عدلي صادق: عدلي صادق : الخطيئة تُشرعن الجريمة بتاريخ الأربعاء 11 يوليو 2012
الموضوع: قضايا وآراء
|
 الخطيئة تُشرعن الجريمة عدلي صادق
دونما اكتراث بالتبعات القانونية والسياسية،
الخطيئة تُشرعن الجريمة عدلي صادق دونما اكتراث بالتبعات القانونية والسياسية، في المنطقة والعالم، وحتى في إسرائيل نفسها؛ ذهب نتنياهو الى مسافة أبعد في جنون التطرف وكراهية التسوية وسد آفاقها. هو، باعتماده تقرير اللجنة التي ترأسها القاضي المتقاعد إدموند ليفي، يجعل أراضي الضفة الفلسطينية المحتلة، في حال الضم عملياً لإسرائيل، وإن كان في منطوق هذا التقرير، بعض الغباء الناجم حكماً عن هوس التطرف، وهو ما سنأتي على ذكره في هذه السطور! قبل كل شىء هناك رمزية لافتة، وسوداء، في اعتماد إدموند ليفي بالذات، رئيساً للجنة الخاصة التي قدمت تقريراً يتيح للمتطرفين أن يستوطنوا في كل أرجاء الأراضي المحتلة، وإن تطلب ذلك انقلاباً كاملاً وجذرياً، على صعيد النظام القضائي الإسرائيلي المعتمد، في التعامل مع أراضينا، والضرب بعُرض الحائط، بمنظومة من القوانين والقرارات الاحتلالية الصادرة عن المحكمة العليا الإسرائيلية نفسها، وحتى إن تطلب الإنقلاب على التسمية الإسرائيلية المألوفة، للأرض الفلسطينية،كمناطق "مدارة". ذلك كله، لتشريع وجود نحو 120 بؤرة استيطانية. فتلك البؤر، حسب الإحصائية التي وردت في تقرير أعدته وقدمته الى شارون، في العام 2005، مسؤولة النيابة العامة الإسرائيلية تاليا ساسون، وزعم شارون، في حينه، ومن بعده أولمرت، أنهما يتعهدان بإزالتها؛ لم تتعرض للإزالة، على قاعدة ما جاء في ذلك التقرير، بأن أراضي الضفة محتلة وأن القانون الدولي يحظر على دولة الاحتلال استخدامها لأغراض مدنية "ولا يجوز نقل سكان من الدولة، الى مناطق احتلتها"! فعندما بدأ نتنياهو، عملية المزاودة على شارون في موضوع الأراضي وفي استرضاء المستوطنين؛ نازع بشراسة المستشار القانوني لحكومته، في موضوع اختيار رئيس اللجنة التي طُلب منها مراجعة تقرير تاليا ساسون، حول تملك المستوطنين للأراضي في الضفة، ودبّر مع لجنته، وُجهة التقرير الجديد ومنطوقه. كان المستشار القانوني يهودا فانيشتاين، يعتبر اختيار رئيس اللجنة من صلاحياته. لكن نتنياهو خشيْ من رجوح الاعتبارات المهنية لدى مستشار الحكومة القضائي عند الاختيار، فيسمي قاضياً يُعير بعض الاهتمام للقانون الدولي أو لأنظمة الدولة نفسها وقرارات محكمتها العليا. أصر نتنياهو على أن يختار بنفسه، وسمى إدموند ليفي القاضي السابق في "العليا الإسرائيلية". فمن هو إدموند ليفي هذا، وما هي الرمزية السوداء، بالمعايير الإسرائيلية، في اختياره؟! * * * كان إدموند ليفي، العراقي المولد، قاضياً متطرفاً متعاطفاً مع يغال عمير قاتل رابين. وعلى الرغم من صعوبة المجاهرة من جانبه بتأييد القتل؛ إلا أنه لم يتحرج ولم يخجل، من محاولات تكريس مفهوم أن الجريمة هي جناية عادية لا أبعاد لها، وأن القتيل شخص كاي مواطن، وتنظر المحكمة في قضية جنائية، وصرح بأن هناك من يُثني على هذه الجريمة، مثلما إن هناك من "ينتقدها"! اختيار إدموند ليفي الليكودي منذ نعومة أظفاره، جاء إذاً، في سياق ممتد، للانقلاب الكامل والتفصيلي، على العملية السلمية، وهو الانقلاب الذي بدأ، عندما نفذت الأوساط المتطرفة التي ينتمي اليها نتنياهو، عملية اغتيال رابين. ولعل هذا هو ما دعا ميخائيل سافارد، المستشار القانوني لمنظمة "يش دين" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، الى القول بأن لجنة ليفي "تشكلت بالخطيئة، من أجل شرعنة جريمة، ونفذت المهمة التي ألقيت على عاتقها بكاملها، والتقرير ليس قانونياً وإنما أيديولوجي، يتجاهل مبادىء أساسية لسلطة القانون". وقد أضاف سافارد ـ حسب "جيروزاليم بوست" ـ إن أعضاء لجنة ليفي "معزولون عن الواقع، لأن تقريرهم يقول أن ليس هناك احتلال، ولا توجد بؤر استيطانية عشوائية، وعلى ما يبدو لا يوجد شعب فلسطيني أيضاً"! موضع الغباء، وهو موضع المفارقة أيضاً، أن خبيراً إسرائيلياً في القانون الدولي، نظر الى التقرير من وجهة أخرى فقال:"إذا لم تكن إسرائيل دولة محتلة، فإن عليها أن تعيد فوراً الأراضي الخاصة التي صادرتها طوال السنين لاحتياجات الجيش" وأردف الخبير قائلاً:"أنا لا أفهم، كيف يدعي أحد، أن إسرائيل ليست محتلة في المناطق، بعد أن ظلت الدولة في المحكمة العليا، تزعم طوال أكثر من أربعين عاماً، كلما ووجهت بالتماس ضد مصادرة أراض، أنها دولة عظمى محتلة تمارس صلاحياتها في منطقة خاضعة للاحتلال؟!" إن تقرير لجنة ليفي، جريمة تنبثق عن ايديولوجيا التطرف ونكران وجود الشعب الفلسطيني وقضيته، وهي تبدل قواعد اللعبة تماماً، حتى على صعيد التنظير والممارسة القانونية الإسرائيلية. يهجم الاستيطان ويتوغل، مسلحاً بأيديولوجيته الظلامية، ويتضاءل العالم والقانون وتختفي السياسة وتحل الوقاحة، ويتجدد تأبيد الصراع جيلاً بعد جيل! www.adlisadek.net adlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|