألمانيا.
الهوامش:
1-محمود عباس-الوجه الاخر-العلاقة السرية بين النازية والصهيونية-الطبعة الاولى 1984-دار ابن رشد عمان- ص15 -45
2-نيرمين سعد الدين ابراهيم –صعود النازية – دار صفحات للدراسات والنشر ط1 عام2008 ص71-83
3-عبد الوهاب المسيري-الايديولوجية الصهيونية القسم الثاني-عالم المعرفة-يناير 1978ص40-43
1
-4 النازية والصهيونية فى: 29 أكتوبر, 2015
https://www.palestinapedia.net/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B2%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8 A%D8%A9
5 -العلاقة الصهيونية النازية 1933-1941 حياة الحويك عطية فى 24 يونيو 2015

العلاقة الصهيونية النازية 1933-1941…


* الهعفراه https://www.youtube.com/watch?v=pMjTK-MdXK4
https://www.youtube.com/watch?v=-pQbYUlWHpw

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : معضلات معبر رفح ودخول المساعدات

معضلات معبر رفح ودخول المساعدات بقلم : سري  القدوة الاثنين 18 آذار / مارس 2024. …

تعليق واحد

  1. بوركت حقيقة معلومات نسمع بها لأول مرة وهي تعتبر وثيقة تاربخية

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *