الرئيسية / تحقيقات و حوارات / الأسير المحرر عدنان وشاح -العزل الانفرادي يمتد لسنوات

الأسير المحرر عدنان وشاح -العزل الانفرادي يمتد لسنوات

received_147271917995169

الأسير المحرر

عدنان وشاح 

-العزل الانفرادي يمتد لسنوات..

-حرمان الأسرى في السجون من أبسط شروط الحياة الإنسانية.. 

-تحقيق مطالب الأسرى من قِبل الاحتلال الإسرائيلي ثمنه شهداء أسرى..

حاوره 

سليم النجار 

ما أقسى أن ترى الحياة من زاوية واحدة، ولأن الأمر كذلك، فإن حياة عدنان وشاح من أريحا-عين السلطان تحولت إلى لوحة أشبه بالرسوم المسطّحة، الخالية من البعد الثالث، رجل له وجه واحد في زمن تعددت فيه الوجوه. 

عدنان وشاح من مواليد ٥/ ١١ / ١٩٥٠ ، التحق بالثورة الفلسطينية في ١/ ١ / ١٩٦٨، وبتاريخ ٢٣/ ٢ / ١٩٧٢ وقع في الأسر إثر اشتباك مسلح على مشارف نابلس، حكم عليه بالسجن المؤبد ثلاث مرات، تحرر من سجون الاحتلال بتاريخ ٢٠/ ٥ / ١٩٨٥ في عملية تبادل الأسرى، عاد إلى فلسطين بعد اتفاق اوسلو. 

ما هو العزل الانفرادي؟ 

العزل الانفرادي هو قيام إدارة السجن أو مصلحة السجون الإسرائيلية بعزل سجين أو أكثر، من مكان وجوده في أحد السجون إلى سجن آخر، ووضعه منفردًا في زنزانة انفرادية بحيث لا يستطيع الاتصال أو التواصل مع بقية الأسرى.

والعزل الانفرادي يمكن تقسميه إلى نوعين: 

1- عزل انفرادي محدد بمدة زمنية من قِبَل إدارة السجون، وهذا النوع من العزل يتم بالعادة في زنزانة منفردة في السجن، ويأتي حسب رأي أو حكم أو نتيجة ما يراه مدير السجن حول مخالفة أحد السجناء لأنظمة السجن أو الاشتباك مع أحد السجانين، وتترواح مدة العزل بين أسبوع إلى أسبوعين، وأحيانا أكثر، وفي هذه الفترة يُحرم المعزول من كل حقوقه أُسْوة بزملائه الأخرين. 

2- عزل غير محدد المدة، قد يطول لسنوات، وهذا النوع من العزل تلجأ إليه مصلحة السجون لإبعاد سجين أو أكثر من مكان اعتقاله إلى معتقل آخر تحت ذريعة تأثيره وتحريضه لبقية المعتقلين على التمرد والعصيان، ويتم وضعه في الغالب في سجن خاص بجنائية اليهود، مع فقدان كامل حقوقه بحيث يفقد قدرته على التواصل مع زملائه. 

ولكن كل أنواع العزل لم تجدي نفعًا، فقد كان المعزولون يصرون على نضالهم. 

كيف تصف معاناة الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي؟ 

لم تتوقف عمليات القمع والتنكيل بالأسرى منذ احتلال الضفة الغربية وغزة عام ١٩٧٦، وذلك عندما بدأت طلائع العمل المقاوم في مقاومة الاحتلال، الأمر الذي كان يؤدي إلى وقوع بعض المقاومين في الأسر،  وفي محاولة من العدو لردع العمل المقاوم مارس أبشع وسائل القمع في السجون، حيث حُرم الأسرى في السجون من أبسط شروط الحياة الإنسانية، هذا عدا ممارسة العنف ضد من يفكر بتخطي القوانين الجائرة التي أقرّها العدو في سجونه.

هذه الظروف بقيت قائمة في السجون حتى بداية السبعينات، ثم بدأ الأسرى بالتمرد على تلك القوانين بعد أن تمكّنوا من تنظيم صفوفهم، حيث خاضوا أول إضراب عن الطعام، الأمر الذي أدّى إلى سقوط الشهيد عبد القادر أبو الفحم وإصابة البعض بإصابات خطيرة بشكل متعمد،  تتابعت بعد ذلك المعارك النضالية للأسرى في شتّى السجون التي أصبحت على مساحة الوطن. 

كان الأسرى يحققون بعض المطالب المتعلقة بتحسين شروط حياتهم، ولكن العدو كان دومًا يخطط لضرب الحركة الأسيرة التي أصبحت العامل الملهم للشعب الفلسطيني لمواصلة مواجهته للاحتلال، وبالمناسبة، كان سجن نفحة أسوأ نموذج للانقضاض على منجزات الأسرى التي تحققت بتضحياتهم على مر السنين، ففي عام ١٩٨٠ افتتحت مديرية السجون الإسرائيلية سجن نفحة، ونقلت إليه ٧٦ سجينًا من كافة السجون، والذين اعتقدت مديرية السجون أنهم الأكثر تاثيرًا وتحريضًا وقيادةً للحركة الأسيرة.

فالسجن في عمق صحراء النقب، تم إعداده للقتل بعيدًا عن الأعين، إذ فُرضت فيه أبشع الظروف وأسوأ شروط الحياة، فكان الهدف من ذلك إنهاء الدور النضالي للحركة الأسيرة وتأثيرها في الشارع الفلسطيني، معتقدين أنهم سيتمكّنون من إخضاع هذه النخبة من الأسرى للقوانين الجديدة الجائرة، وبالتالي، إذا نجحت تجربتهم سينقلوها فيما بعد إلى كل سجون الإحتلال، على أن رد فعل الأسرى على تلك المخططات جاءت مفاجِئة لإدارة السجون، ففي تاريخ ١٤/ ٧ / ١٩٨٠ ، أعلن الأسرى في هذا السجن الإضراب المفتوح عن الطعام واضعين قائمة طويلة من المطالب، فتحطّم كل ما خططت إليه إدارة السجون والحكومة الإسرائيلية.

استمر الإضراب ٣٣ يومًا، ومورست خلاله أبشع أساليب التعذيب للمضربين، مما أدى إلى سقوط ثلاثة شهداء وإصابة العديد بإصابات بالغة أبقتهم في المستشفيات فترات طويلة، هذا الإضراب، ومع سقوط الشهداء، أدى إلى انتفاضة عارمة داخل السجون الأخرى والتي هبّت للتضامن مع أسرى نفحة، وكذلك التضامن الشعبي الذي عمّ كل محافظات الوطن، وساهمت الصحافة المحلية والدولية في فضح ما يجري في سجن نفحة، وعلى إثر ذلك، وأمام الضغط العالمي والعربي والمحلي، اضطرت إدارة السجون لفتح المعتقلات أمام الصحافة للاطّلاع على الواقع. 

أخبِرنا كيف كان التحقيق معك؟

التحقيق إجمالًا يهدف لانتزاع اعترافات ومعلومات عن أناس آخرين قدّموا أي مساعدة للمعتقل، وعن أعمال قام بها الأسير، والتحقيق لا يتم بوسلية واحدة مع جميع من يتم اعتقالهم، فالتحقيق معي جرى في معسكر صرفند، وهو قاعدة عسكرية للجيش، والمحققين هم ضباط من الجيش، ونحن كدوريّة عسكرية تم أسرنا على إثر اشتباك مسلّح كما أسلفت سابقًا، وهذا ثابت لا يمكن إنكاره، لذلك تركّزت أسئلة المحققين عن المعلومات الخارجية، مثل أماكن التدريب والقواعد ونقطة عبور الحدود والاسلحة التي تدربنا عليها وهكذا، وبعض الأسئلة عما إذا كنا نعرف أحد المواطنين في الداخل الفلسطيني. 

وفي فترة التحقيق، وُضع كل فرد من أفراد المجموعة  في زنزانة منفردة دون أن يعلم أي منّا شيئًا عن الآخر. 

