الرئيسية / الآراء والمقالات / حسين ابو الهيجاء يكتب : المملكة العربية السعودية و القضية الفلسطينية

حسين ابو الهيجاء يكتب : المملكة العربية السعودية و القضية الفلسطينية

حسين ابو الهيجاء

المملكة العربية السعودية و القضية الفلسطينية 

بقلم : حسين ابو الهيجاء
 
.. على امتداد العقود الطويلة للقضية الفلسطينية ، بكل ما فيها من معاناة و انعطافات و تطورات و انتكاسات و نكبات ، كانت العربية السعودية حاضرة ( كدِرعِ و رمحٍ و بَيدر ) مع الاشقاء الفلسطينيين ، وذلك منذ مؤتمر لندن عام 1935 م ، الذي عُرف باسم ( مباحثات المائدة المستديرة ) ، و التي كان فيها مواقف صلبة و مشهودة للملك عبد العزيز رحمه الله ، حتى المواقف الثابتة و الشجاعة للملك سلمان حفظه الله ، و تصديه بحزم للاجراءات و القرارات الامريكية الاخيرة في فلسطين و المدينة المقدسة ، و رفضه القاطع لمبادرة الرئيس الامريكي دونالد ترمب ، و المعروفة باسم ( صفقة القرن ) .
 
تقول الوتائق الامريكية ، انه في العام 1945م ، حيث كانت الولايات المتحدة الامريكية ، تتربع على عرش العالم و على قوة ذَرية ، بعد حسمها الحرب العالمية لصالحها .. ، كان الملك السعودي عبد العزيز يخاطب الرئيس الامريكي روزفلت ، قائلاً بلهجة شديدة : انه ” على مَن هجّر اليهود دفع الثمن ، و لا يجوز ان يدفع الشعب الفلسطيني ثمن جرائم شعوب و دول اخرى ” ، و ذلك رداً على تبنّي روزفلت معاناة و تهجير اليهود .. !
 
فضلاً عن الدعم اللوجستي للفلسطينيين ، و إمداد ثوار الجهاد المقدس بالسلاح و المقاتلين ، و ارسال اكثر من 500 مقاتل سعودي عام 1948 ، لا تزال دماؤهم تفور على الارض المقدسة .
و جميعنا يعلم ايضا ، كيف تبنّى الملك فيصل اصدار قرار في قمة الدار البيضاء عام 1965م ، بانشاء ” منظمة التحرير الفلسطينية ” ، كممثل شرعي و وحيد للشعب الفلسطيني ، لتكون رأس رمح الكفاح و القرار الفلسطيني ، بعد ان كانت الدول العربية تتقاذف الملف الفلسطيني ، و تستخدمه في الغالب لمصالحها على حساب القضية المركزية .. !
كما شكلت حقبة حكم الملك فيصل ، منعطفا ايجابيا مشهودا لصالح القضية بكل ملفات الصراع ، حيث كان لجولته عام 1973 في القارة السوداء ، الاثر الكبير في تحول مواقف دول القارة ، في اغلاق سفارات دولة الاحتلال ، و سحب الاعتراف بها ، و في المقابل الاعتراف ” بمنظمة التحرير الفلسطينية ” ، و فتح مكاتب تمثيلية لها في عواصمها ! ، دون ان ننسى الموقف البطولي و الشجاع لجلالته ، في حرب اكتوبر 1973، عندما استخدم النفط كسلاح حاسم في المعارك العربية ، اثر اعلانه وقف ضخ النفط للدول الداعمة للاحتلال الصهيوني .. ، الامر الذي اكّد للعالم ان العرب قادرون على صناعة التكامل و الانتصار ، و استعمال عناصر القوة التي يمتلكونها .. !
و على الصعيد السياسي ، يمكننا ان نتذكر على سبيل المثال ، كيف تمكنت المملكة من انتزاع اعتراف الرئيس الامريكي رونالد ريغن ب ( م ت ف ) ، و اسقاط صفة الارهاب عنها ، و فتح حوارات مباشرة بين المنظمة و واشنطن ..!
و في العام 2000 م ، كانت ( اسرائيل ) ترتكب مجازر بحق الفلسطينيين و ارضهم ، فكان موقفا حاسماً من الامير عبدالله ( الملك لاحقاً ) ، عندما وضع علاقات بلاده في كفة ، و الموقف من القضية الفلسطينية في كفة ، و قال : ( يبدو انه بات علينا ان نعيد حساباتنا في علاقاتنا الدولية ) ، في تهديد صريح لقطع العلاقات مع الجانب الامربكي ، الامر الذي جعله يحصل على وعد من الرئيس كلينتون ، بوقف الاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين ، و الاعتراف بدولة فلسطين ، غير ان احداث 11 سبتمبر قلبت الطاولة و خلطت الاوراق و غيرت مجرى و اولويات العمل السياسي الدولي .. !
الاّ ان العربية السعودية عادت في العام 2002 ، و طرحت في قمة بيروت العربية ، ما اصبح يُعرف باسم مبادرة السلام العربية ، بعد تبنيها من القمة و القمم اللاحقة و التي قامت فكرتها على :
” انشاء دولة فلسطينية معترف بها على حدود 4 حزيران 67 ، و عاصمتها القدس ، و عودة اللاجئين ، و الانسحاب من هضبة الجولان ، مقابل اعتراف و تطبيع العلاقات بين الدول العربية و ( اسرائيل ) . و هي المبادرة التي عُرفت بمبادرة ( الارض مقابل السلام ) .
 
