الرئيسية / الآراء والمقالات / صالح الشقباوي يكتب : جدلية العلاقة بين الثرات والهوية

صالح الشقباوي يكتب : جدلية العلاقة بين الثرات والهوية

اكاديمي فلسطيني واستاذ محاضر  في الجامعات الجزائرية
اكاديمي فلسطيني واستاذ محاضر في الجامعات الجزائرية

جدلية العلاقة بين الثرات والهوية 

د.صالح الشقباوي / أستاذ محاضر في جامعة بودواو .

التراث والهوية عنصران متلازمان من عناصر الشخصية الوطنية الفلسطينية ، حيث يعتبر الثرات مكون أساسي من مكونات الهوية الثقافية ويعبر عن الهوية الوطنية ويرمز لها في سياقات زمانية ومكانية مختلفة ، انه الجينات التي تحدد معالم هويتنا لذا وجب علينا البحث في العلاقة الديالكتيكية التي تربط التراث كمكون مادي ومعنوي وبين الهوية كوعي لهذه المكونات .

هذه الهوية الفلسطينية التي تعيش اليوم عالما متشظيا مهددة بفعل الاحتلال الصهيوني للطمس والغياب ومنعها من الامثتال امام مرآة التاريخ التي تضيف على وجودها ماهيات التجذر والكينونة والكيانية .

ففعل الاحتلال الصهيوني ضدها يمنعها من أن تكون لأن فلسفة الاحتلال الصهيوني تقوم على السعي الحثيث لاقامة الدولة اليهودية الخالصة .

بعد هذه المداخلة البسيطة أستطيع القول أن التراث والهوية يربطهما جدل ابستملوجي مفتوح يساهم كموروث معرفي ، ثقافي ، تاريخي وفكري في الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية التي تتعرض الى تحديات وجودية كبرى لذا أقول وأؤكد أن الموروث التاريخي والهوية الوطنية وصراعهما مع المحتل الصهيوني وتحدياتهما في اثبات وجودهما من خلال نجاح الهوية الوطنية الفلسطينية ومعها موروثها التاريخي في حفاظهما على هويتهما الوطنية وعلى أسسهما وركائزهما في ظل خوضهما 

لأطول معركة وجودية في التاريخ ضد محتل غاصب يحاول شطبهما وتجاوزهما والحلول مكانيهما .

نعم ان هذه المعركة هي معركة بقاء ومعركة وجود ومعركة انتصار الذات والهوية والكينونة الفلسطينية على نقيضها الصهيوني .

وهنا لابد من اخضاع مصطلح الهوية الفلسطينية والهوية بشكل عام الى مبضع الجراح الفكري والذي يعتبر حديث المنشأ ومنسوب الى الهو السيكولوجي الدال على الحقيقة المشخصنة التي تمايز شخص عن شخص أو شعب عن شعب وتنقسم الى قسمين : هوية الشخص الفردية وهوية الشعب الجماعية والتي تتكون من مجموعة خصائص وصفات تميز شعب عن شعب وهذا مايجعلني أذكر بعض خصائص التمييز الفلسطينية منها النكبة ، التشرد ، المعاناة ، المحتل ، عدم قدرة الذات على العودة الى موطنها ، اللجوء ، الحرمان .. الخ 

هذه الهوية كانت نتيجة الاغتصاب الصهيوني لارضنا الفلسطينية ، لذا فان منطلقاتنا الأساسية التي نعتمد عليها في بقاءنا ووجودنا وتقدمنا وتطورنا هي كيفية تحرير وطننا من المحتل الصهيوني وهي قاعدة نتاج حركة التاريخ الديالكتيكية في الذات الكلية للشعب الفلسطيني حيث يرتكز بقاءنا في التاريخ بمدى وعينا للتاريخ نفسه ولتراثنا المادي والشفهي المتحد بالضرورة بالحاضر والمستقبل لذا تميزت هويتنا الوطنية الفلسطينية بالاشباع التراثي .

فأنا كباحث في الثرات والهوية أدرك تاريخي الوطني القديم الممتد من آباءنا الكنعانيين وماتعاقب على أرضنا الفلسطينية من حضارات أجنبية رومانية كانت او غيرها انتهاءا بالاحتلال الصهيوني الذي مارس فلسفة الابادة والطرد والازاحة ومحو الهوية الفلسطينية وتشظي مكوناتها وتفكيكها وبعثرتها وطمس معالمها التاريخية والثقافية ، بيد أن ظهور الوعي الوطني الفلسطيني المعاصر تزامن مع انطلاق الثورة الفلسطينية 1965 ، وخوضها لحروب متنوعة على جبهات مختلفة كان أهمها جبهة الهوية وجبهة الثقافة وجبهة الوجود المادي للشخصية الفلسطينية وجبهة الحفاظ على مكوناته الوطنية وعدم طمس هويتها .

لذا استطيع القول أن الفلسطيني نجح في اعادة نفسه الى نسق التاريخ وانتصر على المكون الصهيوني الذي أراد ازاحته والاطاحة به من قلب التاريخ لكي يعدم وجوده ويتحول بذلك وجوده اى وجود انساني غير معرّف ومنزوع الهوية ومشتت التراث وفاقد الثقافة والكيانية .

لذا أعود وأقول أن الفلسطيني نجح الى اعادة ذاته الى التاريخ والانطلاق ثانية الى الزمان والى المكان من خلال تحديد هويته واستراتيجيته واهدافه .

صحيح أنه لم يستطع الغاء صفة اللاجئ أو النازح عن الكثير من أبناء شعبه الى انه نجح في تزويدهم بماهيات وجودية جديدة تجاوزت فيها صفات اللجوء والنزوح من خلال الحفاظ على مكونات وأساس الهوية الوطنية الفلسطينية التي تمسّك فيها الشعب الفلسطيني وقاوم المحتل الصهيوني وهزم سياسته وفلسفته الرامية الى تذويب وتشتيت وتفكيك معالم هويتنا لنحيد عن أصلنا وعن المرجع وهذا يعتبر بمثابة موت لهوية الانسان الفلسطيني .

ومن هنا تبرز أهمية التراث التاريخي ودوره في الحفاظ على مكونات الهوية الوطنية لدى الشعب الفلسطيني التي تعبر عن امتداد وجودنا في التاريخ وفي الزمان كسردمية فلسطينية ثابتة فلا وجود دون هوية ولاهوية دون وجود ناقص.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

كاتب ومحلل سياسي 

دكتوراة في القانون العام جامعة محمد الخامس المغرب 
محاضر في جامعة الأزهر - فلسطين

إبراد إبراهيم ابراش يكتب : الانتصار الذي تسعى له حركة حماس

الكاتب إبراهيم ابراش الانتصار الذي تسعى له حركة حماس بعد أن ساعدت حركة حماس إسرائيل، …