عدلي صادق: عدلي صادق : نحو مشروع قومي ديموقراطي بتاريخ السبت 08 ديسمبر 2012
الموضوع: قضايا وآراء
|
نحو مشروع قومي ديموقراطي عدلي صادق
مرت الذكرى الثانية لرحيل العزيز عبد الله الحوراني
نحو مشروع قومي ديموقراطي عدلي صادق مرت الذكرى الثانية لرحيل العزيز عبد الله الحوراني (أبو مُنيف) في يوم التصويت الإيجابي في الأمم المتحدة، لمنح فلسطين صفة الدولة. فللرجل، ماكثاً وراحلاً، مواعيده المتلازمة مع الأيام والوقائع على أجندة الوطن الذي أحب، وظلت بوصلته في وجُهة المشروع والأمل، أي الوحدة القومية، التي كان يتمناها حتى أيامه الأخيرة حتى وإن بدأت واستمرت متدرجة بخطوات تؤسس لمصالح وسياسات جامعة، وصولاً الى أنجازها الكبير، ببناء الكيان العربي المقتدر، نافذ التأثير بين الأمم. تطوران جللان، جعلاني أفتقد الراحل عبد الله الحوراني، وأتذكر حاجتنا الى نُشدان المشروع القومي الديموقراطي، ولو كان متدرجاً: صعود القوى الحزبية الإسلامية في البلدان العربية، ونيل فلسطين صفة الدولة التي ما يزال أمامها طريق طويل لبسط سيادتها على أراضيها. ولا يطرأ هكذا مشروع، في خاطري، دون أن أتذكر "أبو منيف" وأحاديثه الحالمة الشجية التي تخللتها دائماً لقطات نقدية ساخرة ولاذعة! التطور الأول استولده واقع المظالم التي تعرض لها الإسلاميون، فتعاطف معهم المجتمع، بخاصة في زمن الدكتاتوريات الفاسدة. ففي مستهل الصدام، بين القوى القومية والتيار الديني في مصر وسوريا، منذ الربع الأول من خمسينيات القرن الماضي؛ لم يتعاطف المجتمع مع الإسلاميين لسببين، الأول أن المشروع القومي كان معقد الرجاء وله زعاماته التي نالت إجماعاً، والثاني ارتباط التيار الديني بالقوى التقليدية ذات العلاقة مع الغرب الاستعماري، وتاريخ هذا التيار الكاشف عن ارتباطه بركائز الاستعمار من الرجعيات المحلية. أما عندما تراجع المشروع القومي، وتحول القائمون على الأقطار التي ورث القيادة فيها طغاة اعتمدوا الديكتاتورية الغريزية العارية، دون أن يحملوا مشروعاً؛ باتت المظالم سبباً في تخليق تعاطف كبير مع التيار الديني وظهرت نسبة معتبرة من المساندة الشعبية له. ووصلت هذه المساندة الى حال الرواج، بعد انتصار الثورة الإيرانية، التي رآها الإسلاميون مشروعاً يصح الاقتداء به، لكنهم لم يتبينوا فحواه القومي. في التطور الثاني، وهو اكتساب فلسطين حق المساواة مع إسرائيل، على الصعيد الدولي، ووجود التحدي الكبير الذي يمثله نيل الاستقلال الفعلي؛ يتطلب التعاضد القومي، الذي لا يتحقق بدون الاستقرار عربياً على رؤية تبدأ بخطوات عملية في اتجاه وحدة المصالح والشراكة الحقيقية. فالأعداء في العالم، لا تمنعهم الخصومة من فتح آفاق التعاون والشراكة في مشروعات استراتيجية وتأسيس مصالح، مثلما هو الحال بين الهند وباكستان، أو الصين والهند، إذ سيُفاجأ ويُذهل كل من يركز على واقع العداء، لو اطلع على حجم الشراكة والتعاون بين هذه الدول المتباغضة في السياسة، ومشروعات الطرق والتكامل الصناعي ومعدلات التجارة والتواصل الاجتماعي. * * * رمزية الحدث الذي تزامن مع ذكرى رحيل عبد الله الحوراني، استعادت في خاطري رؤى وخواطر رجل حالم، كان بيننا. فـ "أبو منيف" لم ييأس من جدوى وعيه القومي، ولم تفتر عزيمته وظل ذهنه وقّاداً يسقي الآمال ويحافظ على نضرتها. ظل يكتب حتى الرمق الأخير، يجمع البراهين على جدوى المشروع القومي، ويؤكد على وفائه لمن حاولوا فأخطأوا وأصابوا، وتركوا تجاربهم. فهؤلاء، عنده، لا ينبغي أن يؤخذوا بمنطق النتائج التي انتهت اليها تجاربهم، وبالتالي يتوجب تعريف الأجيال بجوانب مضيئة، من تلك التجارب، وكان حريصاً على إنصافهم، وتذكير الراهنين بمآثر لهم، باتت مفتقدة لدى من جاءوا بعدهم. ومثلما تتجدد الأفكار وتستعيد رونقها، على النحو الذي يلائم كل زمن، كان "أبو منيف" يحلم باستعادة المشروع القومي، لأنه الحاضنة الطبيعية والآمنة، للأمة بكل أطيافها ومكوناتها.ولكونه ظل على دأبه ذاك، فلم يقطع صلاته مع القوميين في العالم العربي. ومع نيل فلسطين صفة الدولة، يكاد العبد الفقير أن يتخيل تعليقات "أبو منيف" وأمنياته حول نهج العمل الواجب، في هذه المرحلة، إنطلاقاً من قاعدة للتفكير، قوامها أن استكمال الرحلة، لن يكون سهلاً ولا حتى متاحاً، دون جهد نوعي يعتمد على الأنقى والأكفأ والأعمق إيماناً بأهداف شعبنا، ودون يقظة الوجدان العربي ودون البدء في مرحلة تأسيس لمشروع قومي ديموقراطي، تنهض فيه فلسطين وأقطار الأمة، وتحقق مكانتها، في عالم تراجعت فيه الأيديولوجيات الأممية، وطفقت الشعوب تفتش عن مستقبل أجيالها، وتتمسك بخصوصيتها، وتصبو الى عزِها المفتقد! رحم الله عبد الله الحوراني الذي رحل في زمن لا يحس فيه الوجدان الجمعي المعذب، إلا بعظائم الآلام ثم ينساها بتأثير آلام جديدة، ولا تُستعاد فيه ذكرى خاصة، بعد ان ازدحمت أيامنا بعظائم الذكريات والأحداث العامة! www.adlisadek.netadlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|