رئيس المجلس الإداري للإتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين
رئيس المجلس الإداري للإتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين
الرئيسية / الآراء والمقالات / د عبد الرحيم جاموس يكتب : نكبة فلسطين وتجلياتها وضرورة إزالة آثارها..!

د عبد الرحيم جاموس يكتب : نكبة فلسطين وتجلياتها وضرورة إزالة آثارها..!

عبد الرحيم جاموس عضو المجلس الوطني الفلسطيني رئيس اللجنة الشعبية في الرياض
عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

نكبة فلسطين وتجلياتها وضرورة إزالة آثارها..!

بقلم د. عبدالرحيم جاموس

فلسطين ارضا وشعبا ، لا زالت ضحيةثالوث ما يصطلح عليه بمصطلحات ثلاث ، دخلت إلى قاموس اللغة العربية ، وقاموس السياسة الفلسطينية والعربية والدولية والمتمثلة في ( مصطلح النكبة، مصطلح النكسة، مصطلح الإنقسام)..!

خمسة وسبعون عاما تقريبا قد مرت على النكبة الفلسطينية في العام 1948 م وما نتج عنها من تشريد لثلثي أبناء الشعب الفلسطيني وتحويلهم إلى لا جئين داخل ماتبقى من فلسطين وخارجها في دول الجوار ، واللاجئين الفلسطينيين لا زالوا إلى اليوم ، يحتفظون بمفاتيح بيوتهم التي هجروا منها وقواشين ممتلكاتهم من اراض وعقارات قد اغتصبت وصودرت منهم عنوة بقوة السلاح ، واقتلعوا منها بالحديد والنار وبالمجازر الهمجية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في المدن والقرى الفلسطينية ، المدعومة من الإستعمار البريطاني خاصة والغرب العنصري الإستعماري بصفة عامة ، رغم كل ذلك لا زال اللاجئين الفلسطينيون يتمسكون بحقهم في العودة الى قراهم ومدنهم التي هجروا منها والى بيوتهم واراضيهم التي خلفوها وراءهم سنة 1948م .

عندما غادروها كانوا يعتقدون أنها مجرد ايام معدودات ويعودون اليها ، بعد ان رفضوا ومعهم اشقاءهم العرب ما عرف بقرار التقسيم رقم181لعام1947م الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29/11/1947 م ، في حين اعلنت العصابات الصهيونية قيام (دولة اسرائيل) ( في الوقت الذي اعلنت فية الدولة المنتدبة بريطانيا انهاء انتدابها واستعمارها على فلسطين في 15/5/1948 م)، بعدها انتظر الفلسطينيون دخول الجيوش العربية الشقيقة لمساعدتهم و التي اعلنت الحرب حينها من اجل تحرير فلسطين من العصابات الصهيونية ومنع قيام الكيان الصهيوني على ارض فلسطين ، وتمكينهم من العودة الى ديارهم ، وقد دخلت فعلا سبعة جيوش عربية بأسلحة متواضعة غير متوازنه عددا وعدة مع ما كانت تمتلكهوتتوفر عليه العصابات الصهيونية من أسلحة متطورة ، فقد كان إجمالي عدد الجيوش العربية السبعة لا يتعدى أربعة وعشرين ألف عسكري وبدون قيادة موحدة حيث كان يقود الجيش العربي الأردني الضابط الإنجليزي جلوب باشا كما كان يسمى ، ويساعده سته وأربعين ضابطا انجليزيا ايضا ، في حين كان عدد المنخرطين من الصهاينة في العصابات العسكرية الإرهابية ما يزيد على مائة وعشرين ألف عسكري إرهابي ذا خبرة وتدريب عسكري عالي ، ويتوفرون على تدريب وتسليح عسكري يتفوق على الجيوش العربية مجتمعة ، من المؤكد في مثل هذة الظروف والأوضاع المأساوية للأسف ان تكون النتيجة هي الهزيمة النكراء وأن تحلَّ النكبة على الشعب الفلسطيني ( ارضا وشعبا ) و لم تتمكن اذا هذة الجيوش العربية السبعة من هزيمة العصابات الصهيونية ، التي استطاعت ان تسيطر و تحتل مايساوي اكثر من 78% من مساحة فلسطين الجغرافية متجاوزة بذلك حدود النسبة التي كان قد حددها و قررها لها قرارالتقسيم رقم 181 المشار إليه أعلاه، وهي نسبة 54%من مساحة جغرافية فلسطين ، وقد وُقعت على اثرها اتفاقات الهدنة العربية الإسرائيلية لترسيم حدود الكيان الصهيوني الوليد على اساسها فيما بعد .

 رغم ذلك بقي الأمل عند الفلسطيني بالعودة قائما ويكبر يوما بعد يوم وفق القرار الاممي رقم 194لسنة1948م القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم التي اقتلعوا وشردوا منها ، كما بقي الأمل لديه ينمو و قائما بإزالة الكيان الصهيوني يوما ما قادما لا محالة ، واقامة كيانه الفلسطيني المستقل على كامل التراب الوطني الفلسطيني .

