الرئيسية / الآراء والمقالات / علي ابو حبلة يكتب : صندوق النقد الدولي وسياسة إشعال الحرائق

علي ابو حبلة يكتب : صندوق النقد الدولي وسياسة إشعال الحرائق

رئيس تحرير افاق الفلسطينيه
رئيس تحرير افاق الفلسطينيه

صندوق النقد الدولي وسياسة إشعال الحرائق

المحامي علي ابوحبله 

في ختام زيارة وفد صندوق النقد الدولي إلى فلسطين، أوصى أن السلطة الفلسطينية في حاجة إلى إجراء إصلاحات في الإنفاق تتمحور حول فاتورة الأجور وصافي الإقراض وإصلاح قطاع الصحة , ودعا إلى الاستمرار في مواصلة توسيع القاعدة الضريبية، وإجراء إصلاحات هيكلية لتحسين بيئة الأعمال.واستمعت البعثة إلى تفاصيل خطة حكومية مرتقبة لتنفيذ التقاعد الطوعي والقشري في الوظيفة العمومية خلال الشهور القليلة القادمة.وقال الصندوق: “السلطة الفلسطينية تتحمل فاتورة أجور مرتفعة في القطاع العام وتنفق جزءا كبيرا من ميزانيتها في غزة والقدس الشرقية، ولكنها لا تحقق أي إيرادات تقريبا في هاتين المنطقتين”. وسيتطلب التغلب على هذه التحديات تنفيذ إصلاحات طموحة على مدار عدة أعوام والتعاون الوثيق بين السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل والمانحين. وأشاد الصندوق في احتواء عجز المالية العامة؛ فقد تراجع عجز المالية العامة إلى 5.2% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021 وإلى 0.4% من إجمالي الناتج المحلي في النصف الأول من 2022.

وفي المرحلة القادمة، تتوقع البعثة زيادة العجز في النصف الثاني من العام ليصل إلى 3.5% من إجمالي الناتج المحلي في نهاية عام 2022.  

المتتبع لتوصيات صندوق النقد الدولي يجد أن الصندوق بدلا من أن يوصي بضرورة الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل والتحلل من اتفاق باريس الاقتصادي وصولا إلى الاستقلال الاقتصادي لدولة فلسطين يطالب بالتعاون الوثيق بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الصهيوني وبدلا من مراعاة المعاناة التي يعاني منها غالبية الفلسطينيين بفعل تبعية الاقتصاد الفلسطيني ودورانه في فلك الاقتصاد الإسرائيلي وعدم مراعاة الفارق في مستوى المعيشة بين الفلسطيني والإسرائيلي إن لجهة تقاضي الأجور أو الخدمات نجد أن هناك فارق كبير في مستوى الحياة المعيشية حيث نجد أن مستوى خط الفقر في إسرائيل لمن يتقاضى سبعة آلاف شيقل بين متوسط الراتب الذي يتقاضاه الفلسطيني لا يتجاوز 1800 شيقل وهنا لا بد وان تستوقفنا دعوة وفد صندوق النقد الدولي الى الاستمرار في توسيع القاعده الضريبيه والتي من شانها أن ترهق المكلف الفلسطيني حيث غالبية الفلسطينيين يعيشون حياة التقشف والكفاف   

وفي تقرير سابق لصندوق النقد الدولي “ارتفع الدين العام (بما في ذلك المتأخرات) من 34.5٪ من إجمالي الناتج المحلي في العام 2019 إلى 49.3٪ من إجمالي الناتج المحلي في العام 2021”. وأشار إلى أن “التحديات المالية هي تحديات هيكلية إلى حد كبير في طبيعتها”، مضيفاً: “في ظل سياسات غير متغيرة، فإن الآفاق الاقتصادية رهيبة مع الديون على مسار غير مستدام والانخفاض المتوقع لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي”.

وتابع: “يأتي ذلك على خلفية ارتفاع معدلات البطالة والفقر بشكل مستمر، لا سيما في غزة”. وهذا هو التقرير الأول الذي يقدمه صندوق النقد الدولي إلى اجتماعات لجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة منذ أيلول 2018.

واعتبر صندوق النقد الدولي أن “التغلب على هذه التحديات سيتطلب إصلاحات تحولية بجهود مطلوبة من السلطة الفلسطينية وإسرائيل ومجتمع المانحين”. وقال بهذا الشأن: “تحتاج السلطة الفلسطينية إلى تنفيذ إصلاح للإنفاق يتركز على فاتورة الأجور، والإحالات الصحية، وتحويلات المعاشات التقاعدية وصافي الإقراض، وزيادة الإيرادات الضريبية، وإجراء إصلاح هيكلي”.

وأضاف: “بالعمل معاً ستحتاج حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى حل التسريبات المالية، لزيادة الإيرادات وتقليل العوائق أمام حركة البضائع والأشخاص لإطلاق العنان لإمكانات نمو الاقتصاد”. وتابع: “وفي غضون ذلك، ستساعد زيادة تدفقات المانحين في تخفيف العبء عن السكان أثناء انتقال الاقتصاد إلى قاعدة أكثر استدامة”.

وأشار صندوق النقد الدولي إلى أنه “من شأن بذل جهد شامل ومشترك أن يعزز استقرار الاقتصاد الكلي، ويمهد الطريق لنمو اقتصادي أسرع، وخلق فرص عمل وتخفيف حدة الفقر”. ولفت صندوق النقد الدولي إلى أن “الاقتصاد الفلسطيني تضرر بشدة من الصدمات المتكررة”.

