الرئيسية / الآراء والمقالات / القائد المؤسس فاروق القدومي يكتب : معركة الكرامة

القائد المؤسس فاروق القدومي يكتب : معركة الكرامة

فاروق القدومي

معركة الكرامة
– بقلم : الأخ القائد المؤسس فاروق القدومي _ ابو اللطف

قال ابو اللطف :
… سألني أحد الاخوة عن معركة الكرامة ، بعد ان سمع الكثير عنها ، و خاصة في برنامج شاهد على العصر ، ، فقلت له :
ان هذه المعركة كانت نقطة انطلاق جديدة ، في الثورة الفلسطينية ، فقد كان الصمود الفلسطيني لابناء حركة فتح ، صورة مثالية ، و نموذجاً لكل من يريد ان يكسب دعم الجماهير و مساندتها من أجل التحرير ..

وجد في الكرامة عدد من أعضاء قيادة حركة فتح الاخوة : أبو عمار – الشهيد أبو اياد ، الشهيد ابو صبري صيدم ، و ابو اللطف ، مع ما يزيد عن ثلاثمائة و ثمانين مناضلا في ذلك الموقع .

كنا نشاهد السيارات العسكرية الإسراائيلية في الليل ، و هي تنحدر من الكترات “التلال الغربية” ، إلى ضفاف النهر ، في الناحية الغربية ، فأدركنا أن المعركة قائمة لا محالة ، و هنا جمعنا المناضلين ، و قلنا ( لا بد من الصمود مهما كلفنا ذلك من ضحايا ) ، و كانت موافقة المناضلين كاملة ، و حماسهم جارف ، .. و خرج من بينهم الشهيد البطل ” ابو شريف ” ، الذي كان يعمل نجاراً في السابق في نابلس ، و طلب ان يرافق عشرة مناضلين بسلاحهم ، ليأخذوا مواقعهم على حافة النهر ، لمواجهة الجيش الإسراائيلي عند اقترابه ، و كان يحمل معه مدفع هااون عيار 60 ملم ،
إذن كان قرار القيادة ، هو الصمود ، و كان حماس الفدائيين عظيماً .

دارت المعركة في الصباح الباكر ، ، و كان قد بدأها العددو الصهيووني بقصف مواقعنا بالطائراات الحرربية ، و لما بزغت الشمس ، بدأ الزحف لما يقرب من (عشرة آلاف جنددي إسراائيلي بدباباتهم و مدافعهم الثقيلة ) ، على طول الواجهة الشرقية لنهر الأردن ، من الكرامة الى المناطق الجنوبية !
تصدى الشهيد البطل ابو شريف رحمه الله مع رفاقه الشهداء لهذه القوات ، و أبلوا بلاءً عظيماً ، و نالوا الشهادة .

عندما قطعت القواات الإسراائيلية النهر ، و بدأت تصل الى أطراف بلدة الكرامة ، طلبت القيادة العسكرية منا ان ننسحب الى عرق الجبل ، ، فبدأنا الانسحاب الى ان وصلنا أطراف الجبل ، و كانت هناك دبابات الجيش الأردني الباسل قد تمترست في قعر الجبل في انتظار القوات الإسراائيلية ، التي اصطدمت بالفدائيين في الكرامة و على ضفاف النهر ، و كان عدد من الفدائيين يحمل أحزمة ناسفة ، و يقذف بجسده على الدبابة ، كان معهم كما أذكر طالباً كان يدرس في ألمانيا ، جاء لينضم للثورة ” الشهيد ربحي” ، و استمرت المعركة من الصباح حتى العصر ، و كانت القوات الأردنية تقصف القوات المعتدية بعد ساعة من الهجوم قصفا مركزا ، فاستطاعت ان تدمر العشرات من آليات العدو و أصابت فلوله بالإرباك ، مما زاد من خسائره ، و اغتنم الفدائيون حالة الإرباك و أوقعوا مزيداً من الخسائر بين جنوود العددو الصهيووني ، و قامت المداافع الأردنية المنصوبة فوق الجبل ، و المموهة بذكاء ، كانت تقصف فلول الغزاة الصهااينة ، مع أن الطائرات الإسراائيلية كانت تحلق فوقها ، لتتعرف على أماكنها. !
لقد استشهد منا ثلاث و تسعين فدائيا .

كان الأخ صلاح التعمري يشرف مع الممرضة المناضلة الأخت أم يوسف التي التحقت بالثورة – على أشبال الثورة و قد بنى الأنفاق ليستريحوا فيها ، و عندما وصلت قوات العدو الى هذه الأنفاق ترددت في دخولها ، و لكن أمطرتها بوابل من الرصاص و سلم الأشبال.
بعد ساعة من المشي وصلنا الى سفح الجبل و هناك جمعنا الشهيد ابو صبري بصفته القائد العسكري ، و طلب منا ان ننتظر حتى خروج آخر فداائي من الكرامة ، حتى غابت الشمس ، و تابعنا السير ، فكنا آخر من وصل عمان في اليوم التالي وظن الاخوة أننا استشهدنا .

كانت القوات الأردنية الشقيقة ، بقيادة المغفور له اللواء ” مشهور حديثه ” مع هيئة أركانه ، تضرب قواات العددو بقوة ، فكان الشهداء و الجرحى ، و سال دم أبناء الضفتين على الثرى المقدس .

و لما علم المغفور له ، الرئيس جمال عبد الناصر بالمعركة ، و بالصمود الفلسطيني ، أرسل وفدا من العسكريين مع ضباط من الاتحاد السوفيتي ، ليروا آثار المعركة و ليقيموها ، و كانت هناك في غور نمرين دبابة إسراائيلية قد احترق قائدها و تفحم ، و آليات أخرى مبعثرة بعد أن سحب العدو معظمها ، و في تلك المنطقة غور نمرين كان الأخ نصر يوسف مع مجموعة ، و أخ آخر كان معنا و هو الأخ السفير ابو يحيى ، و غيرهم من الشباب الذين استشهدوا ، او كتب لهم الحياة مرة أخرى .

لم يكن من المنظمات الفدائية أحد ، بل نصح البعض ان لا نخوض هذه المعركة ، و لكنها كانت فاتحة عهد صدقت عليها الآية الكريمة ( إذا جاء نصر الله و الفتح و رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك و استغفره انه كان توابا ) صدق الله العظيم . على اثر ذلك تعمقت علاقاتنا بالمغفور له جمال عبد الناصر .
و هنا لا بد لنا من الإشارة الى المظاهرات الإسراائيلية الصاخبة التي جابت مدينة حيفا ، حيث خرجت هذه المظاهرات للاحتجاج على هذه المعركة ، و الخسائر الفادحة التي مني بها الجيش الصهيووني ، فخاطبهم ( ليفي اشكول / رئيس الوزراء الإسراائيلي آنذاك ) قائلاً :
[ من يضع يده في وكر الدبابير ، لا بد ان يتحمل لسعها ]

بعد ذلك بعام ، تشكلت الجبهة الوطنية الفلسطينية ، و أشرفت على منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الأخ ابو عمار ، فكانت نقطة تحول تاريخي في الكفاح الوطني للشعب الفلسطيني .

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : الموقف الأمريكي والاعتراف بالدولة الفلسطينية

الموقف الأمريكي والاعتراف بالدولة الفلسطينية بقلم  :  سري  القدوة السبت 20 نيسان / أبريل 2024. …