عدلي صادق: عدلي صادق : الجُموع و( الجماعة ) في انتخابات الرئاسة بتاريخ الأحد 17 يونيو 2012
الموضوع: قضايا وآراء
|
 الجُموع و"الجماعة" في انتخابات الرئاسة عدلي صادق
لن يحتاج المتواجدون في القاهرة الآن،
الجُموع و"الجماعة" في انتخابات الرئاسة عدلي صادق لن يحتاج المتواجدون في القاهرة الآن، وأنا واحد منهم، الى التقصي لكي يتأكد بأن الارتياح العام ساد الشارع المصري لقرار المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب. من ينكر ذلك يعاند ويكابر. أمس مساءً، على سبيل المثال، ذهبتُ الى مجمع لمحال الحاسوب، بيعاً وصيانة، في "حلمية الزيتون" لإصلاح عطل في جهازي المحمول. بدت المحال وقد غلب عليها المناخ الإسلامي، إذ يندر أن تجد محلاً لا يُدير تسجيلاً للقرآن الكريم، والشبان العاملون معظمهم ملتحون، والمكان يكتظ بالشبان والفتيات. هنا، يتوقع المرء، للوهلة الأولى، أن يستمع الى أحاديث النقمة والرفض لقرار المحكمة الدستورية، وإن سمع ارتياحاً فإنه سيكون صوتاً نشازاً. لكن العكس تماماً هو ما فوجئت به، حتى بعد أن استقر انطباعي على أن الشارع قد رحب بقرار الحل! كأن الناس هنا، غادرت الأيديولوجيا، وتعلقت بأسباب الحياة ومقومات الاستقرار والرزق والأمن. تشبعت من الخطابة، وبالغت في نقدها لجماعة "الإخوان المسلمين". قلت لصاحبي، ونحن نغادر المكان، إن من الأفضل للمرشح محمد مرسي أن يخسر، لأن "الجماعة" عندئذٍ ستفوز بمظلومية افتراضية يعز عليها تعويضها، بعد نحو عام ونصف العام من الأداء البرلماني والسياسي الحر. أما في حال فوز مرسي، فإن هذه "الجماعة" ستُمنى بسقوط شعبي مُريع وسريع وتام، لأن الجيل الشاب في مصر، يتمتع بحس نقدي عالٍ. ومصر ليست غزة، لكي يمتشق "الإخوان" فيها، شعار المقاومة والثأر فيستجيب جزء كبير من الشعب المتعطش لأية أمثولة في هذا السياق، ثم يستفيق على أمور أخرى. قبل أن نغادر مبنى الكومبيوتر، دخل الى المحل الذي كنا فيه، شاب ثلاثيني. قال إنه انتخب حزب "الحرية والعدالة" لكنه بعد أن راقب أداء البرلمان، بات يسخر من نفسه. فقد أحس أن "الجماعة" تعمل لنفسها لكي تضمن البقاء في الحكم. وعلّق الشاب على خطاب مرسي الناري، مساء يوم حل البرلمان عندما أعلن عن المُضي في السباق الانتخابي. قال إن الرجل، لم يفترض الخسارة مجرد افتراض، والمعادلة عنده، إما أن ينجح أو أن يكون هناك تزوير سيقابله بدفع حياته ثمناً لمقاومة هذا الواقع. هنا، أراد الشاب أن يقول، إن الشعب ليس له عنده حساب، وصَعُبَ عليه أن يقول، ولو لمجرد الظهور بمظهر ديموقراطي، إنه يقبل حكم الشعب الذي تفرزه الصناديق. ففي ذلك الخطاب أسقط مرسي نفسه، في نظر ناخب أعطى صوته في الانتخابات النيابية، لحزب "الحرية والعدالة"! قال معللاً موقفه الجديد:"عايزين يكوّشوا على كل شيء". أجبته أن هذا الحكم خطأ شائع، لأن طبائع الديموقراطية أن يستحوذ الفائزون على الرئاسة والبرلمان والحكومة، إذا توافرت لهم أغلبيه، وتجد هذا الوضع في كل الديموقراطيات. أجابني""بس دول مش حيسبوا.. حليزقوا في الكراسي"! * * * مجلس الشعب، في يومه الأخير، طبع منشوراً وزعته مجموعات من الشباب المشتغلين في سوق الانتخابات، على البيوت. وفي المنشور، تجد كشفاً على وجهي الورقة الملونة، بالقوانين التي أصدرها المجلس. كان الهدف من طباعة الكشف وتوزيعه، مواجهة التعليقات الساخرة عن ضآلة عمل المجلس وتدني مستويات النقاش والموضوعات. وتلك تعليقات بالغت في السخرية وانتقصت كثيراً من عمل المجلس، وركزت على الأحوال الشخصية، رضاعة وجماعاً وسماعاً للأغنيات. وزاد الطين بِلة، ما وقع فيه نواب من إسفاف وسباب، وما انزلق اليه معممون ملتحون محسوبون على التيار الديني، من سقطات مسلكية ومن كذب وتصريحات ابتعدت عن الهم المصري، لتذهب الى منطق الإمبراطوريات التي لا يملك المصريون مقوماتها على الأقل في أزمتهم الخانقة. كان الأجدر، قبل الحديث عن ولايات عربية إسلامية متحدة، أن يتركز الانتباه على محافظات مصرية متضامنة لتحقيق هدف النهوض والاستقرار ووقف الانهيار. * * *للمصريين في حياتهم سمات خاصة واستثنائية. كنت مع عبد العال الباقوري وعدد من الكتّاب، في مجلس عزاء الكاتب الشيوعي الثمانيني بهيج نصار. كنت أظن أن الراحل بهيج مسيحياً، لكن مجلس العزاء كان في قاعة مسجد، في شارع صبري أبو علم في وسط البلد. كان المشهد يبعث على التأمل. حيال الموت يصبح الشيوعيون مؤمنين، ويتدفق الدعاء. والشيخ المُقرىء البدين، عذب الصوت، لكنه بعد الانتهاء من تجويد كل آية، يسترسل همساً في حديث متصل مع شيخ آخر بجانبه. يأخذ نفَساً وجرعة من كلام، ثم يعود بأعلى صوته لكي يصدح بآي الذكر الحكيم. في عدد من الأمتار المربعة يتساكن الإيمان والنكران والعاطفة والثورة والأحرار و"الفلول". أحد المثقفين اليساريين قال لي: "أعمل إيه؟ حاعطي صوتي لشفيق"! محسوبكم استخف دم المقرىء الشيخ البدين وظله. في لحظة الاستراحة وقبل المغادرة، سألته لمن ستعطي صوتك يا سيدي الشيخ؟! بدا الرجل على الفور، مدركاً لمخاطر محُدقة بمهنته: "ودي عايزه كلام؟ لشفيق طبعاً، وإلا حيتقطع رزقي"! فهمت منه أن المنحى الأصولي عندما يحكم، سيمنع الشيخ من التلاوة في مجالس العزاء، مثلما يحدث في أقطار أخرى، على قاعدة أن القرآن الكريم للأحياء وليس للأموات. قال الشيخ نحن نقرأ للأحياء لكي يتعظوا، لأن الأموات لا يسمعون! خلاصة القول، إن للمصريين طقوسهم الجارية مجرى التاريخ، ولطباعهم جذورها، ولهم خصوصية، قد يحتملون مظالم الحكم باسم البَشر، عشرات السنين، ولا يحتملون المظالم باسم الدين عشرات الدقائق! www.adlisadek.netadlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|