الرئيسية / الآراء والمقالات / عمر حلمي الغول يكتب : لنقطع الصلة مع أوسلو

عمر حلمي الغول يكتب : لنقطع الصلة مع أوسلو

عمر حلمي الغول

لنقطع الصلة مع أوسلو

عمر حلمي الغول

يصادف يوم الثلاثاء القادم الموافق 29 أيلول / سبتمبر الذكرى ال29 للتوقيع على اتفاقية أوسلو في البيت الأبيض، وهي ذكرى اليمة وحزينة، لم تحمل بالتجربة المرة والعقيمة أي افق للسلام الممكن والمقبول، وكان الرهان عليها للأسف خطيئة كبرى، ولم يكن الشعب الفلسطيني بحاجة لكيانية فلسطينية لا رصيد لها في الواقع العملي. كما ان الثمن الذي دفعه الشعب والمنظمة والثورة غاليا جدا، أولا الاعتراف بوجود دولة التطهير العرقي الإسرائيلية دون مقابل. لان الاعتراف بمنظمة التحرير لم يكن معادلا مناسبا من حيث المبدأ. كما لم يغير من الية تعامل إسرائيل والولايات المتحدة معها كممثل شرعي ووحيد الا وفق مصالحهم، وللتوقيع على صكوك آلت بالمحصلة بنتائج عكسية ومتناقضة مع مصالح الشعب العليا؛ ثانيا استباحت إسرائيل كل الأرض الفلسطينية، ولم توقف مصادرة وتهويد ونهب الأراضي. وواصلت عمليات الاستيطان الاستعماري دون توقف، ولم تلتزم ببعض البنود المتواضعة ذات الصلة بمصالح الشعب الفلسطيني؛ ثالثا صعدت (إسرائيل) من انتهاكاتها وجرائم حربها ضد أبناء الشعب في كل بقعة ضوء فلسطينية، ودمرت بشكل منهجي كل ملمح وطني يعكس بصيص امل في تعزيز السيادة الفلسطينية، ورفضت التقيد بانهاء المرحلة الانتقالية، الواجبة في أيار / مايو 1999، ومازالت القيادة الشرعية تنتظر طيلة العقود الثلاثة الماضية انتهاء تلك المرحلة المشؤومة؛ رابعا كرست إسرائيل الفاشية حق تقرير المصير لليهود الصهاينة فقط في كل الأرض الفلسطينية، ورفضت الإقرار بحق الشعب الفلسطيني بحقه في دولته المستقلة، رغم انه صاحب الأرض والهوية والتاريخ الاصلاني، ورغم كل التنازلات التاريخية التي قدمتها منظمة التحرير. وصادقت (إسرائيل) على العشرات من القرارات والقوانين العنصرية والفاشية والمؤصلة للكراهية والحقد والتطهير العرقي؛ خامسا كان من مصائب أوسلو التاريخية تركها الملفات الأساسية الستة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون حسم. وكان قبولها بتمزيق وحدة الأرض الفلسطينية الى مناطق الف وباء وجيم من الخطايا الفظيعة، التي لا يمكن غفرانها…. الخ

نعم كانت العوامل الموضوعية المحيطة بالثورة الفلسطينية في دول الطوق خصوصا، والعالم العربي عموما غاية في التعقيد، وشكلت ضغوطا غير مسبوقة على قيادة منظمة التحرير، فضلا عن حدوث تحولات دراماتيكية في معسكر حركة التحرر العالمية والعربية، وانهيار الاتحاد السوفييتي ومنظومته الاشتراكية، وانكفاء واضمحلال دور حركة التحرر العربية، وتفرد الولايات المتحدة بقيادة العالم، وتسييدها على الشرعية الدولية، وانهيار المنظومة العربية الرسمية مع انقسام جامعة الدول العربية في اعقاب احتلال العراق لدولة الكويت عام 1990، وما اعقب ذلك من تدهور في العلاقات البينية الفلسطينية العربية، وتم تجفيف أموال الدعم، وفرض الحصار والحروب على الثورة ومخيماتها في لبنان من قبل الاشقاء، وتتالت الحصارات على القيادة لدرجة ان احدى القمم العربية كادت ان لا تذكر في بيانها الختامي القضية الفلسطينية، مجرد ذكر استجابة لاملاءات الإدارة الأميركية انذاك.

