عدلي صادق: عدلي صادق : الكونفدراية إن كانت وشيكة بتاريخ الأحد 16 ديسمبر 2012
الموضوع: قضايا وآراء
|
 الكونفدراية إن كانت وشيكة عدلي صادق
الكلام المتقطع، عن كونفدرالية ربما تكون وشيكة بين فلسطين والأردن؛
الكونفدراية إن كانت وشيكة عدلي صادق الكلام المتقطع، عن كونفدرالية ربما تكون وشيكة بين فلسطين والأردن؛ ينتمي الى جنس الكلام ذي اللغوْ الارتجالي، وهذا مغاير لكل ما سبقه من مطولات عن الوحدة نقيض التجزئة، أو عن الحُلم القومي، وبعضها كانت وظلت رومانسية، وبعضها الآخر سجّل مقاربات لمشروعات الدولة العربية الوحدوية المقتدرة، التي تنهض بروافع مفترضة، كانت في الخمسينيات، يمكن أن ترفع جبالاً إن أتيج لها أن ترفع، كجماهير "الأمة" وثرواتها ومقدراتها وموقعها الجغرافي الاستراتيجي، وثقافتها وإرثها الحضاري. ففي زمن ذلك الحلم، كان اندماج بلدين، يُعد خطوة مبشرة على الطريق. وقامت في ذلك السياق، وحدة مصر وسوريا، ثم انشرخت بعد ثلاث سنين وسبعة أشهر. وبعد فشل تلك التجربة بنحو خمسة أعوام، جرت مباحثات مطولة وممتدة زمنياً، بين القوميين في مصر وسوريا، للعودة الى الوحدة، كان فيها المتفائلون يناقشون كل المسائل التي تجاوزتها العملية الفوقية السابقة، التي اعتمدت على الرومانسية دون سواها، وعلى عاطفة الناس في الوهلة الأولى، حيال الوحدة، في شباط (فبراير) 1958، وتلك مسائل تتعلق بتفصيلات الحياة ومكونات المجتمع وخصوصيته، وطبيعة الحكم وضوابطه، ومسألة التداول والدمقرطة النسبية، وفق معايير ذلك الزمن. ولعل الإنجاز الوحيد، الذي تمخض عن النقاش العسير، في القاهرة، هو ثلاثة أجزاء من الكتب، اشتملت على محاضر المباحثات، وقد أحيلت هذه المحاضر المطبوعة، الى أرفف المكتبات، لا تُغري قارئاً ولا معتبراً، على الرغم من فائدتها لمن يريد أن يعتبر. أما أبرز خسائر تلك المحاولة، فقد كانت تتمثل في الخصومة المديدة بين خطين من القائلين بالفكرة القومية، وهي خصومة أضرت بالعمل القومي، وبالزعيم جمال عبد الناصر و"البعث". الأول واجه عدوان 67 بتجربة وحدوية فاشلة أعقبها اصطدام ـ بدل البناء والعمل المشترك ـ بين شقي الخطين القومييّن. أما الثاني، وهو "البعث" فقد وقع بين براثن لجنة الضباط العسكرية فيه، المسكون بعضها الذي غلب، بطائفية مسخ، إذا ما قيست بالثقافة القومية ومشروعها، وانتج المخاض البعثي الداخلي المرير، نظام حافظ الأسد، الذي لم يستوعب ـ في جوهره ـ حتى الطائفة النصيرية وثقافتها وتاريخ رموزها، فاستند الى الأسرة وخدمها الفاسدون من كل الطوائف! للأسف، وبموجب تداعيات لاحقة، لاحظ الجميع تفكك معنى "الأمة" في الوعي الجمعي للشعوب. وشاهدنا مؤخراً، في ذروة أحداث "الربيع العربي" كيف تركزت الأمنيات، فيما هو مطلوب للشعب وليس للأمة، وبدت الشعوب سعيدة بكونها شعوباً قاطنة في إطار حدودها السياسية، بل إن سقف آمالها هو أن لا تنشطر الى شعوب أو طوائف! وكان بعد نحو عشر سنين، من انفصال سورية عن مصر، أن جرت محاولات فوقية عدة، كان من يقودونها من فوق، هم أنفسهم، من غير المؤمنين وفق مؤشرات سلوكهم، بوحدة أوطانهم، فما بالنا بالوحدة بين أقطار عدة. ففي مرة، كانت مصر السادات، مع ليبيا والسودان والعراق، ومرة مصر وسوريا