عدلي صادق: عدل صادق : زيارة البابا: المعنى الذي في بطن واشنطن بتاريخ السبت 24 مايو 2014
الموضوع: قضايا وآراء
|
زيارة البابا: المعنى الذي في بطن واشنطن بقلم : عدلي صادق
يمر واحدنا على الصحافة الأمريكية المقربة من "المحافظين الجدد" ليقف على
أصداء زيارة قداسة البابا فرنسيس الى بلادنا فلسطين، فيرى عجباً!
زيارة البابا: المعنى الذي في بطن واشنطن الأحد 25/5/2014
يمر واحدنا على الصحافة الأمريكية المقربة من "المحافظين الجدد" ليقف على
أصداء زيارة قداسة البابا فرنسيس الى بلادنا فلسطين، فيرى عجباً! زعيمة
هذه الصحافة "واشنطن بوست" تقدم المسألة على طبق من الأحقاد الظلامية،
بينما الزائر الكبير، لا يتوخى شيئاً سوى النور، والروح الجميلة، وطيف
المسيح في مهده ومواطىء قدميه الطاهرتين. شدد البابا مراراً، على أن زيارته
دينية بالمطلق. وقبل أن يغادر الفاتيكان، قال لخمسين ألفاً من المسيحيين
الذين احتشدوا يوم الأربعاء المنصرم، في "ساحة القديس بطرس" البيضاوية في
الفاتيكان: "إن زيارتي روحية وعلى نحو صارم". كأنما قداسته، أراد أن يدفع
عن نفسه عش دبابير الأوغاد الظلاميين، ومظنة اعتقادهم أن الحبر الأعظم
يزورنا في سياق الخط الأخلاقي للفاتيكان، حيال عذابات الشعب الفلسطيني. ذلك
الخط الذي وضع الراحل المناضل الأب ابراهيم عياد "فارس الوطن والكنيسة"
النقاط على حروف روايته. وظلت الفاتكيان، على إيمانها بفلسطينية المكان،
وبحق الأراضي المقدسة في أن تكون منفتحةً على رحاب الدنيا، وبحق القاطنين
فيها، من الفلسطينيين، في حياة إنسانية آمنة من الشرور، ناجية من أفاعيل
الوحوش التي استدعتها الصهيونية من العصور الحجرية، أو من عصور ما قبل
الكتابة. لكن "واشنطن بوست" كأنموذج تقول: إن المقصد الديني الصارم،
غير متاح هنا في هذا المكان، لأن الفلسطينيين يرحبون بقداسته في "دولة
فلسطين" ولأن "رهط الكهنة سوف يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد أن
منحت الأمم المتحدة فلسطين وضعية الدولة غير العضو، على الرغم من معارضة
الولايات المتحدة وإسرائيل"! عجيب أمر هؤلاء، فقد احترنا معهم. الزائر
الكبير نفسه، يؤكد على أن رحلته روحية محضة، وأهل الدار يقولون إننا
نستقبله بمحض الترحيب الذي يليق به، لكنهم يعترضون على الإشارات المرورية:
ففلسطين لكي تنال رضاهم، ينبغي أن تكون بلا اسم وبلا ملامح، و"رهط الكهنة"
ينبغي أن يتحاشى اللقاء برئيسهم، والأمم المتحدة، في غرفة برلمان الشعوب،
اقترفت إثماً باعترافها بفلسطين كدولة، على النقيض من خزعبلات أمريكا
وإسرائيل. وكأن الأمم المتحدة، مع احترامنا، هي التي منحت الاعتراف، وليس
ممثلي أمم العالم قاطبةً، وكأن إسرائيل، ليست هي التي تلقت منحة الاعتراف
بها من الأمم المتحدة حصراً، وبدون رغبة الأمم التي كان معظمها رازحاً تحت
نير الاستعمار! تقول الصحف الأمريكية المقربة من القطيع الإمبريالي
الأخير المتبقي في هذه الدنيا، إن البابا فرانسيس، يبدأ زيارته الى الأراضي
المقدسة مساء يوم الأحد "بينما الخصومات والأحقاد تحتدم". وفي هذه
المناسبة، يصبح مأمولاً من الحبر الأعظم، في زيارته الأولى، بصفته هذه الى
الأراضي المقدسة؛ أن يكون ديبلوماسياً ذكياً وبارعاً. فهو "لن يستطيع أن
يتلقى كل رسالة تأتيه من الطرفين، ولا أن يجيب عن كل رسالة، وسيكون مضطراً
لأن يقطع بصمت، الخطوط السياسية والدينية التي تفصل بين الفلسطينيين
والإسرائيليين، وأن يفصح عن مشاعر طيبة، ببضع كلمات مرضية لكل طرف"!
