بشار والعد العكسي للانهيار
بقلم : مصطفى منيغ
الصبر أقوى من الزمن ، وأشجع من المحن ، يتحدى في صمت نبيل ما يختزنه الشر في صدر إنسان مغمور بالغرور من قدميه الراكدتين فوق أحاسيس البشر إلى غير المهذب فيه كلسان . الصبر مبصر بالبصيرة فينحاز للتأني وبدل التمني متأكد أن الانتصار على اللاطبيعي بتحصيل حاصل يبني بخليط اسمنت في نقاء مقومات الأرض وإحضار العقل عند ابتكار الجودة بأنسب الأثمان ، كما تتصرف النفس المطهرة بالإيمان . الصبر مع الصابر يعقد اتفاقا مهما ظل في طي الكتمان مفعوله واضح يبدو للعيان ، إذ ثمة من اغتسل فكره بنباهة تشع بالمعلومة (سحر المعرفة) يتلقفها من تبع المسلك بحثا عن الحقيقة في هذا الزمان ، المشحون بالبشاعة والحرب المعلنة على القيم من مكان إلى أي مكان . الصبر تشريع جليل ، وكل متشبث به فهو جميل ، مضمون المفعول لمن ظُلِمَ عن غير حق الذي مهما طال الأمد واجد المنصفَ الحنون ، فما أكثر الشرفاء بيننا لكن"المتفرعنين" عنهم غافلون .
السوريون الأحرار ، المدافعون عن المجد والفضيلة وحمى العرض والديار ،الصابرون صبر رجاحة العقل وبعد نظر، الواهبون أرواحهم للشهادة ليخلدوا مجد سوريا عروس الشام عشيقة السلام تتباهي مع كل شروق أن نبض الشهامة لا زال ساريا في العروق "وبشار" سوى الاستثناء المشوه كمخلوق ، دنّس أرضها برهة ورحل وكل ما فيه وله ومعه محروق ، كالباطل أخر تعنته مزهوق ، هكذا مكتوب إذن في التاريخ غدا ،عن موقف بيد الجيش الحر مختوم وعن محكمة الشعب السوري الأبي خرج بالصواب والعدل منطوق ، لتردده الفجوات الشامية والروابي المزهرة بدموع الأرامل وعرق الرجال والنساء في زحفهم المبارك الميمون صوب النصر.. والفجوات المروية بدم الشهداء الأبرار الأطهار الأخيار ، ترنيمات تتصاعد في قدسية حامدة شاكرة رب العباد الأحد الأحد الحي القيوم ذو الجلال والإكرام سبحانه وتعالى ، تُذَكِّر بخصال السوريين الثائرين أن الجذور الشامية عسير استئصالها مهما طغى من طغى وتسرب ليفعل ذلك عميل إيران ، بشار الذل والهوان .
فهنيئا للشعب السوري البطل عن صبره ، وعن الحالة المزرية التي يتواجد فيها نظام بشار وزمرتة المطوقة بالعار، المشرف على الانهيار من حيث لا يحتسب ، إذ روسيا أعياها التستر على المنكر ، وقريبا لنداء المصالح ستختار ، وبالمؤكد أن بشار يفكر في الفرار ، ونجزم أن حتى هذه العملية لن يتمكن منها ، إذ بقاؤه للمحاكمة اتخذ فيها الشعب السوري الحر أحق قرار.
عناد ليس إلا، وبهتان خارج عن الملّة، وتيهان ممسوخ يزيد لعنة بشار علة التشبث فيما تبقى له من أيام هي على قلبه مثقلة مملة. فلا روسيا دائمة له ولا إيران مخلصة لحمايته وقد جد الجد واتضح لها ما اتضح بالحجج والأدلة ، أن ديكور العظمة والافتراء بلا حشمة ،جناحي غراب ، من تحليقه في علياء منتشر بين ضبابها الغضب ، إلى سقوطه المشهود (حاصل لا محالة)ليتمرغ في التراب ، وقد هجرته الأسراب، مَن ْكانت على شاكلته قبل اكتشافها أن قضية بشار وزمرته سراب في سراب .
العيب ليس فيمن لا زال يطبل ويزمر كأن المشاهدين لقنواتهم الإخبارية من السذاجة حتى يسايروا خزعبلاتهم الإعلانية المدفوعة الأجر الباعثة على الضحك في وقت عز فيه ذاك الشعور ، وإنما العيب في الفقر الذي استوطن ضمائر "قلة" حاولت و تطاولت على تشويه أحقية السوريين في العيش أحرارا كما كانوا قبل استلاء منجم العمالة والخيانة نظام الأسدين ألبعثي العبثي ، الذي انحاز لتقليد الشيوعية فلزمه الاختفاء(تحقيقا لأهدافه الذاتية المحصورة في تمتيع الأسرة الصغيرة بمزايا البذخ والثراء ، كأن سورية ضيعة خاصة بهم تتوزع على جيوبهم الغائرة وتلج بطونهم المضطربة بما لذ وطاب بتطبيق قوانين الغاب) وراء "الاشتراكية" مظهرا و"اللبرالية" المتوحشة جوهرا، فيظهر لمرحلة أنه نظام على مقاس خاص متفرد في العالم يعيد سمة العبيد بشكل لا يشمله تعريف أو تحديد ، المهم عليهم قائد ، إن أطاعوه أكلوا ورقصوا ، وإن أبوا جاعوا ولأجساد بلا روح تقمصوا ورويدا في العدد تقلصوا ، ليبقى النظام السيد بلا منازع، ومن أشار بالاحتجاج ولو داخل كوخه فقد أقر على وجوده أنه ضائع .