والسودان، ومرة مصر والسودان والعراق واليمن، وفق صيغة للتعاون، وهذه الأخيرة، انكشف هزالها وانهارت فوقيتها، مع أزمة الكويت، إذ وقفت مصر، قاعدتها، في طليعة خصوم عراق صدام حسين، بينما انحاز الآخرون، بنسب متفاوتة الى صدام حسين. وكان الحصاد الوحيد، لتلك المحاولة الأخيرة قبل تأصيلها؛ هو يوم إجازة للعاملين، في بلدين على الأقل، لمناسبة "عيد التعاون العربي"! * * * على الرغم من ذلك، فإن الكلام المتقطع، حول كونفدرالية وشيكة بين فلسطين والأردن، لا ينتمي الى جنس المحاولات الأولى، الرومانسية، ولا المحاولات المتأخرة، ببقايا رومانسية، ومحاولات الزعماء صنع مآثر لهم تعزز أدوارهم في أوطانهم. الحديث المتقطع، عن كونفدرالية وشيكة، بين الأردن وفلسطين يستحدث جنساً آخر مختلف. وهو على أية حال، يُنسب الى أصحاب الكلام دون سواهم، وليس الى ملك أو رئيس أو حكومة. فربما لا علاقة للزعماء به، أي لم تتشكل بعد، نوايا التوجه الفوقي الى هذه التجربة. ولأنه كلام متقطع، يُنسب لمن يقولونه، فلا نريد أن نناقش حيثيات تجربة كهذه، كفرضية واقعية لخطوة وشيكة، وإنما نختصر رأينا بثلاث نقاط: 1 ـ إن أسوأ أساليب معالجة الأزمات والتحديات في وطن ما، هي أن يفتش النظام السياسي فيه، عن بلد أو بلدين لديهما أزمات، لكي يصنع معهما كونفدرالية سيكون معناها إدارة جماعية مشتركة للأزمات والتحديات بمجملها. ذلك لأن المحصلة ستكون معنونة بالقول الدارج "جبتك يا عبد المُعين..". 2 ـ الكونفدرالية في هذه المرحلة، تسجل محاولة لن تنجح، للالتفاف على عنوانين رئيسين، لأزمتين في كل من الأردن وفلسطين. الأضطراب الاجتماعي في البلد الأول، وما يكتنفه من حيثيات يغلب عليها الطابع العشائري ونعرات الجهوية، مختلطاً بغزائز الجزء الأكبر من الإسلاميين. وفي فلسطين، التغوّل الاستيطاني، وانسداد أفق التسوية بوجود الحكم العنصري المتطرف المعادي للتسوية في إسرائيل. ففي هكذا حال يواجهها الفلسطينيون؛ لا تغير الكونفدرالية الحقائق، ولا تنتج سعادة وزهواً. بل إن وحدة فلسطين مع الجزيرة العربية كلها بكل أقطارها، حتى لو أتاحت لنا أن نباهي بالانتماء الى دولة شاسعة، لن تجعلنا نتجاوز عن مترات مربعة، من قرية في الضفة، لصالح الاستيطان الصهويني العنصري. 3 ـ ليس إخوتنا في الأردن، بكل مكونات الشعب الشقيق، في حاجة الى أن تكون تعقيدات الحال الفلسطيني معطوفة على التعقيدات في راهنهم الوطني. كذلك فإن فلسطين، ليست في حاجة الى الجانب الإشكالي من الحيثيات الأردنية الراهنة، ولا هي في حاجة الى زعامة أقوى وأشد رسوخاً في المنطقة، لكي تدق على صدرها فتتولى تأمين غض الطرف على ما يشبه الوقائع الاحتلالية على الأرض، في الضفة الفلسطينية. ونحن هنا، لا نتوقع من أي من القياديين، الأردنية والفلسطينية، أن تعمل في هذا السياق أو أن ترتضي هذا الدور لنفسها! وحتى فضاء العاطفة الفلسطينية، ضمن مكونات الشعب الأردني، لن يكون إلا مضافاً لفضاء العاطفة الفلسطينية العامة، الرافضة للتجاوز عن انتهاب أراضي الضفة والانتقاص من سيادة الفلسطينيين على أرضهم. إن هذا هو مجرد رأي، لمن يهمه الاستئناس بآراء في هذا الصدد! www.adlisadek.net
adlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|