لكن الواقع العربي كان يسير عكس هذة الآمال والأمنيات الفلسطينية والعربية ، فوقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م بمشاركة بريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني ، والذي أدى إلى احتلال قطاع غزة وسيناء ، و قد انتهى بعد ستةِ شهور بإنسحاب القوات الغازية من سيناء وقطاع غزة ، و مع ذلك بقي الأمل الفلسطيني والعربي قائما حين تستعد الجيوش العربية من جديد لمعركة التحرير الفاصلة ، لكن الطامة الكبرى والتي سميت بالنكسة حين وقعت حرب الخامس من حزيران للعام 1967م والتي انتهت بكارثة فلسطينية وعربية كبرى ، نتج عنها إحتلال ماتبقى من ارض فلسطين (قطاع غزة والضفة الغربية والحمة ) وشبه جزيرة سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية ، لتتضاعف مساحة الكيان الصهيوني خمسة مرات عما كانت عليه، وسميت هذة النتيجة نكسة عربية تمييزا لها عن نكبة عام 1948 م ، عندها تصاعدت الثورة الفلسطينية التي كانت قد انطلقت في الاول من يناير عام عام 1965م على يد حركة فتح لتلتحق بها فصائل وطنية فلسطينية متعددة من مختلف الوان الطيف السياسي ، هكذا يمر اليوم على النكسة الحزيرانية تقريبا ستة وخمسون عاما ، ليعلن العرب بعدها في قمة الخرطوم العربية لاآتهم الثلاث ( لا صلح ولا. اعتراف ، ولا مفاوضات ) و قد تم رفع شعار مخادع ( تحت مسمى ازالة آثار العدوان ) ، وما تبع النكسة من مقاومة شعبية ونضال وكفاح فلسطيني وعربي بأشكال واساليب مختلفة ، توجت بحرب اوكتوبر للعام 1973م و رغم ما انجزته عسكريا .. ليبدأ بعد كل ذلك مسلسلا جديدا في ادارة الصراع يرتكز على اسلوب ( المفاوضات الإنفرادية المباشرة ) التي ادت الى توقيع اتفاق كامب ديفيد مع مصر ، ومن ثم اتفاق اوسلوا مع م.ت.ف ، واتفاق وادي عربة مع الاردن .. وفي الآونة الأخيرة بدأ مسلسل التطبيع العربي مع المستعمرة الإسرائيلية وقد شمل توقيع اربع دول عربية لإتفاقات تطبيعية برعاية الولايات المتحدة الامريكية لغاية الآن … دون احقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني على الاقل وفق الشرعية الدولية وقراراتها او وفق مبادرة السلام العربية ، وبقي الفلسطيني رغم ذلك يحلم بالعودة الى وطنه ويحلم بإقامة كيانه المستقل وعاصمته القدس ..

 هذا المسلسل من النكبات والنكسات الفلسطينية والعربية ، والتراجع في المواقف ، وسوء الإدارة للصراع من الجانب العربي والفلسطيني ، واكبه بإستمرار تفوق الكيان الصهيوني وداعميه وحلفاءه عسكريا وامنيا …

ليأتي الإنقسام الفلسطيني الناتج عن انقلاب حركة حماس الحزيراني في15/6/2007م والذي يكون قد مرَّ عليه اليوم تقريبا ستة عشر عاما ليمثل الضربة القاسمة للمشروع الوطني الفلسطيني المرحلي …. او في حده الادنى ، و يتوج ويتزاوج مع مسلسل النكبات والنكسات والتراجعات ، ويمثل الركن الثالث في اركان ثالوث النكبات والنكسات الفلسطينية والعربية في مواجهة المستعمرة الإسرائيلية ، التي جعلت من فلسطين ارضا وشعبا ضحيتها المستمرة و نكبتها ونكستها الكبرى ، وتبعد امل العودة والتحرير الملازمان للإنسان الفلسطيني عقيدة وممارسة لايحيد عنهما ، منذ بدايات القضية الى اليوم و الى سنوات وربما الى عقود اخرى ، هكذا تتشكل وتتحور النكبة والنكسة والقضية الفلسطينية … بفعل القوى الصهيونية وحلفائها من القوى الإستعمارية الغربية من جهة وبفعل التراجع وسوء الإستعداد والإدارة للصراع من الجانب العربي والفلسطيني على السواء …

فلا الحروب الكلاسيكية النظامية اوالحروب والأنتفاضات الشعبية ادت الى تحرير فلسطين ولا مكنت اللاجىء الفلسطيني لغاية الآن من حق العودة الى دياره، ولا مسلسل المفاوضات المباشرة والغير مباشرة قد تمكنت من إنجاز ما اخفقت الحروب في تحقيقه…!

