الرئيسية / الآراء والمقالات / د. محمد صالح الشنطي يكتب : التنسيق الأمني (قميص عثمان)

د. محمد صالح الشنطي يكتب : التنسيق الأمني (قميص عثمان)

محمد صالح الشنطي

كتب الدكتور محمد صالح الشنطي 

التنسيق الأمني (قميص عثمان)

                                    (3)

         هذا المصطلح من أهم المصطلحات المثيرة للجدل ؛ بل هي أهم الأسلحة التي استثمرتها المعارضة لمحاربة السلطة الوطنية ؛ ولكي يكون الأمر واضحاً فإن ثمة تقصيراً واضحاً في شرح هذا المصطلح الذي تم التلاعب به إلى الدرجة التي يمكن اعتباره فيها خيانة عظمي ، ففسّرته المعارضة على أنه تسليم المطلوبين من المقاومين لإسرائيل ، والحقيقة أن الأمر ليس كذلك وهو يعني في اتفاق المبادئ منع العمليات الفدائية ضد إسرائيل مقابل تسلم السلطة الأراضي الفلسطينية على مراحل في المناطق (أ، ب، ج) حتى تطمئن إسرائيل إلى أن هذا الكيان الجديد الذي سيكون في عمق فلسطين التاريخية التي احتلتها إسرائيل ليس معادياً لها وأن المطلوب هو اعتقال من يحاول القيام بعمل معاد لإسرائيل إذا علمت به الأجهزة الأمنية الفلسطينية أو أبلغت عنه المخابرات الإسرائيلية على أن يكون الاعتقال في السجون الفلسطينية ويتم التعامل معه فلسطينياً فحسب ؛ وليس كما زعمت أبواق الدعاية المعارضة تسليمه لإسرائيل ، وقد عمد الجانب الفلسطيني إلى سياسة ما يعرف بالباب الدّوار أي دخول المعتقل من باب وإخراجه من باب آخر ، وهذا أدى إلى حنق إسرائيل وغضبها وصدامها مع السلطة و بالتالي اجتياح المناطق التي تسيطر عليها ، وكان الاتفاق يقضي بعدم دخول القوات الإسرائيلية إلى المناطق التي تُسلّم إلى الفلسطينيين ، غير أن عمليات حماس المستمرة كانت محاولة لإفشال المشروع كله ، فكانت السلطة تتغاضى عمّن يقوم بالعمليات ، الأمر الذي أدى الحملة العسكرية (حقل الأشواك) التي أدت إلى حصار المقاطعة واغتيال القائد الشهيد أبو عمار فانهار التنسيق الأمني تلقائيا ، بعكس ما تزعم المعارضة وماكينتها الإعلامية من أن الناجي الوحيد في اتفاق أوسلو هو التنسيق الأمني ، على الرغم من أنهم يرون بأم أعينهم كيف تنتشر الكتائب المسلحة المقاومة في شمال الضفة الغربية وجنوبها وكيف يتحدّث (أبو رعد) وهو من قادة الأجهزة الأمنية السابفين وأبو الشهداء فقي الاحتفال المركزي لفتح بمناسبة ذكرى الانطلاقة (58) وهو المطلوب الأول لإسرائيل ، كيف يمكن أن يكون هناك تنسيق أمني والكتائب المقاومة تقيم استعراضاتها عياناً بياناً في وضح النهار ؛ إنهم يستهينون بالعقل الفلسطيني و العربي ، ولا يدركون أن للسياسة خطابها الخاص ، و أنه لا يمكن عملياً أن تعلن السلطة موقفها الحقيقي من العمل العسكري المقاوم في الضفة وهي في قلب الكيان الصهيوني ؛ و مع هذا لم يتردّد المسؤولون في السلطة لحظة عن إعلان موقفهم الرافض للمساس بالمقاومين وتبذل كل جهد لحمايتهم ، ولكن ثمة من يتغابى و يطالب بالانضمام العلني للمقاومة من قبل السلطة (الأمر الذي سيؤدي إلى تدميرها تماماً) وهذا خبث سياسي و ليس مجرد جهل بحقائق الأمور، وحديثهم عن دايتون وسلطة دايتون حديث يدل على سذاجة وغوغائينة وانتهازية .

     لقد اعترفت المعارضة بموقف السلطة و انخراطها في الانتفاضة المسلحة الثانية على الرغم من وثيقة (تنت) عام 2002 حيث قالت ” و بعد ما أيدت أجهزت أمن السلطة الانتفاضة و انخرطت في مواجهات مسلحة مع القوات الإسرائيلية استباحت إسرائيل كل كا يعرف بالثوابت الفلسطينية بفرض الحقائق على الأرض”

 ومع هذا تصرّ المعارضة على وجود التنسيق الأمني على الرغم من أنه لم يبق منه إلا الاسم فقط بوصفه مفردة سياسية لابد من الحفاظ على بقائها في الخطاب السياسي رغم امِّحائها عملياً بعد هذه الاختراقات المستمرة للأراضي الفلسطينية ؛ و لا بد من الإشارة إلى أن بعض مسارات التنسيق التي تتعلق بجوانب الحياة اليومية ما زالت قائمة اضطراراً؛ فالمحاسيم ( القواطع والمراكز الإسرائيلية) تفصل مدن الضفة بعضها عن بعض و التنقل من مكان إلى مكان يمر من خلالها ، و بالتالي لا يمكن التخلي تماما عن التنسيق و إلّا توقفت حياة الناس تماما ، وهذا ما ينبغي أن يعرفه القاصي و الداني، و أن السلطة وأجهزتها الأمنية في صراع دائم مع الاحتلال حتى تتمكن من إدارة الحياة و تحافظ على منشآتها تحت شعار (سدّد وقارب) وليس كما يحاول المزايدون من المعارضة أن التنسيق على الوجه الذي يضللون به الناس متجاهلين الواقع في مراوغة لئيمة لحقائق الأمور ، فأي تنسيق أمني الذي تتحدثون عنه.

(و للحديث بقيّة)

د. محمد صالح الشنطي

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سليم الوادية

اللواء سليم الوادية يكتب : ياسامعين الصوت ،، الاباده الجماعيه في العالم

ياسامعين الصوت ،، الاباده الجماعيه في العالم بقلم سليم الوادية  عبر التاريخ الدول الاستعماريه مارست …