الرئيسية / تحقيقات و حوارات / الدكتورة جيهان صفير وسلاح الهوية المزدوجة

الدكتورة جيهان صفير وسلاح الهوية المزدوجة

جيهان صفير

الدكتورة جيهان صفير وسلاح الهوية المزدوجة

كتب حسان البلعاوي

الدكتورة جيهان صفير ، باحثة لبنانية في بلجيكا هي ، عين العرب على جامعة بروكسيل الحرة وهي عين هذه الجامعة على العالم العربي ، فهي تواكب وتساهم بالاهتمام المتزايد للجامعات البلجيكية بالدراسات العربية والإسلامية بأبعادها المختلفة و من هذه الجامعات جامعة بروكسيل الحرة والتي تأسست عام 1831، بنفس الوقت الذي حصلت به بلجيكا على استقلالها من هولندا عام 1831، ولم تكن في بروكسيل جامعة خاصة بها مثل هو الحال مثلا مع مدينة لوفان الناطقة باللغة الهولندية والتي تملك جامعة لوفان الكاثوليكية منذ عام 1425 ، واطلقت جامعة بروكسيل على نفسها حرة لأنها كانت تسعى لإيجاد جامعة مستقلة عن الدولة والكنيسة معا وذلك لتحقيق الحرية الاكاديمية كما تضع في أهدافها .

وتملك جامعة بروكسيل والتي تنقسم الى قسمين ، واحد ناطق باللغة الفرنسية واخر باللغة الهولندية ، قسما بعنوان ” مرصد العالمين العربي والإسلامي ” ( OMAN ) والذ ي اسسته الدكتورة صفير عام 2015 لأنها عندما انتقلت من باريس حيث انهت دراستها هناك وعملت في مؤسسات علمية عريقة ، في عام 2009 لتدرس عن العالم العربي في جامعة بروكسيل الحرة ، لمست نقصا في مراكز البحث العالمي عن العالم العربي قياسا بفرنسا ذات الحضور الاستعماري في المنطقة العربية ان كان في المشرق في لبنان وسوريا او في المغرب العربي ، والتي بناء عليه تمتلك عددا هاما من مراكز دراسات وابحاث عن العالم العربي .

وسبب نقص البحث العلمي العربي والإسلامي في بلجيكا ، يعود كما تقول صفير ، هو ان تاريخ بلجيكا الاستعماري مرتبط بأفريقيا وليس العالم العربي ، مع العلم ان هناك مركز دراسات حول العالم العربي في جامعة غينت واخر جامعة لوفان لونوف ، كما تقر صفير ولكن ذلك غير كاف ، فهنا اتتها فكرة إيجاد المرصد ، فعملت أولا على تشكيل فريق من باحثين عاملين في عدة كليات تدرس علوم متعددة ، فكان هناك أناس من كليات العلوم السياسية ، العلوم الاجتماعية ، الآداب ، الجغرافيا ، وضم هذا الفريق قرابة 33 باحثا وقام بتنظيم اكثر من 150 حدث علمي عن العالمي العربي والإسلامي ، واصبح المرصد تدريجيا مرجع للدراسات العربية والإسلامية في بلجيكا وتقوم الفكرة باختصار على تجميع الباحثين المشتتين في مختلف الكليات والذي كان كل واحد يهمل من جهته .

ومع ان المرصد موجود فقط في جامعة بروكسيل الحرة لأنه جزء من قسم العلوم الإنسانية ، الا انه بدا ينسج شراكات من العديد من مراكز الدراسات والأبحاث المهتمة في العالم العربي ليس فقط في بلجيكا ولكن أيضا في فرنسا واصبح لدينا باحثين متعاونين ولكن ليسوا من جامعة بروكسيل الحرة .

