الرئيسية / الآراء والمقالات / بسام صالح : اكتوبر روما المُر

بسام صالح : اكتوبر روما المُر

بسام صالح

اكتوبر روما المُر 1982

بسام صالح

يوم 9 اكتوبر 1981 صادف الذكرى 41 لاغتيال الكاتب والاديب والمفكر الثائر القائد ماجد ابو شرار عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول الاعلام الفلسطيني الموحد في منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك على ايدي عملاء الاجرام من الموساد الاسرائيلي، حدث ذلك في قلب العاصمة الايطالية وفي احد فنادقها وشوارعها المشهورة، حيث قامت مجموعة من القتلة بوضع عبوة تحت سرير القائد الفلسطيني ماجد ابو شرار، اودت بحياته وهو لمن يتجاوز ال 45 من العمر. 

وبنفس اليوم من العام التالي 1982 حدث هجوم على المعبد اليهودي في روما، حيث قام كوماندوز فلسطيني بالقاء القنابل اليدوية واطلاق النار على جموع من المصليين اليهود وهم يخرجون من الكنس اليهودي، مما ادى الى جرح العديد منهم ومقتل الطفل ستيفانو غاي تاتشي. هذا الهجوم الذي ادانته القيادة الفلسطينية وعلى راسها الشهيد الرمز ابو عمار، لانه عملا يتنافى مع اخلاقيات واهداف الثورة الفلسطينية حتى وان جاء بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من لبنان بعد الغزو الاسرائيلي. 

وردا على الاحتفالات الرسمية، بمشاركة رئيس الجمهورية الايطالية، التي اقيمت لإحياء الذكرى الأربعين للهجوم على كنيس روما. وتركيز وسائل الاعلام الايطالية بكافة اشكالها فقط على هذا الحدث المأساوي، اقتبس بعضا مما كتبه الصحفي سيرجو كرارو Sergio Cararo رئيس تحرير الصحيفة الالكترونية Contropiano اعاد فيها السياق التاريخي لهذا الحدث:” لقد كان عملاً مقيتًا. إطلاق النار بدون تمييز على المجموع عند الخروج من اداء صلوات دينية مع قتل طفل يبعد سنوات ضوئية عن عمل عسكري للمقاومة، حتى لو كان ذلك – شرعيًا تمامًا – للشعب الفلسطيني”. ويضيف “لكن المقالات المنشورة والمتداولة حول هذا الحدث المأساوي أزالت تماما سياق ما حدث وهذا أمر غير مقبول من أي وجهة نظر. إن تحديد السياق أمر حاسم ، ليس لتبرير ما حدث ولكن لفهم جميع عوامل المعرفة الخاصة به و وتقديمها لحكم التاريخ “.

وللتذكير، جاء الهجوم على كنيس روما بعد أقل من شهر من المذابح التي تعرض لها الفلسطينيون في مخيمات اللاجئين في لبنان ، لا سيما مجزرة صبرا وشاتيلا على يد الكتائب اللبنانية بمسؤولية إسرائيلية علنية ومعترف بها ومعها حيث حاصرت القوات الاسرائيلية مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ضمن ما اسمته اسرائيل “سلام الجليل”. هناك أيضًا قامت اسرائيل بعمليات قُتلل للنساء والأطفال ، بشكل عشوائي ، بالمئات ، بإطلاق النار دون تمييز. لا يوجد تناسق مطلقًا في الرعب ولكن الحقيقة دائمًا مؤلمة وجارحة.

في روما أيضًا في الصباح الباكر يوم 17 يونيو 1982 ، مع بداية الغزو الاسرائيلي للبنان، جرت عملية اغتيال بشعة لنشطاء وكوادر فلسطينية. نزيه مطر 30 عامًا، الصحفي في جريدة “الانباء” حيث قام عملاء الموساد باطلاق النار عليه عن قرب تحت منزله في منطقة مونتساكرو. شمال شرق روما. وبنفس اليوم جرت عملية اغتيال كمال يوسف نائب مدير مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في روما وامين سر حركة فتح في ايطاليا، بوضع عبوة في سيارته انفجرت عند اشارة المرور واودت بحياته على بعد عشرات الامتار من منزله في منطقة ابيو لاتينو جنوبي روما.عمليتي الاغتيال التي قام بها مجرمي الموساد، وقعتا في روما فقط قبل أربعة أشهر تقريبا من الهجوم على الكنيس اليهودي في أكتوبر 1982، 

الموساد نفسه الذي اغتال في العام السابق، في 9كتوبر / تشرين الأول 1981 ، في فندق فلورا بروما، الزعيم الفلسطيني ماجد أبو شرار ، وقبله بتسع سنوات – 16 أكتوبر / تشرين الأول 1972 ، في روما – اغتال عملاء الموساد وبقرار من رئيسة الحكومة انذك غولدا مائير بالرصاص المفكر الفلسطيني وائل زعيتر وهو عائدا الى بيته في روما.

نحن ابناء فلسطين في ايطاليا واخوة واصدقاء لشهدائنا في روما، لا نعتب على رئيس الجمهورية وكبار المسوؤلين لقيامهم بالمشاركة في احياء الذكرى الاربعين لمقتل الطفل الايطالي من ابناء الطائفة اليهودية، فهذا واجبهم تجاه مواطنيهم، ولكن كنا نتمنى ان يتم الحديث ضمن السياق التاريخي للاحداث، وان يقوم القضاء الايطالي بالتحقيق بكل تلك الجرائم من اجل تحقيق العدالة لاهالي الضحايا، ودفاعا عن حرمة السيادة الايطالية على اراضها التي تم انتهاكها بكل وقاحة من الموساد وعملائه المحليين. اما وسائل الاعلام الايطالية وانحيازها الكامل- الا ما ندر – لاسرائيل سنواصل معركتنا المستمرة بالمطالبة بالموضوعية والابتعاد عن ازدواجية المعايير والمقاسات، في ما يتعلق بقضيتنا الفلسطينية وقضايا امتنا العربية . 

نقول ان التاريخ لا يمكن حصره بحادثة او حدث معين ونزعه عما يدور حوله من احداث فمعرفتنا الجيدة بالاحداث التاريخية بشموليتها تمكننا من اصدار الحكم على كل الدماء التي تم اراقتها في شوارع روما ضمن سياق النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الاستعماري الصهيوني. 

كثيرا ما طالبنا باعادة فتح التحقيق في قضية اغتيال الشهداء كمال يوسف ونزيه مطر، وقبلهم الشهيد القائد ماجد ابو شرار، ولا يكفينا القاء المسؤولية على اسرائيل وعملائها، فهولاء لهم اسم ولقب يجب البحث عنهم واحالتهم للمحاكمة. قتلة الشهيد وائل زعيتر تم تحديد هويتهم ويعيشون في احدى المستعمرات المقامة على ارضنا الفلسطينية ولكن القضاء الايطالي بقي عاجزا عن استجلابهم لايطاليا لمحاكمتهم.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية

حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية بقلم  :  سري  القدوة الخميس 28 آذار / مارس …