الرئيسية / الآراء والمقالات / سليم النجار يكتب : الشخصية الفلسطينية المعاصرة 5

سليم النجار يكتب : الشخصية الفلسطينية المعاصرة 5

سليم النجار٠

الشخصية الفلسطينية المعاصرة 5

سليم النجار

الكتب الصغيرة جدّاً، المكتوبة بحركة واحدة عن النكبة الفلسطينية التي ملأت الفضاء العربي، في زمن الهزيمة العربية منذ الثلث الأوّل من القرن الماضي، مثلها مثل الكبيرة التي هي ثمرة الهزيمة الحاصلة الآن، وما يتعرّض له شعبنا الفلسطيني من حرب إبادة في غزة٠ 

هذه الكتب القديمة والحديثة بأغلفتها الممزّقة بأجساد أطفالنا في النكبة الأولى، وحرب الإبادة الثانية، تتباهى بحواشيها الحمراء والخضراء والصفراء، وكأنّنا أمام لافتة عُلِّقت “للبيع” على واجهة التاريخ العربي المعاصر٠ 

وكنتُ دائماً أنظرُ بإمعان إلى الحروف الزرقاء التي شاهدتها أوّل مرّة في بحر حيفا فوق الورق البنيّ الفاتح٠٠

لماذا لا أكون شاهدًا حيّا على نكبتنا وعلى حرب الإبادة٠٠

بدلاً من انتظار من أحبَّ صفَّ الكتب التي تتحدّث عن فلسطين وكأنّ قدرها الحديث عنها بصيغة المفرد، وأقرأ أوراق الصفحات التي تنقلبُ، وأحياناً عنها ننقلبُ٠ 

خاصّة إذا ما اختير الورقُ جيِّداً، يُستهلكُ مع الكلمات، وتتوالى الصفحاتُ بشراهة٠ 

يا لها فكرة غير جيدة أنْ تنتقد هذا الكم الهائل من الكتب التي تناولت (القضية الفلسطينية)، لأنّه في حقيقة الأمر، لم تؤثر في الشخصية الفلسطينية المعاصرة، التي حملت هزيمتها بكلّ مرارة وخذلان، لتجد أمامها طابورا من (الأساتذة) الذين وجدوا سلعة تجارية، يتاجرون بها، من خلال كلماتهم كأنّها تشبه علب السردين، التي أسيئت معاملتُها مثلما هو في ساعة الذروة داخل ساحة الحناطير في حيفا عندما تمّ زجّ سكانها من قبل العصابات الصهيونية في “قلابات” وقذفهم إلى عكا، تمهيدًا لتطهيرها من الفلسطينيين، هذا الوقت كان عام 1948، وكانت الشخصية الفلسطينية غير مصدَّقة وتعيش في حالة ذهول٠ وهذا الحال تكرّر في حرب الإبادة على غزّة، والفارق بينهما أنّ الحالة الأولى كانت ممارسة عصابات صهيونية، أمّا الحالة الثانية فقد كانت “دولة إسرائيل”، وفي كلا الحالتين فاعل صهيوني، والمفعول به فلسطيني، ما زال حاله مُشردا ولاجئا، وينحاز للرواية الشفاهية التي تؤكِّد على أنّه تعرّض للغدر العربي الرسمي منه والشعبي، وإنّه كان ضحية، ورغم التضحيات الكبيرة التي قدّمها، إلا أنّ هذه التضحيات راحت تعيش في أوراق الكتب المرصوصة على رفوف المكتبات٠ 

وكأنّ هذه الكتب كُتبت لمتطفِّلٍ أراد أنْ يتلصَّص على أعلى غلاف هذه الكتب، ليستنتج منها أنّ الفلسطيني هو الذي باع أرضه، وانهار أمام عدّوه، هذه الصيغة المفردة، هي -في حقيقة الأمر- التي جعلت الشخصية الفلسطينية تتأثّر بردّة فعل قاسية اتجاه العرب، وإنْ كانت تحمل في طيّاتها بعض النظرة المعقولية، إلاّ أنّها في الوقت ذاته تخفي حقيقة مُرّة وهي أنّنا نتحمّل جزءا من هذه الهزيمة، عندما خضعنا للرواية الشفاهية، التي صوّرتنا على أنّنا ضحية فقط، ولم نتطرق للأسباب التي ساهمت في هزيمتنا على أرضنا، ولعلّ من أخطر وأهم الأسباب الموضوعية أنّ الصراع بين العائلات الفلسطينية لكسب الزعامة على شعبنا الفلسطيني، والتي قدّمت قرابين، سواء للانتداب البريطاني أو للدكاكين السياسية العربية، سبب أساس والذي أخذ شكل حذاء دائم السواد٠

يتبع ٠٠

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : الحراك الدولي الرافض لجرائم الإبادة الجماعية

الحراك الدولي الرافض لجرائم الإبادة الجماعية بقلم :  سري  القدوة الأحد 28 نيسان / أبريل …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *