إنه الثالث من ديسمبر من كل عام ، يطل علينا ليذكرنا بأن هناك أناس في هذه الحياة يثبتون كل يوم أن الارادة والتحدي هما أهم ادوات البقاء ، وانهم يسعون بكل جهد واصرار على تحقيق أهدافهم، ويقولون للعالم ان الإعاقة لا تحد من الإرادة بل يمكن أن تكون سبباً للنجاح والسعي في الحياة.
إنه يوم المعاق العالمي الذي كان بقرار من الامم المتحدة في الرابع من اكتوبر عام 1992 والذي اتى كنتاج لعمل مستمر دؤوب من قبل المؤسسات الحكومية والأهلية التي تُعنى بالأشخاص ذوي الاعاقة ، على طريق تسليط الأضواء و بقضايا هذه الفئة المهمشة من المجتمعات وتوضيح المشكلات والمعيقات التي تحيط بالأشخاص ذوي الإعاقة، و لزيادة الوعي لدى المجتمعات بحقوق الاشخاص هؤلاء ، وتمتعهم بحقوق الإنسان والمشاركة في المجتمع بصورة كاملة وعلى قدر من المساواة مع الآخرين، والعوائد التي يمكن جنيها من إدماج الاشخاص ذوي الاعاقة في كل جانب من جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي ستعود بالنفع الاكيد عليهم وعلى مجتمعاتهم .
ولقد اهتم الاسلام بالأشخاص ذوي الاعاقة وشملهم بتشريعاته حيث قال الله تعالي "وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " ( الإسراء :70) ، وأرسى الاسلام كل حقوق الانسان للأشخاص ذوي الاعاقة عندما عاتب الله عز وجل نبيه الحبيب في قوله تعالى "عَبَسَ وَتَوَلَّى ، أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى " (عبس : 1،2،3)، ودعا الله عز وجل المجتمع ان يتعامل مع كل مكونات المجتمع باحترام وتقدير في قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"( الحجرات )، وبهذه المناسبة نؤكد في جمعية بلسم للتأهيل المجتمعي أننا نولي اهتماماً خاصاً بالأشخاص ذوي الاعاقة إيماناً منا بدورهم وقدراتهم في بناء المجتمع الفلسطيني ونفهم أن إهتمام المجتمعات بحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة أحد المعايير الأساسية لقياس المستوى الحضاري للدولة، وذلك من خلال توفير كافة الخدمات التأهيلية والتدريبية والتعليمية لمختلف فئات الإعاقة لتتمكن من الإندماج في المجتمع.
وفي اطار ترجمة ذلك الاهتمام لم ندخر جهد في ان نقدم للأشخاص ذوي الاعاقة الخدمات التي تساعدهم على خوض غمار الحياة بشرف وسمو، استناداً الى مبادئ حقوق الانسان الواردة في ميثاق الامم المتحدة، وذلك في محاولة لبناء تجربة جديدة في إطار الاهتمام بالأشخاص ذوي الاعاقة والعمل على تمكينهم وإدماجهم في الفضاء الاجتماعي المحلي والعالمي من خلال تنمية قدراتهم من أجل تقديم إبداعاتهم في المهن والأعمال الإبداعية التي يمكنهم القيام بها من دون أن تقف الإعاقة حائلا أمامهم وعلى انهم مكون اساسي وحقيقي من مكونات المجتمع الفلسطيني .
وبهذه المناسبة ندعو الكل الفلسطيني ان يكون يوم المعاق هو بداية حقيقية لنشر ثقافة التقدير والدمج الحقيقي للأشخاص ذوي الاعاقة وان نوحد الجهود لكي نرقى بهذا المكون المهم من مجتمعنا الفلسطيني المطالب بحقوقه في الوطن والدولة.