الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : أهمية القمم الثلاثة

عمر حلمي الغول يكتب : أهمية القمم الثلاثة

عمر حلمي الغول

أهمية القمم الثلاثة  

عمر حلمي الغول

عقدت يوم الجمعة الماضي الموافق التاسع من كانون اول / ديسمبر الحالي ثلاثة قمم في الرياض، عاصمة العربية السعودية تتويجا وتعميقا واحتفاءا بزيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، وبهدف توطيد أواصر الصداقة والتعاون المشترك بين الوطن العربي والتنين الصيني، الذي امسى القطب الثاني اقتصاديا على المستوى العالمي، فضلا عن ثقل الدولة الشيوعية على مختلف الصعد والمستويات دوليا.

في نفس يوم الجمعة عقدت قمة سعودية صينية، وقمة صينية خليجية، غاب عنها معظم حكام الخليج باستثناء الأمير تميم بن حمد، امير قطر، والقمة الأهم العربية الصينية، وهي القمة الأولى، وذات الابعاد الاستراتيجية، ان قدر لبيانها الختامي ان يجد طريقه للنور والترجمة في الواقع العملي. وتأتِ القمة في لحظة سياسية واقتصادية وعسكرية وثقافية عالمية نوعية نتاج ما يشهده العالم من سيولة عالية في مكوناته واولوياته ومحدداته المستقبلية، حيث يعاد صياغة المنظومة الدولية بعيدا عن التفرد والوحدانية والتنمر والاستقواء والاستعلاء على المجتمع البشري كله من قبل الولايات المتحدة، التي أخضعت العالم لعولمتها الوحشية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية مطلع تسعينيات القرن الماضي، وسيطرتها على مقاليد القرار السياسي في هيئة الأمم المتحدة وفي المنابر الإقليمية المختلفة، وحتى داخل الدول على مساحة القارات الست، وباتت الامر الناهي في كوكب الأرض.

حقيقة باتت ماثلة امام الأنظار، وعلى مرآى العالم كله، عنوانها انتهاء الحقبة الأميركية، كون العولمة الأميركية شارفت على نهاية دورها التاريخي كامبراطورية فاسدة ومتوحشة، ومنتجة للارهاب الدولاني، وقاربت على تسليم الراية لعالم متعدد الأقطاب رغما عنها، وليس رغبة منها، او مِنّة منها. لا سيما وانها الان تخوض حروب الدفاع عن نفوذها وموقعها الدولي بالوكالة وعلى حساب الدول والشعوب الأخرى في اكثر من إقليم وقارة وخاصة في الصراع العسكري الدائر بين أوكرانيا وروسيا الاتحادية، الذي تشعله إدارة بايدن وحلفائها المسيرين في دول الاتحاد الأوروبي كلما قارب على الخمود. وبغض النظر عن نتائج الصراع هناك، واي كانت الوسائل التي ستستخدم لاحقا مدنية ام عسكرية، واي كان المنتصر فيها، فان العالم ماض قدما نحو التغيير الدراماتيكي، وولج عمليا مرحلة التحولات النوعية، ولم يعد راعي البقر يمسك بقرون بقره في الداخل الاميركي، رغم كل عوامل القوة التي يمتلكها.

اذا انعقاد القمة العربية الصينية في الرياض، التي تحتل مكانة عربية محورية بالإضافة للقاهرة وبعض العواصم الأخرى، يعكس القراءة المشتركة العربية الصينية للتحولات العالمية، وحرص الفريقين على توسيع وتعميق جسور التعاون العربي الصيني، الذي بدأت بواكيره في مطلع القرن الحادي والعشرين، وتحديدا في 2004، وما اعقبه من حوارات ثانية بين الطرفين العربي الصيني، وتعميد ذلك بإصدار عدد من الإعلانات والاتفاقات الثنائية والجمعية، ودعم العرب لمبادرة الصين “الحزام والطريق” وتوسيع التشارك مع التنين الجديد، والصاعد بقوة التطور والتحولات الاستراتيجية الداخلية والخارجية، حيث دخل الاقتصاد والتكنولوجيا الصينية كل بيت في المعمورة، ان لم اكن مخطئا.

وكان للبيانات الثلاثة التي صدرت عن القمم ذات اليوم (الجمعة) اهمية عالية، كونها ركزت على كافة مجالات الحياة السياسية والديبلوماسية والاقتصادية/ المالية والتعليمية والتكنولوجيا المتقدمة والفضاء والقضاء والاستثمار والنفط والغاز والمناخ والثقافة والسياحة والرياضة والصحة، ولم تترك واردة او شاردة الا وسلطت الضوء عليها، ووثقت الشركات على المستويات الثلاثة، وفتحت الأفق واسعا امام التعاون المشترك لخدمة الشعوب العربية والشعب الصيني الصديق.

وعلى أهمية ما تضمنته البيانات، بيد ان القيادات العربية والصينية لم تعتبر القمم محورا في مواجهة محاور دولية أخرى، ولا حلفا ضد احد في العالم، انما هو استجابة ذاتية وموضوعية لمصالح الشعوب ذات الصلة بالتعاون، وبهدف تعميم لغة السلام والتسامح والتعايش المشترك، والمثقافة وتبادل المعارف والمعلومات، واحترام ثقافات وقيم كل شعب من الشعوب، ورفض الإرهاب بكل اشكاله وعناوينه، والدعوة لإزالة الأسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل، وكل ما يهدد السلم والامن العالميين، ودعوة كل الشعوب والدول لحل النزاعات وفق القانون الدولي، ومعايير الشرعية الدولية، وبالطرق السلمية بعيدا عن قوانين الغاب والاستقواء والتغول والاستعمار.  

وكان للقضية الفلسطينية مكانة هامة في البيانات المشتركة الثلاثة، وخاصة في البيان العربي الصيني المشترك، وهذا الملف سافرد له مقالا مستقلا غدا.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

د عبد الرحيم جاموس يكتب : ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر

ثورة الطلاب العالمية فلسطين تنتصر… احتجاجات الطلاب : من جامعة كولمبيا في أمريكا إلى طلاب …