الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : أهمية بيان مخيم جنين

عمر حلمي الغول يكتب : أهمية بيان مخيم جنين

عمر حلمي الغول

أهمية بيان مخيم جنين

عمر حلمي الغول

قبل قيام دولة الاستعمار الإسرائيلية في عام نكبة ال1948 عاش الفلسطينيون من مختلف الأديان الإسلامية والمسيحية واليهودية في وئام وتعايش وشراكة بسلام تحت راية الهوية الوطنية والعلم الفلسطيني، الى ان اقتحم الصهاينة واسيادهم من الغرب الاستعماري قبل وبعد اعلان وعد بلفور في الثاني من توفمبر 1917، ومقررات مؤتمر سان ريمو في ابريل 1920، وصك الانتداب البريطاني الأميركي، الذي اقرته عصبة الأمم في يوليو 1922، وما تلا ذلك من جرائم مما احدث الانقسام واسس للصراع منذ قرن مضى.

وهذا ما جسدته وكرسته عمليات الهجرات المتوالية لانصار الحركة الصهيونية الى فلسطين في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، التي هيأت لهم دولة الانتداب البريطانية كل شروط الدخول والإقامة والعمل وشراء بعض الأراضي من العائلات الاقطاعية اللبنانية وإقامة المستعمرات على الأرض الفلسطينية العربية، ووفرت لهم السلاح والمال لاقامة عصاباتهم الإرهابية، مما ساهم في ازدياد الاحتكاك والصدام مع أبناء الشعب العربي الفلسطيني وفق المخطط الاستعماري الصهيو غربي رأسمالي لطردهم من بلادهم تدريجيا، وصولا لاقامة الدولة الإسرائيلية اللا شرعية على ارض فلسطين العربية، وطن الفلسطينيين الام على انقاض نكبتهم وطردهم وتهجير ما يقارب المليون فلسطيني آنذاك.

هذا الاندفاع المتواتر للصهاينة الاستعماريين عكر أجواء التآخي والتكامل بين الفلسطينيين من اتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية مع اتباع الديانة اليهودية، الذين تورط جزء كبير منهم في متاهة المشروع الاجلائي الاحلالي الصهيوني، وخلق هوة كبيرة بينهم حتى يومنا هذا، والى ان تندثر وتزول دولة التطهير العرقي الصهيونية.

وفي ضوء تصاعد النضال الوطني الفلسطيني بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في العام 1965، وانكشاف جوهر المشروع الصهيوني ودولته اللقيطة، بقي قطاعُ من اتباع الديانة اليهودية يرفضون الصهيونية من حيث المبدأ، ولم يسلموا او يعترفوا بدولتها، ومازالوا حتى الان يؤمنون بأن فلسطين العربية، هي دولتهم، وعلمها هو علمهم، ويدافعون عن خيارهم وقناعاتهم دون تردد في فلسطين المحتلة، وحيثما وجد اتباعهم في دول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، ويشاركون بشكل مستمر ومثابر في فعاليات وانشطة سياسية ودينية لتأكيد الحقوق السياسية الفلسطينية، ويفضحون ويعرون الدولة المارقة والخارجة على القانون ومن يدعمها من دول الغرب الرأسمالي وخاصة بريطانيا وأميركا باداراتها المتعاقبة.

وهذا الموقف الملتزم عكسته زيارة وفد من انصار حركة ناطوري كارتا اليهودية الى مخيم جنين غراد والبطولة للتضامن مع أبنائه خاصة ومع الشعب الفلسطيني عموما. ولم يكتفوا بالزيارة يوم الاثنين الموافق التاسع من يناير الحالي، وانما اصدروا بيانا مع ممثلي القوى الفلسطينية وخاصة حركتي فتح والجهاد الإسلامي، وجاء فيه “نحن الفلسطينيين واليهود نرغب في العيش سويا، تحت علم فلسطين، وليس تحت علم إسرائيل، في وطن واحد اسمه، دولة فلسطين.” وتابع البيان التأكيد على وحدة المصير المشترك، بالنص التالي ” لقد عشنا، نحن أبناء إبراهيم، مئات السنين في وئام وسلام ورفاة، الى ان قسمنا الصهاينة.” مما عرض من وقع على البيان من حركة ناطوري كارتا للمسألة والاعتقال من قبل أجهزة الامن الإسرائيلية، واتهموهم بالخيانة.  

وتكمن أهمية البيان الآن في خضم المعركة الشرسة والمحتدمة بين الشعب العربي الفلسطيني وحكومة نتنياهو الفاشية للتأكيد للعالم اجمع، ان إسرائيل الصهيونية المغتصبة للديانة اليهودية، لا تمثل اليهود، وهي خطر عليهم، كما انها خطر على الشعب الفلسطيني، وتهدد بجرائم حربها وقوانينها وانتهاكاتها العنصرية وفاشيتها كل من يعيش على ارض فلسطين التاريخية. ولعل اتساع وتعاظم المظاهرات ضد حكومة نتنياهو السادسة، وكان اخرها مظاهرات القدس وحيفا وخاصة مظاهرة تل ابيب في ساحة “هبيما” يوم السبت الماضي الموافق 14 يناير الحالي، التي احتشد فيها ما يزيد عن ال (100) الف إسرائيلي وفلسطيني يعكس حدة الصراع بين الحكومة والشارع الإسرائيلي، والخشية من المآل الخطير الذي يهدد مستقبل الجميع، ويعرض السلام الممكن والمقبول للفناء الكلي.

وعلى العالم اجمع وخاصة الإدارة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي استخلاص الدرس والعبر مما يجري داخل دولة الموت والمحرقة الإسرائيلية، ويعيدوا الاعتبار لخيار السلام عبر الاعتراف الفوري بدولة فلسطين، ورفع مكانتها لدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وتأمين الحماية الدولية لابناء الشعب الفلسطيني دون تردد او تلكؤ، والدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام وفق جدول زمني لا يتجاوز العام يلزم إسرائيل بالانسحاب الفوري من أراضي دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وفرض العقوبات الاقتصادية والأمنية والديبلوماسية بهدف عزلها وحصارها قبل فوات الأوان.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : نواقص القرار الاممي

نبض الحياة نواقص القرار الاممي عمر حلمي الغول بين مد وجزر على مدار 171 يوما …