كما لفت صندوق النقد الدولي إلى أن التضخم ظل ضعيفاً. وقال: “ظل معدل البطالة مرتفعاً بعناد وتفاقم الفقر، وعانت غزة بشكل غير متناسب. ففي نهاية العام 2021، بلغ معدل البطالة 24٪، وتحسن إلى 13% في الضفة الغربية، لكنه ظل مرتفعا للغاية في غزة، بنسبة 45 في المائة، ما يعكس صراع عام 2021 والقيود الحالية على حركة الأشخاص والبضائع”. وأضاف صندوق النقد الدولي: “إن البطالة العالية للغاية في غزة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالفقر المرتفع والمتزايد، حيث يقدر البنك الدولي أن ما يقرب من 60 في المائة من سكان غزة يعيشون تحت خط الفقر”.

هذا التناقض في التقرير يكشف أن صندوق النقد الدولي الذي يتجاهل واقع الاحتلال وسياسته وممارساته مما يثقل على كاهل الاقتصاد والمواطن الفلسطيني ولا أحد ينكر عملية الاصلاح في العديد من الجوانب وتضخم المصاريف وفاتورة الرواتب وحالات الفساد المستشري لكن في الجانب الاخر فان الاحتلال هو المسبب الرئيس في حالة التراجع الاقتصادي للقيود والممارسات التي تحول دون تحقيق التنمية المستدامة للاقتصاد الفلسطيني والذي لم يتحقق إلا بالانفكاك عن التبعية للاقتصاد الإسرائيلي وهذه التي يجب أن تكون ضمن أولى التوصيات لصندوق النقد الدولي  

الصندوق لا يتبنى مواقف سياسية معلنة إلا أن الأكيد أنه يمثل الذراع المالية للمنظومة الاقتصادية الرأسمالية التي تقودها الولايات المتحدة ، والمعروف أنّ “النصائح” التي يقدّمها صندوق النقد الدولي للبلدان التي تطلب رضاه لا تخرج عن وصفة جاهزة تتضمّن جملة من الشروط التي صيغت في صورة خدمات، وتقوم أساسا على تحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن المواد الأساسية، وفي مقدمها المواد الغذائية والمحروقات. وتقليص الميزانيات المرصودة لشبكات الأمان الاجتماعي المتعلقة بالفئات المهمّشة والأكثر فقرا والتوجه نحو خيار خصخصة مؤسسات القطاع العام في مجالات الصحة والنقل، وصولا إلى إعادة هيكلة قطاع الوظيفة العمومية، أي خفض الرواتب أو تجميدها مهما أصبحت نسبة التضخّم، إضافة إلى إعادة النظر في المعاشات التقاعدية تمهيدا لإلغائها أو على الأقل تجميدها.

لم تكن هذه الوصفة لتتغير إلا ببعض التفاصيل القليلة بحسب البلدان التي تطلب مساعدة الصندوق، وغالبا ما تفضي محاولة تطبيق وصاياه إلى أزمات اجتماعية حادّة تعقبها انتفاضات في الشارع الشعبي..

سياسة القروض المتتالية التي يتبعها صندوق النقد الدولي هي الأسلوب الأمثل لضمان التبعية الدائمة ، رغم أن الصندوق لا يتبنّى مواقف سياسية معلنة، إلا أن الأكيد أنه يمثل الذراع المالية للمنظومة الاقتصادية الرأسمالية التي تقودها الولايات المتحدة، وهي، بكل تأكيد، لا تفصل بين السياسة والاقتصاد، ولهذا كانت الدول التي تحظى بأولوية القروض من منظومة البنك الدولي وصندوق النقد هي المنخرطة ضمن الدائرة الأميركية، والأهم أن تكون ذات أنظمة ممتثلة للخيارات الرأسمالية الدولية. ولهذا لا تجد ضمن شروط منظومة البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي فرض الحريات أو الدفاع عن حقوق الإنسان، بل هي تخيّر التعامل مع أنظمة الاستبداد والحكم الفردي، لأن هذه تبدو أكثر قدرة على الإيفاء بالالتزامات واتخاذ إجراءات قاسية. 

تدرك هذه المؤسسات المالية الدولية أنها تقوم بدور أساسي في ضبط سياسات الدول النامية، وإذا أخذنا بالاعتبار غياب الشفافية وانعدام الحوكمة الرشيدة عن هذه الدول، ندرك أنّ سياسة القروض المتتالية هي الأسلوب الأمثل لضمان التبعية الدائمة، حيث يصبح الخيار الدائم لدى كثير من الأنظمة الحاكمة هو التورّط في مزيد الاقتراض وإثقال كاهل ميزان مدفوعات البلاد أو فتح المجال أمام اضطرابات اجتماعية واسعة، هي أساسا ناتجة عن المديونية وشروط صندوق النقد، ولتستمر الحلقة المفرغة بين قروض تؤدّي إلى فوضى وانهيار أنظمة ثم محاولة إصلاح الأزمة الاقتصادية عبر قروض جديدة، هي بدورها لن تفضي إلا إلى أزماتٍ جديدةٍ في انتظار حصول معجزة تعد بها الأنظمة الشعوب، وهي تدرك أنها لن تحصل أبدا. ووفق ذلك نجد ان سياسات الصندوق وتوصياتها لا تتعدى عن سياسة اشعال الحرائق

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

د عبد الرحيم جاموس يكتب : لا يرحلون ..!

لا يرحلون ..! بقلم د. عبدالرحيم جاموس  الشعراءُ يذهبونُ او يرحلون.. كما يرحلُ الثوارُ دون …