و اصبح مرصد العالمين العربي والإسلامي مرجعا لوسائل الاعلام البلجيكية لوجود باحثين مختصين بالمواضيع التي تتناولها وسائل الاعلام واصبح هؤلاء الباحثون خبراء ، وموخرا طلب البرلمان الفيدرالي البلجيكي من الدكتورة صفير المجيء للحديث في في البرلمان عن الوضع في لبنان وذلك امام اللجنة المختصة بلبنان وتحدثت كخبيرة بالشأن اللبناني ، وكذا اصبح المرصد ليس فقط منصة لتجمع الباحثين حول العالمين العربي والإسلامي ولكنه أيضا اصبح مرجعا للتعريف بقضايا العالمي العربي والإسلامي لدى المؤسسات السياسية ووسائل الاعلام ,

 ولفلسطين حصة هامة في المرصد ، فاحد المنسقين الاثنين للمرصد ، بعد استقالة الدكتورة هو الباحث عمر جابري سالمانكا وهو من اصل فلسطيني ، يعمل على موضوع الكهرباء في فلسطين وكيف تقوم إسرائيل باستخدامه كأداة لأحكام سيطرتها واستعمارها للشعب الفلسطيني اما المنسق الاخر المرصد كريستيان اوسلون فقد كان منذ فرابة عام في فلسطين لانجاز شراكة وتعاون مع جامعة بيرزيت ، هذا بالإضافة للعمل الذي تقوم به الدكتورة جيهان نفسها عن فلسطين ، ولحضور 5 طلاب فلسطينيين من جامعات فلسطينية عبر شراكات جامعية أوروبية ولتقديم اطروحات جامعية عن فلسطين في مجالات مختلفة .

وفي عام 2022 استقالت الدكتورة جيهان من رئاسة المرصد لانه تم تعينها مديرة لقسم الدراسات الإنسانية في الجامعة والذي بالإضافة الى مرصد العامين العربي والإسلامي يحوي 6 مراكز أبحاث تعمل على مناطق أخرى في العالم ، في اسيا ، أفريقيا وامريكا واللاتينية ، بالإضافة لمراكز تتناول وسط أوروبا ، بما فيها مرصد العالمين العربي والإنساني ، وهناك مركز جديد تم افتتاحه يتناول علوم الحروب .

اصبح مرصد العالمين العربي والإسلامي مرجعا لوسائل الاعلام البلجيكية لوجود باحثين مختصين بالمواضيع التي تتناولها وسائل الاعلام واصبح هؤلاء الباحثون خبراء ، وموخرا طلب البرلمان الفيدرالي البلجيكي من الدكتورة صفير المجيء للحديث في في البرلمان عن الوضع في لبنان وذلك امام اللجنة المختصة بلبنان وتحدثت كخبيرة بالشأن اللبناني ، وكذا اصبح المرصد ليس فقط منصة لتجمع الباحثين حول العالمين العربي والإسلامي ولكنه أيضا اصبح مرجعا للتعريف بقضايا العالمي العربي والإسلامي لدى المؤسسات السياسية ووسائل الاعلام ,

اما حصة فلسطين في المرصد فهي كبيرة فاحد المنسقين الاثنين للمرصد ، بعد استقالة الدكتورة هو الباحث عمر جابري سالمانكا وهو من اصل فلسطيني يعمل على موضوع الكهرباء في فلسطين وكيف تقوم إسرائيل باستخدامه كأداة لأحكام سيطرتها واستعمارها للشعب الفلسطيني اما المنسق الاخر المرصد كريستيان اوسلون فقد كان منذ فرابة عام في فلسطين لانجاز شراكة وتعاون مع جامعة بيرزيت ، هذا بالإضافة للعمل الذي تقوم به الدكتورة جيهان نفسها عن فلسطين ، دون الحديث عن العديد من الطلاب من الجامعات الفلسطينية والذي تم من خلال شراكات مع جامعات اوربية وعن اطروحات دكتوراة يتم تقديمها عن فلسطين في مجالات متنوعة .

لكن مع المكانة العلمية المرموقة للدكتورة جيهان ، هناك جانب اخر لا يقل أهمية عن إنجازاتها العلمية وهو ارتباطها بفلسطين ، يصلح ان يكون موضوع رواية أدبية او فيلم روائي ويظهر جانبا من الحالة الفلسطينية المعقدة ، كما ترويها بنفسها .

