الرئيسية / الآراء والمقالات / سليم النجار يكتب : الشخصية الفلسطينية المعاصرة-“١”

سليم النجار يكتب : الشخصية الفلسطينية المعاصرة-“١”

سليم النجارم

الشخصية الفلسطينية المعاصرة-“١”

سليم النجار

يعتبر الحديث عن الشخصية الفلسطينية المعاصرة حديث العهد؛ وهو إن برز ضمن محاولات خجولة منذ انطلاق الثورة الفلسطينية عام ١٩٦٥، خاصة في اطروحات الفصائل الفلسطينية التي واكبت انطلاقة حركة فتح، وظهور الشخصية الفلسطينية التي قررت الاشتباك مع الماضي والقطع مع الممارسات المشينة التي عرفتها سنوات ما قبل النكبة عام ١٩٤٨ وبعدها، وتركزت على الهجوم والتنكيل بالدول العربية وجيوشها التي هُزمت، وكتب عشرات الكتب والمقالات التي تكشف اسباب الهزيمة النكراء، وتكرس مفهوم جديد في الضمير الجمعي للشخصية الفلسطينية بأن العرب هم المسؤولون عن ضياع فلسطين.
وخلال هذه السنوات بدأت الصحف الحزبية العربية تتناغم مع الضمير الفلسطيني في اتهام العرب، وقد كان للكتاب العرب المؤدلجين دورًا في الأنخراط في كتابة تاريخ النكبة الفلسطينية٠ وانطلقت هذه التحفظات من أن الكتابة في التاريخ تستلزم اخذ المسافة اللازمة من أجل الإنجاز الموضوعي، وتُضاف إلى ذلك مسألة المصادر التي يمكن أن تعتمد لضمان الوصول إلى حقيقة ما جرى، فالتاريخ الراهن هو تاريخ ممتد في الحاضر ولا تزال المفاهيم والإدوات التي ساهمت في صناعة النكبة حيّة.
ولعل المعضلة الأساسية في كتابة مثل هذا التاريخ على الصعيد النظري معقول ويمكن تقبله إلى حد ما، لكن ما لم يمكن قبوله هو غياب الحديث عن دور الشخصية الفلسطينية في النكبة، وإن تم الحديث عنها حديث بطولي، لقد عجّت مرحلة النكبة وما تلاها بهذه الصفات، الأمر الذي عزز مفهوم أن الفلسطيني تعرض للغدر والخيانة، وانتشرت كالفطر اوصاف للعرب في الثقافة الشعبية الفلسطينية، على شاكلة خون وسماسرة، وجبناء، وبأنه تم انشاء كيانات سياسية عربية المحيطة في فلسطين لخدمة المشروع الصهيونية.
تعتبر هذه الأوصاف واحدة من الآليات التي يقاس بها الإنتاج للشخصية الفلسطينية، وهي عنصر أساسي في نمو الثقافة السياسية للفلسطيني، الأمر الذي أدى لنشوء ” الغتيو” إذا جاز التعبير، وأصبحت الشخصية الفلسطينية تعيش حالة انفصام بين الانتماء العربي والقومي وبين نشؤء القطرية، التي كان الفلسطيني غائبا عنها نتيجة الظروف الموضوعية التي تعرض لها من الانتداب البريطاني الذي كان هدفه الأول والأخير إنشاء كيان صهيوني في فلسطين٠ وهكذا كان٠
وفي ظل تواتر نشوء الدولة القطرية في مطلع الثلث الأول من القرن الماضي في الشرق العربي، كانت الشخصية الفلسطينية تعيش محنة المشروع الصهيوني على مختلف الصعد٠
فمثل هذا الخطاب السياسي شكل الأرضية الأولى للوعي النضالي الفلسطيني التي تواصل معها معظم النخب الفلسطينية وتشكيلاتها التي ظهرت في انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وأما الأقلية من هذه التجمعات فقد فضلت السلامة وتحالفت مع الأردن وقبلت الأنطواء ليس قناعة، بل حفاظاً على مصالحها الاقتصادية والاجتماعية، ودخلنا في عصر التنافس والاستخواذ على الشخصية الفلسطينية من قٍبل هذه الاقلية والفصائل الفلسطينية في ظل هذا الصراع، كانت الأرض الفلسطينية تٌنهب ويتم الاستيلاء عليها من قبل الصهاينة٠
ولئن كانت لحظة تأسيس النكبة لا تكشف عن كامل أحداثها ولا تعبّر عن كل ما جرى؛ لأنها لحظة إرهاصاتها الأولى كانت صادمة؛ للفئات الإجتماعية والمهنية والسياسية التعليمية الفلسطينية؛ والتي أرست حقائق جديدة؛ كان أبرزها ظهور نخب فلسطينية تبحث عن تشكيل خاصية لها، كباقي الشخصيات القطرية العربية في الشرق.
وهكذا فالوعي للشخصية الفلسطينية قد غابت أسئلة عنها، كان لا بد من البحث عن إجابات عقلانية لها، بعيدًا عن العاطفة وتضخم الذات وتكريس شخصية الضحية، فالسؤال: هل حقاً أن العرب وحدهم يتحملون نتائج النكبة؟ والسؤال الثاني: هل نمت الشخصية الفلسطينية المعاصرة في سياق نضالي؟ والسؤال الثالث: هل كان لدى الثورة الفلسطينية جهازًا مفاهمياً كابحاً لإمكانية الخروج من ” الغيتو” الفلسطيني؟ السؤال الرابع: هل كان من جملة الخصائص التي دأبت الحركة الثورية الوطنية الفلسطينية عليها في تعاملها مع الشعب الفلسطيني في مختلف تواجدها كمنهج نقدي؟
وبناء عليه، فإن الإجابات غابت، وتعلقت الأسئلة بإشكالية عقدة” الغيتو”.
يتبع ٠٠٠

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

د عبد الرحيم جاموس يكتب : ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر

ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر… احتجاجات الطلاب : من جامعة كولمبيا في أمريكا إلى طلاب …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *