بسام صالح
الرئيسية / الآراء والمقالات / بسام صالح يكتب : معركة الكرامة الدائمة

بسام صالح يكتب : معركة الكرامة الدائمة

بسام صالح

معركة الكرامة الدائمة 

بقلم: بسام صالح

لم يكن الربيع الفلسطيني، في عام 1968، ربيعا عاديا كان الربيع الاول بعد نكسة/ هزيمة حزيران عام 1967، وكانت الخلايا الاولى لقوات الثورة الفلسطينية في بداياتها، تعمل بسرية وتنشىء قواعدها العسكرية على حدود فلسطين المحتلة، وعملياتها المسلحة ضد الاحتلال، رغم محدوديتها، الا انها كانت مقلقة وموجعة لانها شكلت عمليا ممارسة الشعب الواقع تحت الاحتلال لحقة في المقاومة وبكافة الاشكال الممكنة. المتغطرس موشيه ديان، وزير دفاع العدو الاسرائيلي، المصاب بنشوة انتصار حزيران، اراد تثبيت انتصاره ايضا على الشعب الفلسطيني ومقاومته الناشئة وقواعد ارتكازها في الاردن، بشن هجوما على قرية الكرامة الاردنية على الحدود مع فلسطين المحتلة، مقتنعا على حد تعبيره بان “الثورة الفلسطينية بيضة في يده يستطيع تدميرها وقتما شاء” اخطأ موشيه ديان حساباته وفشل فشلا ذريعا، امام قلة من المقاتلين باسلحة خفيفة وما ملكت اياديهم، مؤمنين بحقهم وبقضيتهم وقفوا له بالمرصاد وبتعاون مشترك مع الجيش العربي الاردني بقيادة اللواء الشهيد مشهور حديثة ، لقنوا جيش العدو الاسرائيلي “الذي لايقهر” ووزير دفاعه درسا بمعاني الاستبسال والاستشهاد دفاعا عن الوطن، فقهروه وارغموه على الانسحاب والتقهقر محملا بقتلاه وجرحاه والياته العسكرية المدمرة وامام وسائل الاعلام العالمية التي دعاها لمتابعة ما يقوم به “الجيش الذي لا يقهر”.

معركة الكرامة قبل 55 عاما اعادت الكرامة لامة مهزومة عسكريا ونفسيا ، واثبت قدرة الشعب على مواجهة قوات الاحتلال والانتصار ايضا، فكانت الانطلاقة الثانية لحركة فتح التي اخذت على عاتقها مسؤولية ترتيب الصف الفلسطيني وقيادة العمل الوطني الجماعي في اطر منظمة التحرير الفلسطينية ولاحقا انتزاع وحدانية تمثيل المنظمة للشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده. 

واليوم مازالت معركة الكرامة والدفاع عن الكرامة والمشروع التحرري الوطني تمنحنا صفحات جديدة من نضال شعبنا في القدس ونابلس وجنين وحوارة وطولكرم والخليل وكل مدن وقرى ومخيمات الضفة وهي تخوض معارك الدفاع عن النفس وحقنا في ارضنا، امام استمرار اعتداءات واقتحامات جيش الاحتلال وقطعان المستعمرين التي تقودها حكومة الاستيطان الاكثر فاشية وعنصرية في تاريخ هذا الكيان العنصري. ويسطر الابطال من شباب فلسطين اروع ملاحم الصمود والمواجهة مع الاحتلال، وتقدم كتائب شهداء الاقصى/ حركة فتح والاجهزة الامنية وحركة الجهاد الاسلامي خيرة شبابها دفاعا عن اهلنا في مدن وقرى ومخيمات اللاجئين. وفي ظل حملة مسعورة ضد القيادة الوطنية الفلسطينية والمشروع التحرري الوطني، ازداد نعاق الغربان من اصحاب الاجندات الخارجية من الفنادق الفاخرة في الدوحة وغيرها، اتهاما و قدحا وتكفيرا وتخوينا في القيادة الوطنية للشعب الفلسطيني، متناغمة مع الحملة الصهيونية ضد شعبنا، وهي بعيدة كل البعد عن اي شكل من اشكال المقاومة في الضفة الغربية او القدس وتمنع اي حراك لابناء شعبنا في غزة التي اصبحت رهينة في ايدي جلاديها والبقرة الحلوب لاستلام حقائب الدولارات القطرية لتملاء حسابات قيادات حماس، بينما اهلنا في غزة لا يجدون ما يسد احتياجاتهم الاساسية. 

معركة الكرامة كرست وحدة المقاتلين على ارض المعركة وحققت انتصارا عسكريا وجماهيريا، بينما وحدة الشباب الميدانية في الدفاع عن كرامة وحياة اهلنا من اقتحامات جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين، لم تحقق انتصارا ولكنها الهبت حالة وطنية مميزة ضمن الظروف الموضوعية يجب العمل على تعزيزها وتقويتها ضمن برنامج وطني جامع، يضع حدا لمن يدعون امتلاكهم لوحدهم حق المقاومة والاستغلال السخيف لدماء الشهداء لمصالح حزبية ضيقة تلتقي في النهاية مع مخططات اعداء المشروع التحرري الوطني الفلسطيني. 

معركة الكرامة في ذكراها الخامسة والخمسون، كانت معركة الدفاع عن النفس، ومازالت مستمرة رغم انقلاب موازين القوى المحلية والاقليمية والدولية، ولعل ما نشهده اليوم من بداية بروز اولية لنظام عالمي جديد متعدد الاطراف، تلعب فيه روسيا و الصين ومجموعة دول البريكس دورا مركزيا يضع حدا ونهاية لهيمنة القطب الواحد الذي مثلته الامبريالية الامريكية، وهذه بعض المؤشرات على ذلك، التقارب الروسي الصيني، الوساطة الصينية بين المملكة العربية السعودية وايران وما سيكون له من انعكاسات على مجمل الصراعات الدائرة اقليميا ودوليا، بينما الولايات المتحدة ماضية في اغراق نفسها و الاتحاد الاوروبي في حرب اوكرانيا حتى اخر جندي اوكراني واخر يورو اوروبي. هذه المستجدات في السياسة الدولية هي عامل مساعد لصمود المقاومة الشعبية الفلسطينية وبكافة الوسائل المتاحة و المشروعة لشعب يرفض ويقاوم الاحتلال الصهيوني منذ اكثر من مائة عام، من اجل حريته وانهاء الاحتلال وعودة اللاجئين وحقه في تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها الابدية القدس.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : 200 يوم من العدوان : حرب الإبادة الإسرائيلية تتواصل

200 يوم من العدوان : حرب الإبادة الإسرائيلية تتواصل بقلم  :  سري  القدوة الخميس 25 …