لكن الخازوق الكبير، الذي يؤرق إسرائيل والإمبرياليين الجدد، يكمن حسب
اقوال الصحافة الأمريكية في كاميرات الإعلام الفلسطيني، إذ ــ بالمعنى ــ
سيضع الله سره في أضعف خلقه. فقد أضمر الفلسطينيون تسليط الضوء على الجدار
الرمادي الذي يتلوى كأفعى مجنونة. المصورون جاهزون لتسليط العدسات على كل
زاوية، وكأن الفلسطينيين هم الذين أجبروا إسرائيل على أن تشق بجدارها أراضي
بيت لحم، حتى لامسَ بيوت المسيحيين فيها، وضاقت معه زاوية انعطاف السيارات
في المدينة! وتتفرع المحاذير الإسرائيلية ــ الأميريكية من الزيارة،
الى افتراضات: فكيف ستكون انطباعات رجل يتبرم من التغالظ مع القطط، ومن
تهميش الشواذ، ومن معاناة الفقراء، حين يرى عذابات البشر الفلسطينيين تحت
الاحتلال؟! يقولون:"لا بد أن تنشأ انطباعات في أعماق الحبر الأعظم، هذا
إن لم تصدر عنه في الحال، ملاحظات حزينة. وينقلون عن الناطق باسم زيارة
البابا فرنسيس، (يكتبون اسمه جمال دايبس Diabes وأظنه الأب جمال خضر، رئيس
المعهد الإكليريكي للبطريركية اللاتينية) القول: "لا نعرف ماذا يُضمر
البابا فرانسيس، ولا ماذا سيقول، فهو حِبرٌ مفعم بالمفاجآت". ستكون
زيارة البابا الى المنطقة ماراتونية، مضغوطة في 55 ساعة، يوفيها الرجل كل
عناصرها الشكلانية، إذ سيلتقي العاهل الأردني في عمان ومفتي المملكة،
ويستقل الطائرة المروحية ثلاث مرات، وسيزور مخيماً للاجئين الفلسطينيين،
وموضع معمودية يسوع على نهر الأردن، ومتحف "المحرقة اليهودية فاد فاشيم"
وسيلتقي اثنين من الحاخامات، ثم يزور كهف "غروتو" في كنيسة المهد، وموضع
الميلاد، وسيكون له لقاء مع حشدين، أحدهما في ستاد عمان، والآخر في ساحة
المهد. وقد انزعج المحتلون من كون رجال الشرطة الفلسطينين سيتولون الحماية،
والرجل يصر على شق طريقه الى الجموع بسيارة مكشوفة، يعتبرها ضرورية
للتواصل مع الناس! في الأراضي المحتلة عام 48 سيتلقى البابا رسالة من
مسيحيي فلسطين: نحن منزعجون للغاية، وقلقون على مستقبلنا، بسبب ضغوط
نتنياهو على "الكنيست" لكي يعلن عن إسرائيل "دولة يهودية" على الرغم من كون
20% من مواطنيها ليسوا يهوداً! لهذه الاسباب وغيرها، كان معنى زيارة
الحبر الأعظم، مقلقاً للامبرياليين الجدد. لقد أفصحت صحافتهم عن بعض
الأسباب، لكن المعنى كله، ظل بقي في بطن واشنطن! adlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|