” أنا لبنانية الاب، فلسطينية الام، وفرنسية في ان واحد ، تقول صفير ، وعندما اندلعت الحرب في لبنان عام 1975 ، كنت في الرابعة من عمري ولم اكن ادرك الي مدى يمكن لهذا الصراع ان يمزق عائلتي اللبنانية والفلسطينية ”

على اثر نكبة فلسطين عام 1948 والتي قادت قرابة 800 الف فلسطيني ترك ارضهم وبيوتهم واملاكهم عنوة، خشية المجازر التي كانت ترتكبها المجموعات الصهيونية المسلحة ، خرجت اسرة والدتها ، وهي عائلة أيوب بدران ، من حيفا ولجات الى لبنان ووجدت نفسها، حالها حال العديد من الفلسطينيين المسيحين في حي الأشرفية في بيروت الشرقية ، فيما اصبح الأبناء، من طرف اسرة الام ، وبسبب الحرب والتي قسمت لبنان وبيروت تحديدا ، بين شرقية ذو اغلية مسيحية وغربية ذو اغلبية مسلمة ، يعيشون حالة انقسام ، فنبيل ( خال جيهان ) كان يعمل باحثا في مركز الأبحاث الفلسطينية التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية ، والمتواجد في حي الحمرا في بيروت الغربية ، وخالي هو احد المؤسسين لهذا المركز وقد عمل مع انيس الصايغ وكذلك مع يوسف الصايغ ، اما الخالة واسمها ايفيت فقد كانت ناشطة في الحزب الشيوعي اللبناني ، في بيروت الغربية والتي كانت تأوي الاخوة ندى وفؤاد ، والاربعة كانوا كانوا ملتزمين بالدفاع عن القضية الفلسطينية ومنخرطين في النضال من اجلها في مراحلها المتعددة .

والدة جيهان واسمها هيلين كانت متزوجة من لبناني ماروني وتعيش في أنطلياس في منطقة الشرقية ، اما شقيقتها نادية فقد تزوجت هي الأخرى من لبناني ماروني ولكنها عاشا غي حي الحمرا حتى عام 1982 .

” باختصار، تقول الدكتورة ، كنا حتى اندلاع الحرب ( نيسان 1975 ) نلتقي ونتزاور كعائلة ، ولكن بعد هذا التاريخ اصبحنا منفصلين ، ليس فقط بسبب خطوط التماس التي تفصل بيروت الغربية عن الشرقية ولكن أيضا بسبب الخلاف الأيديولوجي ، حتى ولو لم يظهر والدي ، وفي أي وقت ، أي عداء للفلسطينيين ، الا ان المحيط المسيحي الذي كنا نعيش به كان مسكوننا بهذا العداء ”

” وكان أصدقائنا في المدرسة وجيراننا، تذكر المتحدثة , يذكروننا دائما بان الفلسطينيين هم ارهابيون ويريدون زعزعة السيادة اللبنانية ، كما كانت تصنفهم الميلشيات المسيحية ، اذن نحن نشانا وكبرنا في بيئة يغلب عليها خطاب معادي للفلسطينيين وكان على والدتي ان تقبل بذلك حتى لا تعرضنا للخطر ”

