الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : اردوغان يعيد تدوير الزوايا

عمر حلمي الغول يكتب : اردوغان يعيد تدوير الزوايا

عمر حلمي الغول

اردوغان يعيد تدوير الزوايا

عمر حلمي الغول

طرق وقنوات السياسة دائما مفتوحة، حتى في احلك لحظات الصراع بين القوى المتحاربة، واي كانت درجة العداء بين الحكام والدول. فدائما دروب ووسائل أجهزة الامن مفتوحة مواربة، وإشاراتها الخضراء او البرتقالية مضاءة، ولا توجد عليها إشارات ضوئية حمراء ألا ما ندر. وكما قالت المقولة: لا يوجد في السياسة عداء ثابت، او محرمات، وعدو الامس، ربما يكون صديق اليوم او الغد، والعكس صحيح.

الرئيس رجب طيب اردوغان مع استلامه الحكم عام 2002مع فريقه الأول: الرئيس السابق عبدالله غُل، ووزير الخارجية الأسبق، احمد دواد اوغلو، وواضع استراتيجية الحكم آنذاك على قاعدة “صفر مشاكل” في الداخل والاقليم، انقلب على النظرية  الناظمة للنظام الجديد، وانفرد بالحكم دون رفيقيه لاحقا، وفتح أبواب الصراع مع دول الإقليم: سوريا ومصر وليبيا والسعودية والامارات وتونس، وحدث ولا حرج مع اليونان وايران لبعض الوقت، ومع أوروبا وروسيا والناتو واسرائيل، عاد مؤخرا في العامين الماضيين 2021 و 2022، وبعد عقدين من الحكم المتواصل، يلملم أوراقه المتناثرة على مساحة الإقليم وخاصة مع المنظومة العربية الرسمية عشية الانتخابات الرئاسية التركية في حزيران / يونيو القادم، ومع اشتداد الازمة الاقتصادية وزيادة التضخم، وانخفاض قيمة الليرة التركية ونسبة التأييد الشعبي له ولحزبه، وتقلص حدود مناوراته مع الأصدقاء والاعداء على حد سواء. الامر الذي املى عليه مراجعة حساباته، والتدقيق في منسوب الأرباح والخسائر من سياسة الحروب المفتوحة، التي لم تحقق له طموحاته واهدافه.

وكان آخر محاولاته الفاشلة، زيارته المفاجئة لتونس اواسط العام 2019، التي ادلى فيها بمواقف غير إيجابية بشأن تجميد عمل البرلمان التونسي، وحاول امتطاء ظهر النظام الجديد لتوسيع نفوذه شمال افريقيا، وبعدها حاول الالتفاف على الرئاسة التونسية مع استقباله لرئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، مما افسد عليه تحقيق أي من أهدافه المرجوة في الملفين التونسي الداخلي، والملف الليبي. مما اوصله لقناعة بضرورة إعادة النظر في سياساته مع الأنظمة العربية.

وكانت اول الاستدارات مع فتح نافذة دولة الامارات العربية، والتي توجت بزيارة الشيخ محمد بن زايد لتركيا في 24 تشرين 2/ نوفمبر 2021، ونجم عن الزيارة نتائج إيجابية على اكثر من مستوى وصعيد سياسيا واقتصاديا وماليا، واعقب ذلك فتح الأبواب مع الأمير محمد بن سلمان، الذي لبى دعوة اردوغان لزيارة تركيا أواسط العام الماضي 2022، ثم فتح البوابة المصرية في البداية امنيا، ثم سياسيا وتوج بلقائه مع الرئيس السيسي في حفل افتتاح أولمبياد الدوحة في تشرين 1 / أكتوبر الماضي 2022، وعلى صعيد الملف السوري كسر الجمود، وفتح أبواب العلاقات الأمنية بين البلدين، والتي توجت بلقاء وزراء دفاع ورؤساء أجهزة مخابرات البلدين في موسكو برعاية وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو يوم الأربعاء الموافق 28 كانون1/ ديسمبر 2022، والتي سيعقبها لقاء وزيري الخارجية مطلع شباط / فبراير القادم، حسب ما صرح وزير الخأرجية التركي، مولود تشاووش اوغلو، وهو اللقاء التمهيدي للقاء الرئيسين التركي والسوري، حيث تم تقديم إشارات إيجابية على صعيد تحسين العلاقات بين البلدين، وابداء تركيا الاستعداد المبدئي للانسحاب من الأراضي السورية، وهو الشرط الذي طالب به الرئيس بشار الأسد اول امس الخميس.

ومن اللافت للنظر دخول دولة الامارات على خط تسخين الأجواء الإيجابية بين البلدين، وجاءت زيارة الشيخ عبد الله بن زايد لسوريا يوم الأربعاء الموافق 4كانون 2 / يناير الحالي ولقائه الرئيس بشار الأسد لتعزيز هذا التكهن، فضلا عن حمل ابن زايد العديد من الرسائل العربية والأميركية والإسرائيلية للاسد الابن. لا سيما وان هذا الانفتاح على سوريا يأتي في الوقت الذي تواصل فيه إدارة بايدن، انها ترفض تطبيع العلاقات مع سوريا، بيد ان هذا الموقف المعلن، لم يحل دون زيارة بن زايد، ولا إعادة فتح أبواب العلاقات التركية السورية، ولا حتى ابداء الاشقاء العرب لاعادة سوريا لحاضنة الجامعة. ولكن لذلك شروط سياسية وديبلوماسية واقتصادية وامنية، وفي مقدمتها التطبيع المجاني بين سوريا وإسرائيل.

المهم ان الاستدارة التركية الحادة، لم تأت من فراغ، ولا حبا في الأنظمة العربية، او تراجعا عن خيار الاردوغانية في بناء ركائز الخلافة العثمانية الجديدة. وانما دفاعا عن مكانة الرئيس اردوغان وحزبه، وللتخفيف من حدة الازمة الاقتصادية، ولاعادة ثقة الشارع التركي بالرئيس وحزبه، وأيضا استباقا للتحولات الدراماتيكية على المستوى العالمي نتاج تداعيات ما يجري في أوكرانيا، والصراع المتصاعد في شمال شرق اسيا وخاصة مع الصين مع دول الغرب الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة، وتكريس مكانة تركيا كقطب أساسي في الإقليم الشرق اوسطي الكبير.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية

حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية بقلم  :  سري  القدوة الخميس 28 آذار / مارس …