الرئيسية / الآراء والمقالات / حسين ابو الهيجاء يكتب : تيران و صنافير

حسين ابو الهيجاء يكتب : تيران و صنافير

حسين ابو الهيجاء

تيران و صنافير

حسين ابو الهيجاء

  الحكاية الكاملة 

   تقع جزيرتي تيران و صنافير ، على الممر الملاحي البحري لميناء العقبة الاردني و ايلات ( الاسرائيلي ) ، على مدخل البحر الاحمر ، و البوابة الجنوببة لمدخل قناة السويس ، على الجانب السعودي .. 

  بعد نكبة فلسطين عام 1948 م ، و اعلان قيام دولة الكيان الاحتلالي ، كانت تتأهب البحرية الاسرائيلية ، لوضع يدها على تلكما الجزيرتين السعوديتين ، لنشر قوة عسكرية بحرية عليهما ، و بالتالي التحكم بالممر الملاحي عسكرياً و تجارياً ..

   في تلك المرحلة ، لم يكن لدى العربية السعودية ، اي قوة بحرية ، و بالتالي لم تكن قادرة على حماية اي جزر لها في المياه ، لذلك طلبت من مصر التواجد علي الجزيرتين ، و تأمين حمايتهما ، و هذا الطلب كان بمثابة استجابة ” لطلب مصري سابق ” ، كان تقدم به الملك فاروق عبر موفد رسمي الى الملك عبد العزيز ، يطلب منه الموافقة على استعارة الجزيرتين لاسباب امنية معلومة ..

   استنادا الى ذلك ، تم تسليم الجزيرتين الى القوات المصرية عام 1950م ، على سبيل الاعارة بين الاشقاء !

  دخلت تيران و صنافير الفعاليات العسكرية اثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م ، اثر اعلان الرئيس المصري جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس ، و كذلك في حرب النكسة عام 1967م ، و كادت ان تتسبب في حرب عام 1968م ، باثر اغلاق القوات المصرية للممر الملاحي عبر الجزيرتين 

  و في حرب اكتوبر ، عام 1973م ، كان للجزيرتين الفعل المؤثر في المعركة ، عندما اغلق المصريون الممر البحري عبر البحر الاحمر ، الى ايلات ، الامر الذي امتد اثره الى جميع دول اتفاقية لندن لحرية الملاحة البحرية ، علماً ان ممر تيران وصنافير لا يخضع لاتفاقية الممرات المائية ، باعتباره ليس ممراً دولياً ، فهو ينفذ فقط الى مينائي ايلات و العقبة ، و تحكمه اتفاقية القسطنطينية ايام الحكم العثماني ، و ليس اتفاقية لندن التي تُعنى بقناة السويس ، و هذا الامر الذي اربك جميع الدول الداعمة للكيان الصهيوني ، و على رأسهم امريكا و بريطانيا !

   عندما وقعت مصر اتفاقية السلام ( كامب ديفيد ) ، مع اسرائيل ، برعاية اميركية ، كانت الجزيرتان حاضرتان في نص الاتفاقية ، فكان هناك احد البنود الاستثنائية ، الذي نص على ” حق اسرائيل ” ان تتدخل في اي سيادة ، او اي اجراء على الجزيرتين ، بمعنى ” الحصول على موافقة اسرائيلية مسبقة ” ، قبل القيام باي اجراء على الجزيرتين ، باعتبار انهما تقعان على الممر الملاحي الاسرائيلي عبر البحر الاحمر ، و ينص البند ايضاً ، على اعتبار المنطقة خاضعة للتصنيف C ، اي منطقة منزوعة السلاح ، و بالتالي انسحاب القوات المصرية من الجزيرتين ، و ادارتهما من قبل قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات ، بقيادة امريكية !

    في العام 2018م ، تم الحديث حول استعادة السعودية للجزيرتين ، لانهما ستشكلان امتداداً لمدينة نيوم السعودية ، و حلقة وصل مع مدينة نيوم المصرية ، من خلال جسر الملك سلمان ، الذي سيربط السعودية بمصر فوق البحر الاحمر عبر الجزيرتين ، و بارتفاع يسمح لعبور السفن التجارية العملاقة ..

    و من اجل تحقيق ذلك ، لا بد من استعادة السعودية للجزيرتين ، لتحريرهما من قيد الاتفاقية الثنائية بين مصر و اسرائيل ، باعتبار ان السعودية ليست طرفاً في الاتفاقية !

    و من اجل موافقة اسرائيل على التنازل عن بند الاتفاقية السابق ، اشترطت التطبيع الكامل اولا ، و المشاركة في استثمارات مدينة نيوم ( الصناعية الزراعية السياحية التقنية ) ، و التي تعتبر اكبر مشروع اقتصادي في الشرق الاوسط ، و الذي سيتحكم بالبحر الاحمر ، و يمنح السعودية نفوذاً اضافياً على مستوى الاقتصاد العالمي ، 

 غير ان العربية السعودية ، رفضت كافة الشروط عبر الوسيط الامريكي ، و اكدت على موقفها ” الرافض للتطبيع ” ، قبل الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة ، على حدود عام 1967 ، و عاصمتها القدس الشرقية ، وحل عادل لقضية اللاجئين ، وفق المبادرة العربية !

   و اكد الامريكان غير مرة ، على صعوبة المفاوضات ، و على التعنت السعودي ، و رفض امراء السعودية كل الشروط ، بما فيها شرط استثمار اسرائيل في مدينة نيوم ، بتقنية تحلية المياه ، و رفضهم الغاء كافة اتفاقيات السعودية ، مع روسيا و الصين ، ذات الصلة بالاستثمار في مدينة نيوم ، و خاصة تقنية تحلية المياه 

  مؤخراً ، و تحت الحاجة الملحة للعدو ، للعبور عبر الاجواء السعودية ، في رحلات الشركات الاسرائيلية ، الى الامارات و دول شرق المملكة ، كبديل عن الدوران حول السعودية ، الامر الذي يزيد عدد ساعات الطيران و الاستهلاك و رفع التكلفة ، وافق الامريكان و الاسرائيليون ، على استلام السعودية للجزيرتين ، مقابل فتح الاجواء السعودية امام شركات الطيران الاسرائيلية ، 

و هكذا ، اعلنت السعودية رسميا ، فتح الملاحة الجوية امام كافة الشركات التي تلتزم باتفاقية الطيران الدولية ، و تنسجم مع القيود و التقاليد السعودية

  في المقابل ، اعلن جو بايدن في مؤتمره الصحفي في جدة ، عن بدء انسحاب قوات حفظ السلام من تيران و صنافير ، يعقبها مباشرة استلام القوات السعودية للجزيرتين من الادارة المصرية ، و بالتالي ، تصبح الجزيرتان تلقائياً ، خارج نص البند ذي الصلة. الوارد في اتفاقية كامب ديفيد !

 

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

د عبد الرحيم جاموس يكتب : تأمُلات…!

تأمُلات…! باتت المدينةُ تحتَ حكمِ ثلاثِ قِديسات .. هّنَّ: القديسةُ اضطِهاد… القديسةُ تَزَّمت… القديسةًاشمِئزاز.. (يشعرُ …