عدلي صادق: عدلي صادق : افتتاحية القدس العربي :في لحظة مجنونة من التاريخ بتاريخ الأربعاء 17 أكتوبر 2012
الموضوع: قضايا وآراء
|
 افتتاحية "القدس العربي": في لحظة مجنونة من التاريخ عدلي صادق
افتتاحية "القدس العربي" أمس،
افتتاحية "القدس العربي": في لحظة مجنونة من التاريخ عدلي صادق افتتاحية "القدس العربي" أمس، لم تكن تليق بكاتبها، إن عددنا هذه المطبوعة اليومية، الصادرة من لندن، واحدة من الصحف العربية القليلة التي تتمتع بمستوى عالٍ من المهنيّة! فمن خلال قراءة فاحصة، لعبارات الافتتاحية، وما تضمنته من إشارات، يحُزننا فعلاً أن يتغاضى الكاتب عن ضرورة إظهار الموقع الذي ينطلق منه في وصف الحال الوطني الفلسطيني وما يسميه "عُزلة" الرئيس محمود عباس في مكتبه في رام الله. فهو يقرر أن هذه العُزلة، تشمل الشرق والغرب، وهذا كلام يفتقر عمداً الى الدقة، ويوحي بأن محاصرة الرئيس الفلسطيني أمريكياً وإسرائيلياً، هي المعادل الموضوعي للسماء وللأرض في مشرقها ومغربها، بينما الرئيس الفلسطيني مرحبٌ به دائما، في كل آسيا وأمريكا اللاتينية وفي معظم أوروبا. ويستهل الكاتب تعليله لهذه "العُزلة" المفترضة، بالإشارة الى احتجاجات شعبية وغلاء ورواتب متأخرة، وكأن هذه المشكلات ليست واردة وطبيعية في بلدان نفطية أو في بلدان مستقلة وافرة الموارد، أو كأن المناظرة التي سهرنا على متابعتها فجر أمس، بين الرئيس باراك أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني، لم تختزل وتترك كل شيء، لصالح الوظائف والرواتب في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها! أوباما لا يرد على رسالة عباس. هكذا تقول الافتتاحية في بداية سردها للنقاط التي تراها دالّة على حرج موقف الرئيس الفلسطيني. وفي الحقيقة بدت هذه النقاط عجيبة: بنيامين نتنياهو، الذي تصفه الافتتاحية بأنه "شريك" عباس في المفاوضات (في الواقع لم تحدث شراكة تفاوضية مع نتنياهو) أقدم على حل "الكنيست" والدعوة الى انتخابات مبكرة. ولا ندري ما هو مبعث الحرج الاستثنائي للرئيس عباس في هذا التطور؟! تنتقل الافتتاحية الى نقطة أخرى تراها دالّة على حرج الرئيس الفلسطيني: فهو رئيس "انتهت صلاحيته منذ عامين، وصلاحية المؤسسات التي يتزعمها مثل المجلس الوطني واللجنة التنفيذية والمجلس التشريعي". وهنا نصبح بصدد فهلوة تعبيرية تقيس الحالة الفلسطينية على المسطرة الإسكندنافية، ولا تكترث لا بالحيثيات السياسية للزمن ولا بوقائعه، وذلك مع خلط الحابل بالنابل. فالرئيس عباس ليس زعيماً للمجلس الوطني ولا للمجلس التشريعي. هو رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. والرجل دعا الى انتخابات، لكن واقع الانقسام يعطلها تبعاً لواقع وطابع ومقاصد القوى المهيمنة على غزة، بعد الانقلاب الدموي فيها. بل إن هذه القوى نفسها، رفعت الحرج المتعلق بالمدة، عن الرئيس عباس، وساومت على بقاء مديد متزامن، لها وله. وإن كانت هناك مدة زائدة بالمقياس الإسكندنافي ـ لا بمقياس الحركات السياسية في مرحلة ما قبل الدولة ـ فكيف يقصف الرئيس عباس عُمر هذه المدة، ولصالح أي مشروع ولأي أشخاص؟! فهذه أجوبة لا تطرحها الافتتاحية المُرسلة جزافاً! مؤسف حقاً، أن تحملنا صحيفة "القدس العربي" أوزار السياسات الاستيطانية، علماً بأن صعود اليمين العنصري الاستيطاني في إسرائيل، حدث لأسباب عدة، من بينها غياب الاستراتيجية الكفاحية الفلسطينية الواحدة والواقعية، وهو ما نعاني منه وما زلنا، بأفاعيل قوى تزاود بالطنين دون الطحن، وتتمسك بلغة ماحقة لا تلائم الحال الفلسطيني والعربي العام، وتكشف صدورنا وظهورنا وعجزنا! خاتمة الافتتاحية، تجزم بأن الرئيس عباس لا يملك تفويضاً. ذلك في الوقت الذي باتت فيه مشكلة الرجل وهو يتصرف كمفوّض، تنحصر في أنه يتمسك بالامتناع عن الانخراط في مفاوضات مخادعة، وطالما استمر النشاط الاستيطاني، وبأنه يفتح الآفاق لعلاقات لا يرضى عنها الأمريكيون، ولأنه أشهر أو خالف نحو عشرة لاءات مفصلية صارخة في وجه الأمريكيين، حين قيل له لا تذهب الى الأمم المتحدة واليونسكو ولمجلس حقوق الانسان، فذهب، وعندما قيل له اذهب الى المفاوضات بدون شروط فلم يذهب، وعندما قيل له لا تذهب لقمة عدم الانحياز في طهران فذهب. كانت تلك لاءات مطروحة صاحبتها تهديدات، لكنها مواقف أشهرها الرئيس عباس، على النحو الذي تعجز عنه زعامات دول مستقلة. فما الذي يريده كاتب افتتاحية "القدس العربي" في هذا الخضم؟! لو أن الافتتاحية ارتقت الى سويّة التقدير للمواقف الفلسطينية الرسمية الوطنية، وبنت عليها، فتحدثت عن نواقص وعن مستلزمات يتوجب مباشرتها لتعزيز الموقف الفلسطيني، لقلنا إن الكلام موضوعي. ولو كانت تنتقد ثغرات أو نواقص في سياسات تعزيز الداخل وعلى المستوى الذاتي، وفي الديبلوماسية وفي التواصل مع العالم العربي، لقلنا إن الكلام موضوعي. أما والكلام جاء بهذه الشاكلة، فإننا نتمنى أن نقرأ افتتاحية استدراكية، تقول لنا كيف ولصالح من، يمكن للرئيس عباس، أن يقطع التواصل في مدة رئاسته؟ وكيف يحل مشكلة الرواتب؟ وكيف أن أمريكا وإسرائيل ليستا هما الشرق والغرب؟ وأن تقول لنا كيف يجدد الرئيس عباس للمؤسسات "التي يتزعمها"؟ وكيف يجعل أوباما يرد على رسالته كرجع الصدى؟ وكيف يُرضي أصحاب هذه النصوص المترفة الفاقدة لحساسية العلم بالأشياء ونقائضها وسياقاتها؟ تتملكنا الحيرة في هذه الأثناء، ولا نعرف الدوافع التي تجعل هجوم البعض على الرجل، متزامناً مع هجمات القوى الصهيونية الأشد تطرفاً وظلامية. إننا في لحظة من التاريخ، مجنونة أو معتوهة! www.adlisadek.net
adlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|