” خلال فترة الحرب ، تستذكر جيهان ، كانت اسرتي منفصلة عن القسم المتعلق بوالدتي ، ومع ذلك استمرينا بزيارة اجدادي الذين بقوا في الاشرفية وكنت اعشق الاستماع لجدتي واسمها ثريا والتي كانت تحدثني عن حياتها في فلسطين ، كممثلة مسرحية في مسرح حيفا، وكان لجدي واسمه إسكندر فرقة مسرحية ، والتي كتب مقالا عنها الباحث الفلسطيني جوني منصور ، وكان جدي يعما أيضا محاسبا في احد المتاجر الكبرى ، كما كان لجدي امتداد عائلي لأسرة لبنانية أتت لفلسطين ابان الحرب العالمية الأولى ، حيث تعرض لبنان حينها لمجاعة ، ثم عادت هذه الاسرة لاحقا الى لبنان ، وبالتالي عندما أتت جدي وجدتي الى لبنان ، استطاعوا سريعا الحصول على الجنسية اللبنانية ، وفي عطل الصيف التي كانت تقضيها في جبل الكرمل ، كنت اتخيل فلسطين كحديقة مليئة بالورد يعيش الناس بها سعداء دون هموم تؤرقهم ، ومع اسرة والدتي تحمل بطاقة الأونروا للاجئين الفلسطينيين ، أي ان والدتي كانت تحمل هذه البطاقة الا انهم استقروا بمنطقة الاشرفية ”

في عام 1986 وبعد فترة بسيطة من ” حرب المخيمات ” والتي خاضتها حركة امل ، مدعومة من النظام السوري ، ضد منظمة التحرير الفلسطينية مخيمات اللاجئين الفلسطينية في بيروت الغربية وتحديدا شاتيلا وبرج البراجنة ، تذكر جيهان ، والتي كانت حينها عمرها 14 سنه ، ان خالتها ايفيت والتي كان رفاقها في الحزب الشيوعي اللبناني ينادونها باسم ” دنيا ” قد ذهبت بها الى مخيمي شاتيلا وبرج البراجنة وعرفتني خالتي على الناس الذين كانت تعمل معهم ، فتغيرت نظرتي ، كليا ، وعدت وأصبحت اقرا اكثر عن فلسطين , وذهبت اقضي وقتا عند جدتي وكنت أوجه لها الكثير من الأسئلة عن ذكرياتها في فلسطين ، وقد سجلت ذلك على شريط مصور وقمت بتوثيق حديثها في رسالة الدكتوراة لاحقا ” وهناك في المخيمات عرفت أغاني مارسيل خليفة ورقصت الدبكة وعادت الى بيتها بكوفية تمت مصادرتها منها .

” منذ تلك اللحظة ، تتذكر جيهان ، أصبحت بحاجة ان اتعرف على تاريخ فلسطين وان اعرف لماذا تم إخفاء عني جزءا من جذوري وهي جذور نمت رغم كل شيء ”

وعندما أتت جيهان الى باريس في عام 1989 لإكمال دراستها الجامعية انخرطت في اطار الحركة الطلابية اليسارية الفرنسية وكان هناك عمل مشترك مع الطلاب الفلسطينيين ، وتذكر هنا ” استطيع القول انني بنيت وعي السياسي تجاه فلسطين مع خوالي في بيروت ومع الطلاب الفلسطينيين في باريس ، وعنما عدت الى لبنان في عام 1994 ، بدأت احضر لمرحلة الجامعية ما بين الماجستير والدكتوراة بالإضافة الى عملي في المدرسة الليسيي الفرنسية ، كما بدأت العمل في مركز للمعاقين في مخيم برج البراجنه والذي اسسه خالي نبيل بدران ، كما عملت مع مركز ” الجنى ” مع معتز الدجاني ومع ماري روز صايغ والتي كانت تعمل على التاريخ الشفهي الفلسطيني ، وعمليا يمنني القول ان بدأت اطروحتي الجامعية عن الفلسطينيين في لبنان ومع ماري زوز الصايغ والتي كانت اول من صحبني الى مخيمات اللاجئين حتى اعمل مقابلات مع الشباب الفلسطيني ن كما ساعدني كثيرا بهذا الامر معتز الدجاني واستطيع القول ان عمل الدكتوراة هو عمل بحثي علمي ولكنه مثل بالنسبة لي عمل التزام سياسي نضالي ، وهكذا بدأت اعمل على موضوع اللاجئين الفلسطيني وبقيت في مركز ” الجنى ” والذي يهتم بالثقافة والتراث الفلسطيني في وسط الأطفال في المخيمات الفلسطينية ويراسه معتز الدجاني ، واثناء عملي هناك تم تعيني رئيسة المركز لأنني ببساطة لبنانية لأنه في لبنان اذا كان عندك لجنة او مؤسسة وانت فلسطيني فلن تحصل على شيء من الدولة ، وكل اللجان العاملة في الحقل الاجتماعي والتي يتولاها فلسطينيون ، كانوا يحرصون العمل مع لبنانين وذلك حين يحضر مندوب من الامن العام اللبناني الاجتماعات السنوية لهذه اللجان ، فوجود لبنانين يحملون هويات لبنانية، ويقومون بالتوقيع على المحاضر الرسمية يسهل من امر عقد اجتماعات هذه اللجان امام الامن العام اللبناني ، وانا كنت رئيسية لمركز جنى بشكل رسمي ولكن عمليا كان الامر غير ذلك ، وعملت هناك كثيرا مع الأطفال وعملنا التاريخ الشفهي والذي قمنا بتسجيله ”

