الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : فلسطين والميلاد المجيد

عمر حلمي الغول يكتب : فلسطين والميلاد المجيد

عمر حلمي الغول

فلسطين والميلاد المجيد

عمر حلمي الغول

هنا في فلسطين كان الميلاد المجيد للسيد المسيح عليه السلام قبل اكثر من الفين عام، وهنا كانت ثورة الإصلاح والتجديد من رسول السلام والمحبة والتسامح، وهنا ولد الفدائي الفلسطيني الأول ليعلن مجد ولادته، وعظمة المكان الذي ولد فيه، وتجلت حكمة وكرم الخالق العظيم، جل جلاله في اختيار مريم المجدلية لتضع مولدها في مدينة المهد، مدينة المحبة والتسامح والاخاء، في مدينة بيت لحم لينشر السلام والتجديد والإصلاح ضد المارقين الخارجين على تعاليمه، التي حملها لرسوله موسى، عليه السلام.

كان، ومازال السيد المسيح عليه السلام عنوانا للفداء والتضحية والعطاء والوفاء لكلمة الله في الاعالي وعلى الارض، لم يستسلم امام الغلاة المرتدين والكفرة من اتباع العهد القديم، الذين باعوا الدين بابخس الاثمان، ولم يوفوا بعهد لا للخالق، ولا لنبيه موسى ولا لشقيقه هارون. لا بل ضللوا الأخير، واخضعوه لتهافتهم، وعبدوه البقرة معهم. وبقي عيسى عليه السلام شاهدا على اكاذيبهم، وحقدهم وكراهيتهم وغلهم واجرامهم وعنصريتهم، التي تمثلت بصلب السيد المسيح، رغم انه شبه لهم. لانه دعاهم للدين الحق، وبلغ رسالة الخالق لتلاميذه وللناس جميعا في زمانه، مما اثار غيض وحنق أولئك المرتدين والمزورين لتعاليم رب العباد. والذين واصلوا نهجهم حتى يوم الدنيا هذا.

في عيد الميلاد المجيد تقف فلسطين بشعبها العربي الفلسطيني بمختلف ديانات ابنائه ليحتفي بميلاد سيد المعجزات، وحامل معول التغيير والتجديد، ليؤكد تمسكه بالوحدة الوطنية، وبرسالة النضال واساليبه المختلفه، وخاصة الكفاح الشعبي لإزالة المستعمرين الصهاينة عن ارض الرباط، ولتحرير البلاد والعباد من هرطقاتهم واكاذيبهم وكفرهم، ومن نهجهم الإرهابي الاجرامي، ولاعادة الاعتبار لخيار السلام والتسامح والمحبة والتعايش بين أبناء الشعب، وشعوب الإقليم والعالم اجمع.

ومع ذلك، فان الشعب الفلسطيني لا يخلو من العناصر الضالة والتكفيرية، التي تحاول ان تشوه جمالية العيد، وفرح الشعب بابنه البار، وفدائيه الأول، حيث تقوم مجموعات مغرضة بتهديد التجار في ساحة كنيسة المهد في بيت لحم بعدم عرض منتوجاتهم، وخاصة تلك التحف الفنية الجميلة للسيد المسيح، او لمريم المجدلية، او للصليب، او الكنائس الثلاث او غيرها من الرموز المتعلقة بالدين المسيحي، مدعين انها “اصنام”، وهذا من وجهة نظرهم حرام. وللأسف لو فكر أي منهم قليلا، ما الفرق بين الاصنام وبين التحف الفنية الجملية، التي تعكس اصالة وابداع أبناء الشعب العربي الفلسطيني؟ لادركوا ان هناك فرقا شاسعا من الأرض للسماء بينهما. الاصنام هي تلك التماثيل، التي “يعبدها” الناس، ويسجدون لها، ويقدمون لها القرابين، وهي كما قال سيدنا إبراهيم عليه السلام للناس في قريته، عندما هدم اصنامهم الصغيرة، اطلبوا من صنمكم الكبير اعادتها؟! ليؤكد لهم، ان اصنامهم عبارة عن جماد، لا تنطق، وحتى لو نطقت، فهي لا تملك شيئا من قدرة الله العزيز الحكيم، وتتناقض مع الايمان بالخالق جل جلاله. وبالتالي التحفة الفنية شيء، والاصنام وعبادتها شيء اخر.

وفن النحت يعكس حضارة وثقافة هذا الشعب او ذاك. لانه لا يمت بصلة للاصنام، ويتنافى مع أهدافها واغراضها. فن النحت احد معالم تطور المعرفة الفنية لشعب من الشعوب، وفيه يتجلى الابداع والجمال والاصالة، وعكس حضارة الشعب في مرحلة تاريخية من تطوره ضمن شروط الزمان والمكان وتطور علاقات وقوى الإنتاج في تلك اللحظة. ولا تمس الديانات السماوية وعبادة الله العزيز الكريم، الذي لا اله الا هو، وحده لا شريك له. وبالتالي التحف الفنية بعيدة بعد الأرض عن السماء، وعن فلسفة وخلفية الاصنام، والذين صنعوه ليتاجروا بالناس وينهبونهم، ويكفرونهم.

لذا على الجماعات التكفيرية ان تلم زعرانها، وتبتعد عن ساحة المهد، وعلى رجال الأجهزة الأمنية عموما والشرطة خصوصا القبض على أي من التكفيريين وزجه في السجن. لان ما يقوم به أولئك المرتدين افسادا لروح الوحدة الوطنية، وارهابا مرفوضا ضد أبناء الشعب، وغرسا للافكار السوداوية التي تتنافى مع ابسط معايير الوحدة والتلاحم، اللذين نحن بامس الحاجة لهما في مواجهة دولة التطهير العرقي الصهيونية، ولمواجهة اخطار الانقسام والانقلاب وكل مظاهر الفساد، وفي ذات الوقت تعزيز روافع المعرفة والثقافة والفن بكل اشكاله، والارتقاء بالعلم ومجالاته، وأيضا إبقاء راية المقاومة بكل اشكالها مرفوعة عاليا، وتكريس حضورها على الأرض في كل المحافظات والمدن والقرى انتصارا لاهداف وثوابت الشعب.

كل عام وأبناء الشعب في فلسطين وشعوب الامة والعالم من اتباع الديانة المسيحية من مختلف الطوائف والمذاهب بخير بعيد الميلاد المجيد، والمجد لله في الاعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

د عبد الرحيم جاموس يكتب : ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر

ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر… احتجاجات الطلاب : من جامعة كولمبيا في أمريكا إلى طلاب …