و على امتداد فصول القضية الفلسطينية ، كان دعم المملكة العربية السعودية المادي والمعنوي للسلطة الفلسطينية والشعب الففلسطيني ثابتا ، و منسجما مع حجم التحديات .. ، فمنذ بداية مأساة الشعب الفلسطيني ، كانت السعودية السند و الداعم الاكبر للشعب و قضيته ، سواء عبر الدعم المباشر للشعب الفلسطيني ، او عبر المؤسسات الدولية ذات الصلة ..
كما قدمت المملكة تبرعاً سخياً في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم عام 1967م ، و التزمت فـي قمة بغداد عام 1978م بتقديم دعـم مالي سنوي للفلسطينيين مقداره مليار وسبعة وتسعين مليوناً وثلاثمائة ألف دولا ، وذلك لمدة عشرة اعوام
اما في قمة الجزائر الطارئة اثر انتفاضة الحجارة عام 1987م ، قررت المملكة تقديم 6 مليون دولارا ، كدعم شهري للانتفاضة ، و تبرعاً نقدياً لصندوق الانتفاضة الفلسطيني ، بمبلغ مليون وأربعمائة وثلاثة وثلاثون ألف دولار، كما قدمت مبلغ 2 مليون دولارا للصليب الأحمر الدولي لشراء أدوية ومعدات طبية وأغذية للفلسطينيين .. !
 
و كيف لنا ان ننسى تعهد المملكة بتمويل برنامج إنمائي ، عن طريق الصندوق السعودي للتنمية ، و الذي بلغ حجمـه 300 مليون دولارا ، للاهتمام بقطاعات ( الصحة والتعليم والإسكان ) ، تم الإعلان عنه في مؤتمرات الدول المانحة ..! بالإضافة إلى الإعفاءات الجمركية للسلع والمنتجات الفلسطينية .. !
وقد أوفت المملكة بكامل مساهماتها المقررة حسب قمة بيروت مارس 2002م ، لدعم ميزانية السلطة الفلسطينية ، وما أكدت علية قمـة شرم الشيخ مارس 2003م ، بتجديد الالتزام العربي بهذا الدعم كشبكة امان ، حيث قامت بتحويل كامل الالتزام وقدرة 184,8 مليون دولار للفترة من 2002م ـ 2004م.
كما أوفت بكامل التزاماتها المقررة حسب قمة تونس مايو 2004 م ، الخاصة باستمرار وصول الدعم المالي لموازنة السلطة الفلسطينية لستة أشهر ، و قامت بتحويل كامل المبلغ وقدرة 46،2 مليون دولار.
 
و من اللافت ايضا ان المملكة بادرت في مؤتمر القمة العربي في القاهرة 2000م ، باقتراح إنشاء صندوقين باسم :
1- صندوق لأقصى
2- صندوق انتفاضة القدس . برأسمال قدره مليار دولار ، وتبرعت بمبلـغ 200 مليون دولار لصندوق الأقصى ، و 50 مليون دولار لصندوق انتفاضة القدس .
كما اهتمت المملكة العربية السعودية بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين ، حيث قدمت لهم المساعدات الإنسانيية ، مباشرة أو عن طريق الوكالات والمنظمات الدولية ، التي تُعني بشئون اللاجئين ، مثل الأنروا ، ومنظمة اليونسكو ، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ، والبنك الدولي ، والبنك الإسلامي ، فضلاً عن دفع حصتها المقررة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئـين الفلسطيني الأنروا ، المتمثلـة في مساهماتها السنوية البالغة مليون و 200 ألف دولار لميزانية وكالة الغوث ، وقدمت لها ” تبرعات استثنائية ” ، بلغت حوالي 60 مليون و 400 ألف دولار ، لتغطية العجز في ميزانيتها ، وتنفيذ برامجـها الخاصة بالفلسطينيين ، للحفاظ على مُسمّى لاجيء ، و بالتالي الحفاظ على حقه بالعودة .. !
 
* (( ادفع ريالا تنقذ فلسطينياً ))
ومنذ ان كان الملك سلمان أميرا للرياض ، كان يقود الجهود و المؤسسات الشعبية السعودية ، و تعبئة الشباب السعودي و تحريضهم لدعم الفلسطينيين و قضيتهم ، ولعل برنامج ” ادفع ريالا تنقذ فلسطينيا ” ، الذي جاء ردا على المشروع الامريكي ” ادفع دولارا تنقذ إسرائيليا ” ، كان احد تلك البرامج التي كان لها اثرا واسعا في البُعد العربي و العالمي ، و الذي امتد منذ نحو 60 عاما حتى الآن ..
و يُسجّل للملك سلمان موقفاً شجاعا و مشهوداً ، عندما أجبر الأمريكان للضغط على ( الإسرائيليين ) ، لفتح بوابات المسجد الاقصى ، عقب إغلاقه من قِبل قوات الاحتلال عام 2017 ،
و مؤخرا ، و من منطلق تبنيه للقضية الفلسطينية ، اطلق اسم فلسطين ، على قمة الظهران ، كما اطلق اسم القدس و الاقصى على القمم الثلاث التي عُقدت في مكة المكرمة ، في اشارات و رسائل واضحة الدلالة
و بهذا الايجاز ، يتضح ان القضية الفلسطينية ، كانت و لا تزال في قلب و ضمير الملوك و الامراء و الشعب السعودي ، و انها من الثوابت الدينية و الانسانية و الغير قابلة للتصرف

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

د جمال ابو نحل يكتب : أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام

أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام من عاش لشعبه، ولِوطنه عاش كبيرً، …