الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : تدخل مرفوض

عمر حلمي الغول يكتب : تدخل مرفوض

عمر حلمي الغول

تدخل مرفوض

عمر حلمي الغول

القضية الفلسطينية، قضية العصر الحديث، وآخر قضايا حركات التحرر تعقيدا واستعصاءا ليس بسبب قوة إسرائيل الكولونيالية، ولا لان الشعب العربي الفلسطيني، صاحب الأرض والقضية مستسلم، ولا يدافع عن حقوقه السياسية والقانونية والثقافية، لا بل هو من اكثر شعوب الأرض حيوية، وانغماسا في الكفاح التحرري الوطني ومنذ بدايات القرن العشرين، وحتى يوم الدنيا هذا مازال يحمل لواء الكفاح تحت راية قيادته الوطنية، قيادة منظمة التحرير الفلسطينية. ولكن نتاج إصرار الغرب الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها في الاقليم على رفضهم منح الفلسطينيين الحد الأدنى من حقوقهم السياسية، وعدم الاعتراف بدولتهم، التي أقروها في 1947 وفق قرار التقسيم الدولي 181، وما تلاه من قرارات تجاوزت الالف وآخرها القرار 2334 الصادر في 23 كتنون اول / ديسمبر 2016.

وللاهمية العظيمة التي تحتلها القضية الفلسطينية عربيا وعالميا تستحوذ على اهتمام الاشقاء والأصدقاء والاعداء أيضا لجهة دعمهم لدولة الاستعمار الإسرائيلية، ويرحب أبناء الشعب وقيادتهم بكل جهد فكري وسياسي واقتصادي وثقافي وتضامني مع نضالهم ضد المحتلين الغزاة. ولكن لا القيادة الفلسطينية ولا أبناء الشعب بمختلف مشاربهم، باستثناء العملاء والجواسيس والأدوات الوظيفية التي زرعت في أوساط الشعب يقبلون باي تدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني، ومن هنا جاء التأكيد المستمر على “استقلالية القرار الوطني”، ورفض الوصاية من كائن من كان عربيا او إسلاميا او امبرياليا.

ما تقدم له عميق الصلة بما حمله مقال الدكتور محمد صالح المسفر القطري بعنوان “أناشدك سيادة الرئيس ان تتنحى من مصبك فورا” من ترهات واكاذيب وتحامل وتحريض معلن ضد شخص الرئيس محمود عباس المنشور في “صحيفة الشرق القطرية” يوم الأربعاء الماضي الموافق 12 ابريل الحالي (2023).

ولا اضيف جديدا للقارىء المتابع عن خلفية المسفر السياسية، فهو المقرب من الاخوان المسلمين، واحد المطبلين لهم، وصدى صوتهم الناعق دوما بما تبتغيه وتعمل من اجله الجماعة واسيادها في واشنطن ولندن وبرلين، رغم ادعائه انه “مفكر قومي”، بيد ان الحقيقة تؤكد، انه بعيد بعد الأرض عن السماء عن الفكر القومي، ولا يمت بصلة للمشروع القومي العربي النهضوي. لا بل هو في الخندق المتصادم مع المشروع القومي.

وقبل ان افند مزاعمه واكاذيبه، لو كان حريصا على الشعب العربي الفلسطيني وعلى مشروعه الوطني، لكان كتب عن ضرورة طي صفحة الانقلاب الأسود، الذي تقوده حركة حماس، فرع الاخوان الفلسطيني من 16 عاما خلت، وكان دعا للوحدة الوطنية لمواجهة التحديات الصهيو أميركية، ولنشر مقالا عن حكومة الترويكا الفاشية بزعامة نتنياهو، وعن اقتحامات المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، وعن منع الإسرائيليين أبناء الشعب وكل اتباع الديانة المسيحية من تأدية شعائرهم الدينية في سبت النور، والاحتفال بعيد قيامة المسيح، عليه السلام. لكن هذه ليست أولوياته، ولا تقع ضمن اجندته، وان كتب عنها، فسيكتب مقالات سطحية وبائسة ورخيصة، وتشبه خلفيته السياسية. كما ان ما دونه عن “تنحي رئيس منظمة التحرير” فيه خروج عن المنطق، وتجاوز للخطوط الحمر، وإسفاف وابتذال فاق الحد  

