الرئيسية / الآراء والمقالات / محمد جبر الريفي يكتب : في مواجهة ثقافة الاستلاب الحضاري والتطرف الديني

محمد جبر الريفي يكتب : في مواجهة ثقافة الاستلاب الحضاري والتطرف الديني

محمد جبر الريفي
في مواجهة ثقافة الاستلاب الحضاري والتطرف الديني

بقلم: محمد جبر الريفي

المنعطف الحاسم الذي تمر به المنطقة العربية حيث الصراع الدائر في اكثر من قطر وازدياد فاعلية التدخل الاقليمي والدولي في ظل غياب دور قومي مقابل وكذلك طرح مخططات التصفية النهائية للقضية الفلسطينية دون ردود سياسية فعلية في مواجهتها سوى الرفض اللفظي بل و ضلوع أطراف عربية في تسويقها وفي مرحلة تشهد انحدارا في الموقف السياسي والأخلاقي العربي على مستوى دول ونخب سياسية وإعلامية ..كل ذلك يطرح بإلحاح ضرورة تعميم مفاهيم ثقافة وطنية تحررية وهي مسألة متاحة الان لما أنجزته الثورة التكنولوجية في مجال نقل المعلومات والأفكار والثقافات ..

تعميم ثقافة وطنية تحررية مقاومة للمخطط الأمريكي الصهيوني الرجعي التصفوي للقضية الفلسطينية و للمشروع القومي العربي الديمقراطي التقدمي الذي يهدف إلى تحقيق مكاسب ملموسة على صعيد قضية الوحدة العربية بإنهاء التجزئة السياسية الممنهجة وعلى صعيد التنمية الإقتصادية للتخلص من علاقات التبعية للنظام الرأسمالي العالمي هي مهمة سياسية نضالية اضحت في الظروف الحاضرة مهمة عاجلة تستدعي القيام بها القوى الوطنية والقومية والديمقراطية الثورية بدون ابطاء لانها تأتي في ظل انتعاش ثقافتين تعمل كل منهما على استمرار حالة الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي البائس التي تعيشه شعوب المنطقة العربية اولهما :الثقافة الغربية البرجوازية التي سادت في مجتمعاتنا العربية والإسلامية في ظل المرحلة الاستعمارية التي أوصلت هذه المجتمعات إلى مرحلة التخلف وهي مرحلة سبقتها مرحلة الانحطاط بكل أشكاله التي نجمت عن عهود الهيمنة العثمانية للعالم العربي وهذه الثقافة الغربية ما زالت قادره على الصمود رغم أفول وانحسار ظاهرة الاستعمار بسبب انتصار حركات الاستقلال والثورات الوطنية التحررية التي أنجزت هدفها بتحقيق الاستقلال الوطني ذلك ان الثقافة الغربية الوافدة مع حركة الاستعمار الأوروبي الغربي والتي تعبر عن الخصائص القومية والدينية للمجتمعات الغربية ما زال بريقها الحضاري تتأثر به النخب السياسية والثقافية في مجالات الأدب والفكر والفن رغم انتشار مفاهيم الثقافة الوطنية وهذا الصمود للثقافة الغربية يعود بالدرجة الأولى إلى تطور في شكل الحضارة الغربية البرجوازية ذاتها بحيث أصبحت بفضل الثورة التكنولوجية حضارة لها طابعها الاستهلاكي التي تجد منتجاتها التي غزت الاسواق العالمية إقبالا و رواجا خاصة في البلدان المتخلفة غير الصناعية …

أما الثقافة الثانية التي انتعشت في هذه المرحلة بسبب توفر حاضنة طائفية لها فهي الثقافة السلفية المتطرفة التي كانت وراء ظهور التنظيمات والجماعات الإسلامية الجهادية التي توصف بالتكفيرية قياسا باحزاب الإسلام السياسي التي تعرف وتتميز عن غيرها بالاعتدال ..

وكلتا الثقافتين الغربية البرجوازية ذات الطابع الاستهلاكي والسلفية المتطرفة التي تعتمد على نصوص دينية مشكوك في مصدرها وصحتها هما ثقافتان تتعارضان في نهجهما مع الإطار العام للحضارة العربية الإسلامية وهو إطار ديني و سياسي واجتماعي وثقافي زاخر بالتعددية الدينية والطائفية والعرقية وتسود فيه مبادىء التعايش وقيم التسامح والاعتدال ويخلو من اتجاهات التطرف والهيمنة على الآخر ..

لذا فإن مهمة القوى الوطنية والديموقراطية في هذه المرحلة التي تشهد صراعات سياسية وطائفية طاحنة في بعض أرجاء المنطقة هو مواجهة هاتين الثقافتين وتعميم ثقافة تستجيب للتحديات لان انتعاشهما دائما يكون على حساب الثقافة الوطنية والقومية والتقدمية واليسارية بشكل عام ..انتعاش ثقافة الاستلاب الحضاري وثقافة التكفير هو الذي يجعل من الحالة العربية الحالية في وضع متفجر بائس يستقطب الصراع فيها قوى إقليمية ودولية عديدة  .

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

د جمال ابو نحل يكتب : أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام

أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام من عاش لشعبه، ولِوطنه عاش كبيرً، …