أما أساليب التحقيق، فهي تعتمد على المحقق وتقييمه للمعتقل الجالس أمامه، فإذا شعر أنه أمام إنسان عقائدي مثقف مؤمن بما قام به، يبتعد عن أسلوب العنف الجسدي ويلجأ لأساليب أخرى لا تقل سوءًا عن التعذيب الجسدي، إن لم تكن أسوأ، كالحرمان من النوم، يُستخدم هذا الأسلوب لإرهاقه وتشويش أفكاره ومنعه من التركيز، وترافق هذه الأساليب بعض الإهانات اللفظية كالسب والشتم، بالإضافة إلى التجويع، كما يتم وضعه في زنزانة مزرية لا تصلح حتى للحيوانات، وهناك الكثير من التفاصيل التي حصلت معي أثناء التحقيق لا يسع المجال للحديث عنها، واستمر التحقيق معي شهرًا كاملًا.

 

حدّثنا عن التعليم في السجون 

بدأ العمل على هذا الموضوع مع انتصار الأسرى في إضرابهم، حيث تم في حينه التواصل مع بعض الجامعات في الضفة الغربية والتي وافقت على الدراسة فيها من خلال المراسلة، حتى أن بعض الجامعات تلقّت طلبات الأسرى وأرسلت لهم مقررات امتحان القبول، وتزامن هذا مع إنشاء الاحتلال الإسرائيلي ما يسمى بالإدارة المدنية، والتي كان للأسرى موقفًا صارمًا منها ورفضًا قاطعًا للتعامل معها، على اعتبار أن التعامل معها بمثابة اعتراف بالاحتلال، وتدخّل الحكم العسكري مطالبًا من يرغب في الدراسة الجامعية بأن يتقدم بطلبه للإدارة المدنية، الأمر الذي رُفض في حينه من الجميع فتوقف العمل على ذلك الموضوع، وفيما بعد، إنّ الأخوة وجدوا حلًا لهذه المعضلة، وهم اليوم يواصلون لأجل من يرغب بإكمال دراسته الجامعية داخل المعتقل، أما بخصوص الثانوية العامة، فقد كان مسموح بها منذ السبعينيات من القرن الماضي. وأمام هذا الصمود الأسطوري للأسرى، رغم الجراح، ورغم الشهداء الذين يسقطون أثناء الإضرابات، لم يكن أمام الحكومة الإسرائيلية ومصلحة سجونها سوى التسليم والموافقة على مطالب الأسرى، التي حطمت مخططات العدو. 

ماذا تعلّمت من تجربة السجن؟ 

أن سياسة العدو في افتتاح السجون لاحتجاز من يفكر مقاومة هذا الاحتلال، اعتمدت على أن تكون السجون بديلًا عن أعواد المشانق، غير أن السجون التي أرادوها حكمًا بالإعدام، وقتلًا بطيئاً للمناضلين، تحوّلت إلى مدارس وجامعات تخرج المناضل أكثر صلابة في مقاومة الاحتلال، ومن خلال قيام المعتقلين بإنشاء أنظمة خاصة تحكم علاقاتهم، حتى يكون بمقدورهم التغلب على ظروف اعتقالهم القاسية، وقد تعلمنا داخل السجن النظام والالتزام، كما تعلمنا كيف نصبر ونقاوم سياسة القهر الذي يتّبعها العدو معنا. 

تعلمنا أن الوقت قاتل محترف إن لم لم تقتله قتلك، فقتلناه بالتعليم والدراسة والقراءة والحوارات الثقافية والندوات. 

تعلمنا أن الإنسان مهما قست عليه الظروف، فإنه يستطيع التغلب عليها بخلق ظروف ذاتية تساعده على التكيّف مع حياته الجديدة بإيجاد وسائل تعزز صموده.

تعلمنا أن يكون هناك أملًا بأن الحرية قادمة مهما طال الزمن. 

هناك مقولة لوزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشى ديان: “لقد أوجدنا سجونًا قلتلهم …. فحوّلوها إلى مدارس وجامعات تخرّج مخربين أكثر عقائدية وقدرة على التأثير في أوساط شعبهم”.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

received_421978380379975

يوم الارض اهم مراحل النضال للشعب الفلسطيني ضد المشروع الصهيوني

الأسير رائد عبد الجليل ٠٠٠ شكل يوم الارض اهم مراحل النضال للشعب الفلسطيني ضد المشروع …