اما موضوع التنحي من عدمه، فهذا الشأن فلسطيني خالص. ولا اعرف ان كان المسفر يعلم، ان الفلسطينيين ليسوا من انصار شعار “الى الابد” لهذا الزعيم او ذاك الرئيس، لا يمانهم بصناديق الاقتراع ودورها في تحديد خياراتهم، اضف الى ان الشعب الفلسطيني ورئيسه عباس يؤمنون ايمانا عميقا بالديمقراطية، واحد معالمها الانتخابات، والتي تطال المؤسسات والقطاعات النقابية والمهنية وصولا للانتخابات البرلمانية والرئاسية. وتأخر إستحقاقها ناتج عن رفض إسرائيل اجراءها في العاصمة الأبدية القدس، وليس رفضا لها، او تهربا من استحقاقها. لكنها ستبقى مطلبا وطنيا حتى ترجمتها واجراءها

ومع ذلك الشعب الفلسطيني اسوة بالشعوب جميعا يفخر بقياداته التاريخية ورموزه النضالية وشهدائه وجنرالات الاسر في سجون الاستعمار الاسرائيلي، بغض النظر ان كانت في مركز القرار ام خارجه، لانها حملت راية الثورة، ودافعت عن مصالح وحقوق الشعب، ومازالت تدافع وفق شروط الواقع القائم.

ويعلم المسفر ان الرئيس أبو مازن يزور الدوحة باستمرار، ويلتقي قيادتها، فهل رآه ذات زيارة يتعثر في مشيته، او سمعه وهو يتحدث ليقول، ان ذاكرته ذبلت؟ الا يعلم الكاتب حليف الاخوان، ان ذاكرة عباس أحد من السيف، فضلا عن ذلك، فهذا شأن خاص بشخص الرئيس، ومن المعيب والغباء التعرض للجوانب الشخصية، لان فيها قدح وذم واهانة، وهو ما يتطلب ملاحقته في المحاكم القطرية.

واما عُمر الرئيس اطال الله في عمره، وادعو انا شخصيا وكل من يعرف الواقع الفلسطيني، ان يطيل الله عمره، لانه بوصلة الأمان، والضامن للدفاع عن الثوابت الوطنية، والرافض للاستسلام لخيار الأعداء، والمتمسك بمصالح الشعب العليا. لهذا تواصل الة الاعلام الصهيو أميركية والاخوانية ومن لف لفهم التحريض على شخص الرئيس عباس، ويجيشون ذبابهم الاليكتروني وغير الاليكتروني لتهشيم صورته ومكانته الشخصية والوطنية والقومية، ولتأبيد الانقسام.

نعم الرئيس انسان، اسوة ببني الانسان يصيب ويخطىء، لكنه لا يحيد قيد انملة عن الحقوق السياسية والقانونية للشعب، ولديه الشجاعة والكفاءة والاقتدار ليقول كلمته امام اباطرة اميركا وعلى الملأ دون ان يرف له جفن إسوة برفيق دربه الراحل الرمز ياسر عرفات. والحديث عن المستوطنات وتوسعها، فهذه إسرائيل المارقة والخارجة على القانون، والمدعومة بثقل الولايات المتحدة التي تحميها من الملاحقة القانونية والسياسية، والعكس صحيح، فهي تلاحق الشعب الفلسطيني ومصالحه الوطنية دون تردد، وآخرها منع مجلس الامن الأسبوع الماضي من اصدار بيان لادانة اقتحامات عصابات المستعمرين للاقصى. واما عن الأموال والدعم العربي عموما والخليجي خصوصا، فانا ادعوه ليسأل زعماء العرب وخاصة حكام الخليج، منذ متى لم يدفعوا فلسا ابيضا، وكم صندوقا للقدس وافقوا على انشائه، ولم يصبوا فيها بنسا او درهما.

واما عن مقاومة الشعب ومظاهراته الشعبية، لا احد يمنعها، وحق التظاهر مكفول ومصان وفق القانون والنظام الاساسي، باستثناء بعض المظاهرات التي يروج لها المغرضون والتحريضون أمثال جماعة حماس وحزب التحرير، الذين يهدفون للتخريب، وإشاعة الفوضى والفلتان الأمني، ويمارسون التحريض الرخيص التكفيري والتخويني، والإساءة لاهداف ومصالح الشعب الوطنية، فهؤلاء يروجون لبضاعتهم الفاسدة، لخدمة اسيادهم واجنداتهم الإقليمية والعالمية.

مجددا ادعوك للكف عن الابتذال، وترخيص الذات، ومراجعة نفسك، إن كانت لك صلة ما بما تدعيه، من انك “قومي”.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الناصر شيخ العيد

عبدالناصر شيخ العيد يكتب : الفينو الأمريكى طعنه فى وجه الديمقراطية

الفينو الأمريكى طعنه فى وجه الديمقراطية بقلم عبدالناصر شيخ العيد لقد أصبح حق الفينو قمه …