وفي عام 1999 وصلت جيهان الى باريس لإكمال دراستها الجامعية وعملت بداية في ” كوليج جو فرانس ” وهي هي مؤسسة فرنسية تختص بالبحث العلمي والتعليم العالي بباريس، وتهتم الكوليج دو فرانس في الأساس بالبحث العلمي، ولكنها أيضاً تقوم بالتدريس ولكن على مستوى الباحثين وطلبة الدراسات العليا وذلك مع والمورخ الفرنسي الشهير والمختص بالعالم العربي هنري لورانس لمدة عامين ، ثم عملت لمدة عام في مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية في باريس وكان موضوعها عن الأرشيف في العالم العربي وخلال هذا العمل اصدرنا كتاب يعنوان ” الأرشيف في الشرق الأوسط ”

ضمن هذا السياق كان من الطبيعي للطالبة جيهان والتي وصلت في دراستها الجامعية الى مرحلة الدكتوراة في باريس ، ان تسجل اطروحاتها ، في عام 1999 ، مع البروفسيورة نادين بيكادو ، والتي وضعت مجموعة من الكتب المرجعية عن القضية الفلسطينية والحرب في لبنان ، حتى تقوم بعمل بحث جامعي عن مكان اصبح مألوفا بالنسبة لها ، وهو مخيم اللاجئين الفلسطينيين ، خاصة وانها أصبحت ملتزمة بنشاط يتعلق بالأطفال اللاجئين الفلسطينيين .

منذ بداية عملها لنيل درجة الدكتوراه، بدأت الباحثة جيهان في البحث عن وثائق أرشيفية تتعلق بالموضوع الذي تعمل عليه و كانت الوثائق الأولى التي استطاعت الوصول لها تتعلق بالفيدرالية الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر وملفات اللجنة الدولية المحفوظة في جنيف. ولدى عودتها إلى بيروت، عملت على أرشيف الجريدة الرسمية اللبنانية، والنقاشات البرلمانية ، والصحافة في ذلك الوقت ، وأتيحت لها الفرصة لاكتشاف أرشيف مديرية الشؤون الفلسطينية الذي تحتفظ بملفات العائلات التي تسجل الفلسطينيين فور وصولهم إلى لبنان.

وتعود الذكرى للباحثة جيهان حول أرشيف العائلات الفلسطينية فتقول ” لقد استطعت الوصول لهذه الوثائق لأني ابرزت هويتي المسيحية اللبنانية من عائلة صفير المعروفة بانها مسيحية، للوصول الى مكتبة مدير عام الشؤون الفلسطينية والذي سمح لي الوصول الى مكتبه وهناك اكتشفت بمحض الصدفة ، في حمام هذا المكتب وفي البانيو وجود الالاف من بطاقات فهرسة الكرتون المصفرة الخاصة بملفات اللاجئين الفلسطينيين والذين وصلوا الى لبنان عام 1951″