رغم كل هذة المحطات والنكبات والنكسات والتراجعات والنضالات والتضحيات وما حملته من مآسي واخفاقات وما حققته من انجازات قد تكون متواضعة ، فإن الشعب الفلسطيني بقي ولازال حقيقة قائمة وماثلة يربوا على اربعة عشر مليونا من البشر ، أكثر من نصفهم يعيش على أرض فلسطين ، ليسوا فائضا بشريا على وطنهم و لا على العالم ، حتى يستمر انكار حقوقهم الثابتة غير القابلة للتصرف من عدوهم وغيره ، و لا يجوز ان يترك فريسة لسياسات الكيان الصهيوني وداعميه من قوى الإستعمار الغربي ليواصل مسيرة قضمه لهذة الحقوق قطعة قطعة ومرحلة تلو مرحلة …

على طريق الغائها وقبول الكيان الصهيوني من ثم عربيا وعالميا على صيغته التوسعية والعنصرية الإحلالية … المرفوضة فلسطينيا وعربيا ودوليا ،ويتم كل ذلك للأسف بدعم وغطاء من ادارة الولايات المتحدة الأمريكية منفردة والتي توفر له الدعم المطلق عسكريا وسياسيا وتوفر له الحماية الدولية …

الفلسطينيون اليوم مطالبون بقراءة هذا الواقع السياسي والعسكري الإقليمي والدولي المعقد قراءة فاحصة ، على ضوءها يجب ان يتم استخلاص و بناء واعتماد استراتيجية نضالية كفاحية جديدة توائم هذا التعقيد ، اول عناصرها يتمثل في انهاء ما يسمى بالإنقسام …الذي تكرسه وترعاه المستعمرة الإسرائيلية واطراف عربية واقليمية ودولية ، وانجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية ميدانيا ومؤسساتيا في اطار م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، ببرنامج سياسي ونضالي متفق عليه و بصيغة تكفل ضم و احتواء جميع القوى والتيارات الوطنية الفلسطينية ، في اطار جبهوي ناظم وموحد للفعل الوطني في مواجهة المشروع الصهيوني على كل المستويات محليا وعربيا ودوليا ، و مقاومة هذا المشروع الصهيوني بكل الوسائل الممكنة والمتاحة .

عربيا لا بد من مراجعة المواقف العربية لجميع الدول ووقف مسلسل التراجع والتراخي في التعامل مع الكيان الصهيوني ووقف كل محاولات واتفاقات ومقدمات التطبيع معه والالتزام بمبادرة السلام العربية وعدم تجاوزها تحت اي مبررات واهية ، وبناء المواقف العربية الدولية الواضحة على اسس مصلحية مع مختلف الدول والقوى على اساس مواقفها من هذا الصراع المزمن ومن النكبة والقضية الفلسطينية ، والعمل على ايجاد آلية فعالة لتنفيذ القرارت العربية و قرارات الشرعية الدولية المختلفة بهذا الشأن الذي يقضي على آثار النكبة الفلسطينية بالعودة وتقرير المصير .. 

حتى يدرك الكيان الصهيوني وحلفائه مدى جدية الموقف العربي والدولي من سياساته العدوانية ، وتأكيد الإلتزام بقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية كحد ادنى للموقف العربي والدولي لإنهاء الصراع ..

على الديبلوماسية العربية والفلسطينية ان تنشط وتسعي لخلق جبهة دولية شعبية ورسمية عالمية داعمة للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ومعارضة لإستمرار الإحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينة وسياساته التوسعية والإستيطانية والعنصرية الإحلالية ….المجافية للشرعية الدولية ولأبسط قواعد القانون الدولي ..

نخلص الى أن النضال الفلسطيني يجب ان يرتكز ويهدف الى تحقيق الغايات والأهداف الإستراتيجية التالية لإعادة الإعتبار لقضيته ..

اولا: إنهاء الإنقسام فورا وتحقيق الوحدة الوطنية في اطار م.ت.ف كجبهة وطنية عريضة تضم كافة القوى الفلسطينية .

ثانيا :النضال من اجل اسقاط قانون قومية الدولة(يهودية الدولة) في الكيان الصهيوني وتحقيق المساواة لشعبنا في منطقة الإحتلال للعام ثمانية واربعين ، والعمل على تحقيق هدف العودة للاجئين الفلسطينين ، كحق اصيل وثابت فردي وجماعي غير قابل للسقوط او التقادم او التنازل عنه وفق ما فصله واقره القرار194 لسنة1948 م.

ثالثا: النضال من اجل ممارسة حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وفق القرار 181لسنة1947م واقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس .

هذا هو الرد لمحو آثار ثالوث مصطلحات (النكبة والنكسة والإنقسام) الذي جعل من فلسطين وشعبها ضحية مستمرة وماثلة للعيان لمدة خمسة وسبعون عاما دون ظهور اية بوادر لإنهاء معاناتها وآثارها المدمرة ..

د. عبدالرحيم جاموس 

عضو المجلس الوطني

السبت 29/4/2023 م

Pcommety@hotmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الناصر شيخ العيد

عبدالناصر شيخ العيد يكتب : الفينو الأمريكى طعنه فى وجه الديمقراطية

الفينو الأمريكى طعنه فى وجه الديمقراطية بقلم عبدالناصر شيخ العيد لقد أصبح حق الفينو قمه …