الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : مبادرة سيغال المرفوضة

عمر حلمي الغول يكتب : مبادرة سيغال المرفوضة

عمر حلمي الغول

مبادرة سيغال المرفوضة

عمر حلمي الغول

بالصدفة المحضة التقيت يوم الاحد الموافق الرابع من أيلول / سبتمبر الماضي بطرف احد القيادات السيدة سهير، التي تتعاون مع احد الشخصيات السياسية الاميركية من اتباع الديانة اليهودية، هو البرفيسور جيروم سيغال من جامعة ميريلاند، وعمل سابقا بالحكومة الأميركية في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، في العام 2018 أسس حزبا سياسيا يسمى “الخبز والزهور”، والرجل متابع ومطل على القضية الفلسطينية، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومنذ ثلاث سنوات وفق السيدة سهير، وهو يحاول تعويم مشروع مبادرة سياسية ل”تحريك عملية السلام”، وتفضلت باعطائي نسخة منها. وكنت انوي الكتابة عنها مباشرة، لاني بعدما قرأتها لمست انها بالون جديد، لا يحمل من المبادرة الا الاسم، وهذا ما ابلغته لها في مساء ذات اليوم، غير انها تمنت عليّ ان انتظر لما بعد عرض المبادرة. قبلت الفكرة واللقاء معه، وتقديمه لعدد من النخب الفلسطينية في معهد فلسطين لابحاث الامن القومي، بعدما اتفقت مع مدير المعهد، د نايف جراد، وفعلا تم اللقاء امس السبت الموافق العاشر من أيلول / سبتمبر الحالي، وعرض مبادرته طيلة ثلاثة ارباع الساعة.

باختصار شديد، أولا هو صاحب مشروع المبادرة، ويريد ان يسوقها باسم أبناء الشعب الفلسطيني، لماذا؟ وعلى أي أساس؟ وما هي خلفيته من ذلك؟ وهل تملك رصيدا اكبر، وقوة دفع اكثر من قرارات الشرعية الدولية التي تزيد عن 800 قرار، وعن المبادرات الفلسطينية والعربية السابقة؟ وأين هي قوة الاسناد الأممية لها، وترجمتها على الأرض؟ ام انها مطروحة لمجرد الطرح؟ بدا لي ان مشروع المبادرة في الجوهر يهدف الى إبقاء الشعب العربي الفلسطيني في حالة انتظار، ومنح الحكومة الإسرائيلية المزيد من الوقت لمواصلة الاستيطان الاستعماري، وجرائم الحرب، واستباحة مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني حتى يأت المخلص الإسرائيلي شبيه “رابين”ّ وفق ما ذكر المبادر! لا اعرف ان كان السيد سيغال يعلم ذلك ام لا؟ وفي المحصلة من خلال طرح المبادرة باسم الفلسطينيين يريد تحميلهم المسؤولية عن تبديد الزمن، والضياع في متاهة فلسفة الانتظار، حتى يجدوا شريكا إسرائيليا، ليس موجودا؛ ثانيا الشعب العربي الفلسطيني ليس بحاجة لاي كان ليعمل معلما عليه، ويقدم له مبادرات. لانه قدم خلال السنوات الماضية العديد من المبادرات السياسية. وهذا ما تجاهله البرفيسور سيغال، وكان اخر مبادرة طرحها الرئيس عباس في مجلس الامن في شباط / فبراير 2018بعد شروع الرئيس ترامب بتنفيذ صفقة القرن، ودعا لعقد مؤتمر دولي لتحقيق السلام وفق روزنامة زمنية محددة. فضلا عن مبادرة السلام العربية، وغيرها من المبادرات؛ ثالثا المبادرة لا تحمل من التحريك، الذي يريده موظف الحكومة الأميركية السابق سوى الاسم، واجراء الاستفتاء في أوساط الفلسطينيين والاسرائيليين، وهو يعلم، وهذا ما أكده اثناء مداخلته امس، ان الحكومة الإسرائيلية لن تسمح لاي لجنة دولية بدخول إسرائيل او أراضي السلطة الفلسطينية، ولن تسمح باجراء اية استفتاءات داخل دولة إسرائيل، كما اكد عدم وجود شريك إسرائيلي للسلام. ولا ادري كيف وعلى أي أساس سيعمل الاستفتاء في ظل هكذا معادلة؟ وهل الشعب الفلسطيني بحاجة للاستفتاء؟ والم يقترع الشعب الفلسطيني لخيار السلام مرات عدة، مع عودة القيادة ونشوء السلطة الفلسطينية، ومع اجراء الانتخابات التشريعية، ومع دعم قرارات الشرعية الوطنية في الوطن والشتات؟ ولماذا يتم فصل الشعب عن القيادة الفلسطينية؟ ما الهدف من ذلك؟

رابعا يقر مرشح الرئاسة الأميركي القادم، ان مرحلة أوسلو انتهت، وطويت صفحتها، وبالتالي لملىء الفراغ، تملي الضرورة تقديم مبادرة سياسية جديدة. ونسي الرجل ان المبادرة التي يعمل عليها، لا رصيد لها. ولا تملك قوة الدفع المطلوبة، وهي مجرد دعوى في الهواء. نعم انتهت أوسلو، ودفنت منذ تولى نتنياهو اول حكومة عام 1996، ومع ذلك بقي العالم وخاصة الولايات المتحدة وباقي اقطاب الرباعية الدولية يتمسكون باهدابها. لكن دون جدوى.

نعم الان مطلوب من الشعب العربي الفلسطيني طرح السؤال على نفسه، وقد تم طرحه في العديد من دورات المجلس المركزي، ماذا بعد؟ وكيف ننهض بالقضية الوطنية، ونعيد الاعتبار لها؟ وكيف نفعل عملية السلام؟ واتخذ المجلسين الوطني والمركزي في الدورات الأخيرة سلسلة من القرارات بانتظار الترجمة على الأرض. لانها تحمل في طياتها مخرجات وطنية قابلة للتطبيق، وتستجيب لطموحات الشعب ومصالحه العليا.

ذكر البرفيسور سيغال الكثير من المواقف التي تحتاج للتصويب والرد. لكن في هذه العجالة اكتف بما قدمت. وادعو كل أبناء شعبنا الذين يمكن ان تعرض عليهم المبادرة، ان لا يوقعوا عليها. لانها لا تعبر، ولا تعكس مصالح الشعب العربي الفلسطيني.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : 200 يوم من العدوان : حرب الإبادة الإسرائيلية تتواصل

200 يوم من العدوان : حرب الإبادة الإسرائيلية تتواصل بقلم  :  سري  القدوة الخميس 25 …