وتضيف الباحثة صفير ” لم تعد المحفوظات المكتوبة كافية لأبحاث الدكتوراه الخاصة بي ولإعطاء مضمون لموضوعاتي، قمت بالتوازي بأجراء تحقيق ميداني تمثل بجمع شهادات من لاجئين يعيشون في المخيمات واخرين فلسطينيين استقروا في المدينة ، والذين أصبحوا لبنانيين ولديهم علاقة مختلفة مع فلسطين ، هناك أيضًا لعبت من جديد على موضوع الهوية فعندما كنت مع الفلسطينيين في المخيمات ، كنت ابنه اخت نبيل بدران ، وفي وضع اخر وعنما يتطلب الامر البطريرك الماروني”

” وبطبيعة الحال، تكمل جيهان، كنت اتحدث اللهجة الفلسطينية امام الفلسطينيين واعود الى اللهجة اللبنانية امام اللبنانيين الذين يمقتون الفلسطينيين ويعتبرونهم اعدائهم ، وكنت أرى انه من اجل كتابة التاريخ الفلسطيني المتعدد في لبنان كان علي اللجوء الى لعبة الهوية المزدوجة لتوضيح تعددية العوالم الفلسطينية ، وكان من الضروري أيضا الاستماع الى روايات أخرى خارج المخيم ”

وتذكر الباحثة ” سمح لي هذا العمل بزيارة المخيمات وتسجيل شهادات الشبان الفلسطينيين والحصول على ارشيفهم الخاص، كانت المخيمات بالنسبة لي مساحة لتعلم التاريخ الفلسطيني ومخزن لذكريات المنفى والنكبة، وبفضل عملي البحثي ، تمكنت من تحديد اللحظة التأسيسية للهوية الوطنية الفلسطينية وفهم افضل لتطورها مع مرور الزمن.”

 ” كما ارشدني هذا العمل، تسترسل الباحثة ، الى مناطق أخرى وتحديدا مخيم ضبيه في لبنان الواقع في بيروت الشرقية ، أي في الجزء المسيحي ، وهذا المخيم له تاريخ خاص ، فالأرض المقامة عليه كانت مخصصة لثكنة تابعة للقوات الفرنسية خلال الحرب العالمية الثانية. في عام 1949، انتقلت هذه الثكنات الى لاجئون فلسطينيون مسيحيون يتبعون طائفة الروم الكاثوليك ، ومعظمهم من قرية باسا الواقعة شمال قضاء عكا ، على بعد بضعة كيلومترات من الحدود اللبنانية ، خلال الحرب الأهلية اللبنانية ، كان ضبيه هو أول مخيم استهدفته ميليشيا الكتائب المسيحية.

وتختم الدكتورة جيهان في الحديث عن اطروحتها الجامعية «فلسطينيو ضبيه هم اليوم على هامش الهامش. يشعران بأن الفلسطينيين واللبنانيين تخلوا كلاهما عنهم، فهما في هوية لا أحد فيها عالقة في مكان بين حدود ”

وعنما وصلت الدكتورة جيهان الى بروكسيل في عام 2009 وبدات تعطي محاضرات عن العالم العربي في جامعة بروكسيل الحرة وكانت القضية الفلسطينية دائما حاضرة في نشاطها في الجامعة فهي تقول ” لا يكفي ان تكون باحثا ولكن يجب ان ان يكون هناك التزام نضالي في الدفاع عن القضية الفلسطينية طالما بقي الشعب الفلسطيني محروم من حريته ودولته ” وعلة هذا الأساس تعمل صفير على موضوع أرشيف النضال ، مع شركاء اخرين ، في جنوب افريقيا ضد الفصل العنصري وربطه بالنضال الفلسطيني ونضال شعوب أخرى ضد العنصرية والاستعمار “.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

received_302210312609146

ميناء غزة.. هل يكون بوابة للتهجير

*ميناء غزة.. هل يكون بوابة للتهجير؟* عماد الدين حسين أخشى ما أخشاه أن يتحول الهدف …