الف عامل وعامل موضوعي وذاتي كانت سيوفا وسهاما من الداخل ومن الخارج موجهة لصدر وعقل الثورة، ولولا الانتفاضة الكبرى 1987 / 1993 لتمكن اهل النظام العربي المتورط مع الغرب الراسمالي من اعدام وتصفية القضية الوطنية انذاك. باختصار، لم يكن الذهاب لمدريد واوسلو رغبة فلسطينية، وانما نتاج سلسلة من الضغوط. غير ان هذا الإقرار لا يعفي من فاوض من الفلسطينيين من مسؤولياته السياسية والقانونية. لانه ارتكب الخطايا المذكورة وغيرها.    

وانطلاقا مما تقدم، حرصت قيادة المنظمة بعد مرور ما يزيد عن العقدين من اصلاح ومعالجة بعض مفاصل الخلل مع اتخاذها سلسلة من القرارات الشجاعة في الدورات ال27 و28 و29 والدورة ال23 للمجلسين الوطني والمركزي. بيد ان تلك القرارات مازالت تنتظر حتى الان ترجمتها على الأرض، ولم يتم قطع الصلة مع أوسلو بقضها وقضيضها. وعليه فان الضرورة الوطنية تحتم على الهيئات القيادية التي اتخذت القرارات المذكورة العمل فورا على سحب الاعتراف بإسرائيل من أساسه، ووقف كل اشكال التنسيق الأمني وغير الأمني مع دولة الإرهاب المنظم، وتصعيد المقاومة بكل اشكالها الشعبية والسياسية والديبلوماسية وصولا للعصيان المدني الشامل، وعدم الاستماع للاراء المتساوقة مع دولة المشروع الصهيوني، الرافضة لخيار السلام من حيث المبدأ، والتي لا تقبل القسمة على قرارات الشرعية الدولية، وتواصل مضاعفة الايغال والتغول في سياسة البطش والتنكيل والقتل والاعتقال والنسف والتدمير والتزوير لنهب العقارات في القدس، وتضاعف من انتهاكاتها في حقل التطهير العرقي في احياء القدس الستة جميعها، وليس فقط في الشيخ جراح، او سلوان، والحروب على قطاع غزة وجنين ونابلس ومخيماتها والخليل ومسافرها ومخيماتها، وحماية الانقلاب والانقسام والتمزق الداخلي الفلسطيني، ونهب أموال الشعب تحت ذرائع واهية وكاذبة، ولا تسقيم مع كفاح الشعب الفلسطيني، ومحالاوت الابتزاز الرخيص والجبان للمنهاج التربوي في القدس وفي عموم الوطن الفلسطيني.

ان شاءت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إعادة الاعتبار لذاتها ولمكانتها، وللقضية الوطنية، عليها ان تشمر عن سواعدها وتمضي قدما في تنفيذ القرارات المتراكمة داخل أروقة هيئاتها المركزية، والانفكاك من أوسلو وتبعاتها ومصائبها، والعمل على خلط كل الأوراق السياسية في فلسطين التاريخية بما يستجيب ومصالح الشعب العليا لحماية القضية والمشروع الوطني والنظام السياسي التعددي من التبديد والضياع. لان إسرائيل ومن خلفها اميركا لا تعرف غير لغة القوة والمقاومة، ولن تستجيب للسلام الا تحت ضغط الفعل والقوة الوطنية الفلسطينية، والعمل بسرعة فائقة لطي صفحة الانقلاب وإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

د جمال ابو نحل يكتب : أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام

أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام من عاش لشعبه، ولِوطنه عاش كبيرً، …