مناورات “اللكمة القاضية” تكشف استراتيجية الهجوم الجديدة للاحتلال
بقلم: د. هاني العقاد
في ظل حالة شبة إجماع للمحللين السياسيين والعسكريين والمراقبين والتقدير بأن دولة الاحتلال قد تقدم على توجيه ضربة استباقية ما لأي من الجبهات الساخنة التي تشكل تحديات تقلق المنظومات الأمنية والعسكرية في إسرائيل معاً, تلقت دولة الاحتلال لكمة موجعة على الحدود مع مصر, الجبهة الباردة والتي لم يكن يتوقع احد ان تسخن يوما من الأيام ما اكد حالة التشكيك العامة في قدرة جيش الاحتلال على القتال على أكثر من جبهة في آن واحد صحيحة، الواضح أن دولة الاحتلال لم تكن تحسب حساب لمثل هذا الحدث الذي ينذر بإمكانية تفجر جبهة جديدة في حالة تفجرت مواجهة شاملة, لذا فإن دولة الاحتلال باتت تتخذ كافة التدابير اللازمة لتفادي انفجار المشهد بشكل كبير وخروجه عن السيطرة والوصول لحرب شاملة على أكثر من جبهة دون أن تكون مستعدة لذلك, كل حدث في وقت كانت أنظار الجميع تذهب للحدث الكبير الذي أعقب جولة من التصريحات الساخنة للقادة العسكريين والسياسيين بقرب ضربة استباقية ما لأحد الجبهات أو جبهتين وهو المناورات الكبيرة التي يجريها جيش الاحتلال تحت مسمي “اللكمة القاضية” وانشغال العديد من المراقبين بقراءة أهدافها غير المعلنة.
هذا الحدث من شأنه أن يدفع دولة الاحتلال تحديث أهداف المناورات الحالية لرفع جهوزية الجيش وتشكيلاته الجوية والبرية والبحرية على كافة الجبهات حتى جبهة الحدود مع مصر، ووضع جميع الأجهزة الاستخبارية والسيبرانية في حالة نشطة للمعلومات الاستخبارية التي يتم البناء عليها لتحديث بنوك الأهداف ومواجهة اي متغيرات قد تطرأ على أي جبهة من الجبهات.
لم يطلق الاحتلال على المناورات اسم “الضربة القاضية” لأنه يدرك انه لا يستطع توجيه ضربة قاضية لأي من تلك الجبهات ولا حتى القضاء على إمكانية وحدتها بضربة واحدة، وهنا نستطع أن نستخلص معلومة مهمة ان الاحتلال يتدرب على “استراتيجية اللكمات” القوية الموجهة لفصائل المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية على السواء أو حتى إيران كاستراتيجية للقضاء على الرؤوس التي تشكل تهديد ما له والتي تدعم وتحرض على مقاومه على أي جبهة كانت. تعتبر هذه الاستراتيجية من استراتيجيات الهجوم الجديدة للاحتلال بالتركيز على “ضرب على الرؤوس” من خلال سياسة الاغتيالات وتصفية الحسابات مع رجال المقاومة الفلسطينية من الصف الأول، لم يتخلى الاحتلال عن هذه السياسة يوما من الأيام خلال مواجهته المقاومة الفلسطينية بكافة أشكالها ومراحلها منذ انطلاق الثورة مروراُ بالانتفاضة الأولى والثانية أو الحالية التي توسعت فيها دائرة الاشتباك مع قواته ما أرق المحتل وجعل حالة الهدوء المطلوبة مستحيلة دون أثمان كبيرة وفي زات الوقت خلق تحديات أكبر أدت إلى تضرر ملموس في منظومة الردع التي يتباهى بها الاحتلال.
تقديرات قادة الاحتلال وخبراءه الأمنيين والعسكريين والاستراتيجيين أن هذه الاستراتيجية من شأنها أن تفجر مواجهة كل مرة تطال فيها قوات الاحتلال رؤوس المقاومة فما باكم في إقدام الاحتلال على اغتيال عدد من قيادات المقاومة على أكثر من جبهة حسب ما نفترض، فإن عمل كهذا من شانه أن يؤدي لجولة قتال أوسع من الجولات القصيرة التي يخوضها الاحتلال مع غزة لوحدها او مع فصيل ما من فصائل المقاومة الفلسطينية بغزة كالتي حدثت مؤخراً بين دولة الاحتلال والجهاد الإسلامي بعد اغتيال ثلاث قادة من سرايا القدس مع عائلاتهم.
إن توقيت هذه المناورة يأتي بالتزامن مع حالة عدم رضا على السياسة الداخلية او الخارجية للائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو، وتأتي في وقت توجه فيه العديد من الاتهامات لهذه الحكومة بالإخفاق في ترمم منظومة الردع لقوات الجيش والفشل في استعادة الهدوء الطويل على جبهتي غزة والضفة بالتزامن، وفي وقت أجرى فيه حزب الله اللبناني مناورة عسكرية بالذخيرة الحية بالقرب من الحدود الشمالية للاحتلال شاركت فيها لأول مرة النخبة من القوات الخاصة ” قوات الرضوان”.