الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : سقوط المفاهيم الساذجة عن المنظمة

عمر حلمي الغول يكتب : سقوط المفاهيم الساذجة عن المنظمة

عمر حلمي الغول

سقوط المفاهيم الساذجة عن المنظمة

عمر حلمي الغول

في جلسة ذات مساء قريب مع بعض الاكاديميين والنقابيين والسياسيين في احدى العواصم العربية المجاورة دار الحديث حول المصالحة الفلسطينية، والانتخابات أهميتها، ومنظمة التحرير ودورها المرجعي للقرار الوطني الفلسطيني، استوقفني حديث احدهم، وهو رجل اكاديمي من أصول فلسطينية عن المنظمة بطريقة فيها للأسف قصور سياسي وقانوني وتنظيمي، وعدم فهم لمكانتها المركزية في كفاح الشعب العربي الفلسطيني، وثقلها العربي والدولي كممثل شرعي ووحيد للشعب، وساوى بينها وبين أي منظمة او مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني او كمركز ثقافي، لا قيمة لهيئاتها القيادية، حتى عندما تطرق الحديث عن المجلسين الوطني والمركزي، واهميتهما كمرجعيات للقرار السياسي والقانوني والكفاحي، نطق كفرا، عندما اسخف بمكانتها، واعتبرها لا تعني له شيئا. ولا يجوز من وجهة نظره، التي تتقاطع مع وجهات نظر القوى المتربصة بالمنظمة ومكانتها التشريعية والتنظيمية، ودورها كوطن معنوي للكل الفلسطيني في الوطن والشتات، اعطاءها مكانة اكثر مما تستحق، وتذرع بان أعضاءها “لم ينتخبوا”، وانما “فرضوا فرضا” على الشعب. ولم يميز بين لحظة تاريخية وأخرى في كفاح الشعب الوطني، والأسباب والخلفيات، التي فرضت أسس واليات التشكيل لها في شروط فلسطينية وعربية قاهرة، ومع ذلك هيئاتها القيادية تم انتخابها، ودوائرها تم التوافق عليها بين ممثلي القوى السياسية الفاعلة في النضال الوطني. لكنه تجاهل ذلك، حتى يدعم وجهة نظره السلبية.

ورغم اتفاق الجميع من المشاركين بالحوار على أهمية واولوية الانتخابات لاعضاء المجلس حيث امكن ذلك، واعتماد الاختيار والتوافق بين المكونات السياسية والمستقلين، بقي الاكاديمي المنساق في متاهة التبسيط والتسطيح يكرر الكلام ذاته. لانه، اما انه لا يدرك أهمية ومكانة المنظمة المركزية؛ او انه يكرر مواقف القوى المستهدفة للمنظمة ومكانتها. لا سيما وان تلك القوى تعتقد، ان معضلتها الأساسية في الساحة تكمن في عدم حضورها في المنظمة، وبالتالي كان خطابها قبل لقاء الجزائر الأخير (أكتوبر 2022) يقوم على تبهيت ما تمثله المنظمة. آملا ان يكون موقفها تغير بعد اعلان الجزائر الأخير.

بيد ان الرجل الاكاديمي لم يتابع التطورات الجارية في الساحة، او مُصراً على ذات الموقف المسبق، ويردده بشكل ميكانيكي، دون ادراك لابعاد مخاطره، وتداعياته السلبية على الشعب الفلسطيني ووحدة مركز قراره، وتمثيله، وعنوانه السياسي الوحيد امام العالم، ومرجعيته القانونية والتشريعية، والمحدد لبرنامجه السياسي في الدورات المتعاقبة وفقا للتطورات السياسية المحلية والعربية والدولية.

وعليه يخطىء، من يعتقد ان منظمة التحرير منظمة شكلية، يمكن فكها وتركيبها وفقا لمزاج وتقديرات بعض القوى السياسية الجاهلة، او المتجاهلة لضرورتها ومركزيتها الوطنية. وهي تشبه بالمعايير النسبية منظمة الأمم المتحدة بالنسبة للعالم، مع الفارق بين التمثيلين، والمهام والوظائف الموكلة لكل منهما. لان انهيار هيئة الأمم المتحدة، رغم كل المثالب والنواقص، التي تعاني منها، ورغم معرفة خلفيات من عمل على الدعوة لتأسيسها في اعقاب الحرب العالمية الثانية في العام 1945، تعني انهيار المنظومة السياسية والقانونية العالمية. بالضبط كما تم تشكيل عصبة الأمم في اعقاب الحرب العالمية الأولى 1919 عقب مؤتمر باريس. وبالتالي انهيار وفك المنظمة يعني انهيار التمثيل الوطني، وضياع تبديد وحدة الشعب والأرض والمشروع الوطني والنظام السياسي الفلسطيني التعاقدي التعددي.

كما لم يميز ذلك الاكاديمي بين المطالبة بالانتخابات لمجلسها الوطني وهيئاتها المركزية، وبين تسجيل الملاحظات، والحديث عن الأخطاء والخطايا، وبين الاستهتار بها وبمكانتها، وضرورتها الوطنية لتمثيل الشعب، وحماية مصالحه الوطنية، والدفاع عن اهداف وثوابته ومرتكزات نضاله، وتمثيله امام المنابر العربية والاممية بمختلف منظماتها، وتمثيلها امام الدول في قارات الأرض، والتشبيك معها لتعزيز المصالح الفلسطينية، وتوطيد العلاقات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية معها، وأيضا بذات القدر مع المنظمات القارية المختلفة لتكريس الدور السياسي الفلسطيني.

وبدا للمستمع لذلك الاكاديمي، انه لم يدرك طبيعة العلاقة بين المنظمة والسلطة، اداتها وذراعها في الأراضي المحتلة عام 1967، ويشطب ويحذف ما يريد دون أي تدقيق، او تمحيص فيما ذهب اليه من مفاهيم لا تمت للواقع الوطني بصلة. ولهذا بودي ان ادعو المنابر الإعلامية والأكاديمية التربوية والثقافية التعريف اكثر فاكثر بدور ومكانة منظمة التحرير حتى لا يبقى بعض أبناء الشعب في حالة غياب او تغييب لضرورتها واولويتها في أوساط الشعب، وامام الاشقاء والاعداء ودول العالم ومنابره. المنظمة كانت وستبقى العنوان الأساسي لتمثيل الكل الفلسطيني بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم الفكرية والعقائدية والسياسية، واي كانت الخلافات الداخلية، فلن تؤثر على هذه الحقيقة. ولا تستطيع أي قوة سياسية الانتقاص من حق العضوية للقوى السياسية الفاعلة، ولكن وفق محددات المنظمة وبرامجها السياسية والتنظيمية، وليس وفق املاءات هذه القوى او تلك، او على كيفي او بحرد. المنظمة بيت الجميع الفلسطيني، وحاضنة كل فلسطيني دون انتقاص.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : تصاعد هجمات المستوطنين في الضفة

تصاعد هجمات المستوطنين في الضفة بقلم  :  سري  القدوة الأربعاء 17 نيسان / أبريل 2024. …