روسيا بعد زيارة "بوتين" لأنقرة ، بات واضحا لها أن "بشار" مجرد بقرة ، لا تساوي "لتسمينها"استراتيجيا كل تلك المواقف المهدرة ، أكان "الفيتو" في اجتماعات مجلس الأمن المتكررة إحداها ، أو انسياقها لعمامة " المقدس سره" كما يحلو لحسن نصر الله تسمية سيد "قم"، دامت أمعاؤه بالحسرة على انتصار أحرار سورية عامرة ، لتحظى روسيا كالعادة بما يحظي به المنشار المتحرك داخل أضيق دائرة ، الخشب فيها خشيبات تُسْتَبْدَلُ بأقصى أحجام المنافع المُسْتَثْمَرَة ، تاركة إيران مع بيضها الفاسد في احتجاجها نكرة مستنكرة لفشلها البين ناكرة ، وتهنأ روسيا بنصيبها في الدجاجة المحمرة ، تحتسي كؤوس " الفوتكا" كأنها خارجة من سهرة ، نجمها "بشار" في رقصة العار يرتجف ارتجاف فأر سها عن جحر يلجأ إليه ساعة فرار ، فتيقن آخر المطاف أن حماقاته جرته لهذه النهاية الخطيرة ، التي كانت لكل دكتاتور قاتل لشعبه منتظرة .
النظام إلى زوال ، مذ هذا الزوال ، وما تلاه من قليل توقيت منتهي وهذا الخطب الرهيب قد تبدد وزال ، فيصبح "بشار" في خبر كان رئيسا لدولة بدل الحَكَامَةِ الرشيدة في عرف النماء والحداثة لنيل سوريا التقدم غرق في يم من دم حينما لذبح شعبه زاول . أكد ذلك من في الصفوف الأمامية يناضل على امتداد شهور المجد ولا زال ، ليس بقرار سياسي اتخِذ بل بإرادة نساء ورجال في سوريا الأبطال ، وقسمهم المقدس على الاستمرار فيما هم فيه إلى لحظة الإعلان الحتمي أن"بشار" (مذموما مسحوقا مهزوما مكسورا ذليلا منحطا بوجه مُسْوَد ، مقيد اليد ، شبيهة حالته بالمساق ليتوارى – حيا - تحت لحد ، لمجرم مثله أُعِدّ ، بقاع تسكنه الأفاعي وجوانب واصلة لها ما يذيب بتؤدة الجسد ، حتى يرحم من في الثرى من أحياء - ولو مجهرية - من عفونة سفاح شعبه) وقد رحل .
... بالتأكيد ، وباختصار شديد ، نِعْمَ الرأي السديد ، القاضي بتجنب التدخل الأجنبي وإبقائه في الأبعد البعيد . هذا ما جعل و يجعل أحرار سوريا يومه أسياد كل سيد ، ولن يتحولوا غدا (تحت أي ظرف أو ضغط مساعدة خارجية مهما كان حجمها أو وجهتها) لمجرد عبيد.
…الدخان في قلب دمشق تصاعد ، والزحف المبارك لقصر المُطاح به "بشار" امتد ، والإصرار على سحق النظام الجائر احتد، والمنشقون عن الدرع "إياه" اتسعَ بتعدادهم العد ، كل ذلك تحقق وعلى الذات السورية بعد الله الاعتماد، لذا كانت الثورة السورية في القمة محتفي بها المجد بحضور الأجداد: العزة والكرامة والشهامة والإقدام والسؤدد ، والأحفاد:المستقبل وراحة البال والإجابة بحرية في التعبير عن أي سؤال .
... انطوى الكثير ولم يبقى للنصر سوى هدم ذاك السد ، المختبئ خلف تحصيناته الآخذة بين جزر ومد ، مصير لا يتصور هول مصائبه أحد ، ممن تخندق مع الطرف الخاسر ماسكا السراب وواقع انبطاحه قهرا منه الأقرب ، فحينما تُدَقّ ساعة الفرج لا وجهة أمام الفارين وقتها إلا وجهة الاستسلام لمحكمة الشعب لتصدر في حقهم ما يناسب الأرواح التي زهقت بين الطرقات، وما يعادل دماء الشهداء التي أُرْهِقَت عبر الساحات دون ذنب له اقترفت .
... صيحة جماعية مرتقبة وشيكة الوقوع لا محالة يقتلع بها الشعب السوري العظيم جذور فساد أسود عمر أزيد من عقود أربعة غير عابئ بحقوق الإنسان ولا مكثر بمقولة للصبر حدود، ولا مقدما الحساب ، كأن سوريا ضيعة كل ما فيها خرفان وشياه لا شغل يغنيهم عن خدمة "بشار" والويل لمن زاغ فيهم عن المحدد له أو تكبر ، معرض حتما للكي بالنار إن رغب في إثبات إنسانيته ليصبح من الأحرار في شام الأبرار .
الآن انقلبت الآية أصبح "بشار" أمام أصعب اختيار ، الفرار أو الانتحار (يتبع)
مصطفى منيغ
مدير نشر ورئيس تحرير جريدة الأمل المغربية
عضو المكتب السياسي لحزب الأمل